جولة بـ 14 صورة في جنة العارف… تفاصيل مذهلة من التصميم والتنوع

في قلب مدينة مستغانم، تنشر جنة العارف رونقًا خاصًا من الأصالة والثقافة. إنها المقر الرسمي للمؤسسة المتوسطية للتنمية المستدامة، وقد أُنشِئت في عام 2004 بهدف العمل على الحفاظ على البيئة والتنوع البيئي. تقع جنة العارف على طريق غليزان في الناحية الجنوبية لمدينة مستغانم.

تأتي هذه الحديقة مصممة على طراز الأندلس تحت إشراف الطريقة العلوية ورئيسها الشيخ خالد بن تونس. تجسِّد تصميماتها روح القرون الوسطى حيث هاجر المسلمون القرطبيون إلى المدينة وأسسوا حضارتهم بها. يشهد التصميم الأندلسي للقصور والحدائق على تلك الفترة التاريخية، ويشكل جسرًا زمنيًا بين الماضي والحاضر.

إن جنة العارف تجسِّد مزيجًا مثيرًا من الأصالة والحداثة. تتضمن حدائقها ستة أقسام، بما في ذلك المتحف المتوسطي، وغرفة الأرشيف، وغرفة الصناعة والحرف، ورياض مستغانم، ومسرح هواء طلق، ومدرسة الفنون الأندلسية القرطبية، وفندق.

تشيد هذه المكان بالثقافة الصوفية في تصميمها وإدارتها، حيث تجمع بين رموز الكون من الماء والبحر والألوان المتنوعة لتمثل السلام والأرض والنباتات والطبيعة والليل والنهار. يُصمم مدخل الحديقة على شكل حلزون، رمزًا لرحلة الإنسان الكونية قبل عودته إلى الله. يرتكز هذا التصميم على عقليتين، العقل والعزيزة، تُرمز لهما بنجمتين على جانبي الطريق الرئيسي للحديقة. يُشجع الإنسان على العودة إلى الله على طول هذا المسار.

الأبواب والأقواس في الحديقة ترمز أيضًا إلى الصوفية ومسارات التقدم الروحي. يُعبر الزائرون أبوابًا تمثل الرجاء والتسامح قبل أن يصلوا إلى باب الإحسان، الذي يعيد إلى مركز الحلقة المركزية.

بعيدًا عن هذه الأبواب، نجد مسلة تحمل كراتٍ متعددة ترمز إلى التأثيرات العولمية وتأثيرها على هوياتنا وثقافاتنا.

تُضم جنة العارف مركزًا للأرشيف يحتوي على وثائق تعود إلى القرن التاسع، تُسجِّل تأثير ثقافات شعوب البحر الأبيض المتوسط على مدى قرن كامل. تحتضن الحديقة أيضًا أنواعًا نادرة من النباتات والأشجار، مثل المورينقا ونبتة الأرقان، وتخصص منطقة لتربية مختلف الحيوانات، بما في ذلك الأحصنة والنحل والبط.

على الرغم من أن جنة العارف كانت في السابق مفتوحة للزيارات العائلية في أيام السبت والجمعة، إلا أنه تم إغلاقها أمام الجمهور بسبب الاعتداءات على المكونات البيئية للحديقة واستهتار الزوار. حاليًا، تفتح الحديقة أبوابها فقط للزيارات المنظمة بمواعيد مسبقة، وتبقى مركزًا للإيكولوجيا والبيئة ومنصة علمية تستضيف الندوات والمؤتمرات.

جنة العارف هي أيضًا متابعة للطريقة العلوية والزاوية العلوية في مدينة تجديت. يحتضن ضريح الشيخ أحمد بن مصطفى العلوي والشيخ عدة بن تونس والشيخ المهدي بن تونس في هذه الزاوية. تجتمع فيها حلقات الذكر وتقسم إلى أقسام خاصة للنساء والرجال، وهي مفتوحة أيضًا للزيارات.

أثناء زيارتنا إلى هذا المكان الرائع، أغتنم الفرصة للتعرف على أجزاء الزاوية ومقسماتها وأيضًا لنفي بعض الأكاذيب التي نُشرت حول الشيخ وطريقته الصوفية، بما في ذلك العلاقة المزعومة بينه وبين حادثة الاغتيال التي تعرض لها الإمام ابن باديس. يُظهر هذا اللقاء أن ابن باديس التقى بالشيخ وأثنى عليه، ويتوجد وثيقة مكتوبة تشهد لهما في هذا السياق.