ذكر المرحوم المجاهد بكاي عبد الله المدعو سي بن أحمد مكتوبة بخط يده في ملخص تركه من بعد وفاته يروي فيه وقائع اندلاع الثورة المسلحة و التحضير لها بمدينة الغزوات و ضواحيها، و ذكر أسماء المناضلين الأوائل الذين خططوا لتلك الليلة التاريخية، ليلة 1 نوفمبر 1954..
“الليلة التي اندلعت فيها الثورة المسلحة الجزائرية في مختلف مناطق البلاد، و قام الثوار بتخريب العديد من ممتلكات المستعمرين و كسر الأعمدة الكهربائية وأعمدة الهاتف التي تربط بين المدن الكبرى.
في مدينة الغزوات أول جماعة شاركت في اندلاع الثورة المسلحة كانت تتكون من حوالي 30 مجاهد اذكر بعض الأسماء التي ما زلت أتذكرها.
طالب عبد الوهاب- بكاي عبد الله سي بن أحمد- بعوش محمد سي الطاهر- مستغانمي أحمد سي راشيد- بن سعيد محمد- السايح الميسوم الحنصالي- براق أحمد- درويش محمد – موفق محمد- موفق بزيان- السايح صالح- عبد القادر من دوار العنابرة- حمدون بن سليمان- حمدون عكاشة- و آخرين..
هِؤلاء المذكورة أسماءهم كانوا من رجال التحضير للثورة المسلحة بالناحية الثانية الولاية الخامسة..الناحية الثانية كانت ترأسها قسمة مدينة الغزوات و هي مسيردة لفاقة و تحاتة ناحية ترارة، ناحية جبالة، أولاد براشد، ناحية فلاوسن.
لما وقع الخلاف في صفوف الحركة النضالية سنة 1953 انقسم الحزب إلى حياديين و مساليين، وكانت الأغلبية هم الذين أيدوا مسالي الحاج والأقلية المتبقية الذين فضلوا الحياد و أصبحوا يدعون الحياديون، فهم الجماعة الذين حضروا و خططوا للقيام بالثور سنة 1954 على رأس الجبهة في منطقة غزوات مع الأخ عبد الحفيظ بوصوف و الاخ العربي بن مهيدي..تبين للجماعة أن الطريق الوحيد للوصول الي تحرير الجزائر هو اللزوم بمحاربة الأستعمار بالسلاح لا غير.
كانت الموافقة على ذلك في الوقت الذي اجتمعنا مع عبد الحفيظ بوصوف و وضح لنا المعالم المؤدية إلى طريق الكفاح المسلح و كان عدد المناضلين الذين حضروا في هذا الاجتماع 14 و هم كالتالي:مستغانمي أحمد المدعوسي راشيد- بعوش محمد المدعو سي الطاهر – السايح الميسوم المدعو الحنصالي.بكاي عبد الله المدعو بن أحمد- براق محمد- سعيد محمد- الطالب عبد الوهاب- لامين أعمر بل أحسن- شريف العجرودي- ازماني سي لخضر(وهؤلاء كلهم من مدينة الغزوات)..
كان هدفنا استرجاع المناضلين الذين تمسكوا بالبقاء في حزب مسالي الحاج إلى الحركة الثورية..لما وقع الخلاف في صفوف الحركة النضالية و بعد مرور شهر، زارنا الأخ بوصوف عبد الحفيظ و أخبرنا أن حزب ميسالي قد خان الوعد وهدم كل ما بنيناه، و طلب منا البقاء في الحياد إلى أن يحين الوقت الموعود و التزمنا بأوامر الأخ بوصوف نحن جماعة قسمة الغزوات القليل عددنا آنذاك.حمدون محمد- بعوش محمد- طالب عبد الوهاب- براق محمد- بكاي عبد الله- مستغانمي أحمد- سايح ميسوم.
في شهر جوان 1954 عاد إلينا الأخ بوصوف برفقة الأخ العربي بن مهيدي ليخبرنا هذه المرة بميلاد حزب جديد يدعى جبهة التحرير الوطني، للقيام بالثورة فبالقوة نضرب القوة.
وفي شهر أوت 1954 زارنا الأخ بوصوف مرة أخرى و كانت زيارة مراقبة و تفقد، تعجب الأخ بوصوف و اندهش لتضاعف عدد المناضلين مما ألزمه أن يكرر و يكثر من الزيارات لمدينة الغزوات ليقوم بتدريب المناضلين على كيفية استعمال الأسلحة، و الإشراف على تعليمهم كيفية صنع البارود والقنابل التقليدية. و فعلا نجحت عملية التدريب”
كانت بداية الثورة بمشاركة 1200مجاهد على المستوى الوطني بحوزتهم 400 قطعة سلاح وبضعة قنابل تقليدية فقط. وكانت الهجومات تستهدف مراكز الدرك والثكنات العسكرية ومخازن الأسلحة ومصالح استراتيجية أخرى، بالإضافة إلى الممتلكات التي استحوذ عليها الكولون.. شملت هجومات المجاهدين عدة مناطق من الوطن ، وقد استهدفت عدة مدن وقرى عبر المناطق الخمس : باتنة، أريس، خنشلة وبسكرة في المنطقة الأولى، قسنطينة وسمندو بالمنطقة الثانية، العزازقة وتيغزيرت وبرج منايل وذراع الميزان بالمنطقة الثالثة. أما في المنطقة الرابعة فقد مست كلا من الجزائر وبوفاريك والبليدة، بينما كانت سيدي علي وزهانة ووهران على موعد مع اندلاع الثورة في المنطقة الخامسة.
وباعتراف السلطات الإستعمارية، فإن حصيلة العمليات المسلحة ضد المصالح الفرنسية عبر كل مناطق الجزائر ليلة أول نوفمبر 1954، قد بلغت ثلاثين عملية خلفت مقتل 10 أوروبايين وعملاء وجرح 23 منهم وخسائر مادية تقدر بالمئات من الملايين من الفرنكات الفرنسية. أما الثورة فقد فقدت في مرحلتها الأولى خيرة أبنائها الذين سقطوا في ميدان الشرف، من أمثال بن عبد المالك رمضان وقرين بلقاسم وباجي مختار وديدوش مراد وغيرهم.
شاركنا رأيك في “الفاتح من نوفمبر” نقطة تحول الجزائر..أحداث و وقائع لن تمحى من الذاكرة