تأسست عام 65 ميلادي… تعرف على أقدم جامعة في شمال افريقيا

تأسست عام 65 ميلادي… تعرف على أقدم جامعة في شمال افريقيا

مادور هي تلك المدينة الأثرية الواقعة على بعد 40 كلم جنوب مدينة “طاغست” سوق أهراس والمتربعة على 109 هكتارات 25 هكتارا منها آثار ظاهرة و7,5 هكتار أخرى كانت محل حفريات في القرن الماضي فيما لا تزال المتبقية تحت الأرض مغمورة. فمادور هي كذلك تلك المدينة التي كانت متواجدة في فترة الملك “سيفاكس” لتصبح بعد ذلك تحت حكم الملك “ماسينيسا” في القرن الثالث قبل الميلاد وعند توغل الرومان إلى شمال إفريقيا أسسوا مستعمرة “مادور” لقدامى الحرب ما بين سنة 69 و75 ميلادي وذلك في فترة حكم الإمبراطور “فاسباسيان”.

أول نص روائي بتاريخ البشريه للمؤلف النوميدي – الجزائري -: ابوليوس من مواليد سوق اهراس

 

لا تزال المدينة الأثرية “مادور” بولاية سوق أهراس، والتي تتوسط أراضي زراعية خصبة وتتوفر على مياه جوفية وسطحية غزيرة صامدة وبكل افتخار تصارع عوامل الزمن ،لتشهد على تعاقب ثري لعديد الحضارات بهذه المنطقة في مقدمتها الحضارة النوميدية.

وتكثر بهذه المدينة الأثرية شواهد أثرية منها مطاحن الحبوب ومعاصر زيت الزيتون بصفة ملفتة ،وهي المنطقة التي عرفت ازدهارا ونموا في زراعة الحبوب والزيتون حسب ما ورد في عديد الأبحاث وحسب مديرية المواقع الأثرية بالولاية.

كانت هذه المدينة ، المكتظة بالممتلكات الثرية ، مشهورة بجامعتها ، وهي واحدة من الأوائل – مع قرطاج – في القارة الأفريقية والرعاية الثقافية لسكانها. وقد اجتذب هذا حشدًا جامعًا من رجال الحروف والفلاسفة والنحويين والرياضيين والخطباء . وهكذا ، فإنهi Apuleius ، الذي يعتبر مؤلف الرواية الأولى (The Golden Donkey) ، ولد حوالي 123. في العصر الروماني ، كان Madaure يتردد عليه الطلاب خاصة لجامعته المشهورة بتخصصه. في الفلسفة. ومن بينهم الفيلسوف وعالم اللاهوت القديس أوغسطين الذي أطلق عليه أيضًا “أوغسطين فرس النهر” الذي درس هناك من سن 15 عامًا

تعد هذه البقعة الأثرية ذات تاريخ تمنح زوارها تنوعا سياحيا كبيرا يعود بهم إلى غابر الأزمان أين كانت عاصمة لأول جامعة رومانية في افريقيا، يلتقي بها الطلبة من شتى أنحاء المعمورة، فهي تمثل منذ نشأتها قطبا للإشعاع العلمي إلى أن غزاها البيزنطيون عام 534 م، حيث عملوا على تغيير نسيجها العمراني من خلال تشييد القلعة البيزنطية على جزء من الساحة العمومية الفوروم- لتبقى رغم مرور السنين تفتخر بولادة وترعرع ابوليوس المادوري أول روائي على الأرض.

كما تشترك بيوت مادور إضافة إلى هندستها الموحدة في معاصر الزيتون ومطاحن الحبوب، ما يؤكد أنها عرفت ازدهارا في الزراعة، فمازالت تحتفظ بكنوزها المغمورة تحت الأرض، والتي تتمثل في حمامين ومعابد وثنية وثلاث كنائس وقبور كان يدفن فيها سكانها آخذة منها طابعا قدسيا مرموقا فضلا عن قلعة بازيلية وأصغر مسرح شيد بالمعرفة المتداولة في ذلك العهد وهي السيسترز، وعلى مقربة من الكنيسة تقع الحمامات الكبرى وفي الجانب الاخر من الكاردو تظهر دار القضاء المسيحية الثانية الصغيرة وبها عدد من المدرجات قبل الوصول الى مفترق الطرق امام منشاة كبيرة تحتوي على معصرة وحمامات وقاعات عديدة كما يمكن رؤية معلم ضخم على بعد أمتار وهذا المعلم عبارة عن ضريح مادور، وغير بعيد نجد معلما ضخما تمثل في القلعة البيزنطية والتي تحتوي على اصغر مسرح في العالم الروماني، ان كل قطعة من جغرافية مادور تدعو زائرها للتوقف والتامل في روعة جمالها ودقة تصميمها والعودة الى روائعها الساحرة عبر مراحل الزمن .

 

تطفو أسماء العباقرة ومشاهير الأدب و النحو والعلوم و الأبطال بمجرّد ذكر اسم «مادور» التي يحملنا الفضول عند تصفح أوراق ماضيها المعرفي والعلمي إلى معرفة المكان الذي ساهم في إنجاب وتكوين شخصيات كأبليوس، الأديب والفيلسوف الأمازيغي النوميدي الذي كان يطلق على نفسه «آبوليوس المادوري الأفلاطوني» و الذي يعد صاحب أول رواية في التاريخ و الموسومة «الحمار الذهبي» أو «التحولات»، وكذا اسم النحوي و صديق القديس أوغستين، «ماكسيم» و عالم الفلك و الكاتب «مارتيانوس كابيلا « و غيرها من الأسماء التي جاء ذكرها في الكتب التاريخية و التي تبعث على الفخر، و يؤكد الباحثون بأن الفضل يعود لمدارسها التي استقطبت المتعطشين للعلم و المعرفة من كل الأقطار و ساهمت في تخرج العباقرة في مختلف المجالات و صنعت لهم أسماء خالدة و مشعة صمدت لآلاف السنين.
وإذا كان الكثيرون يعتبرون مادور مركز أول جامعة بإفريقيا، معتمدين في ذلك على كتابات و مراجع أجنبية عديدة، فإن ثمة من علماء الآثار من يؤكدون بأن خاصية المدينة ترجح بأنها كانت تتوّفر على هيكل علمي في شكل مدارس، لكن ليس بصفة الجامعة، غير أن هذا لا يغيّر حقيقة كونها مركز إشعاع علمي، لا يزال الكثير من العلماء والمختصين في علم الآثار و تاريخ الإمبراطورية الرومانية، يبحثون عن آثار ومعالم حاضرة العلماء والفلاسفة التي تؤكد كل المعلومات التاريخية و أخبار الأولين، بأنها مطمورة في عمق المدينة ـ الأسطورة التي أبت البوح، إلا بنسبة ضئيلة جدا من أسرارها و ثرواتها، التي أسالت لعاب المحتل الفرنسي، فراح يحاول استخراج ما تكتنزه من آثار مهمة.

 

المصادر: جريدة النصر

جريدة التحرير الجزائرية

 


شاركنا رأيك في تأسست عام 65 ميلادي… تعرف على أقدم جامعة في شمال افريقيا

شاهد ايضا