محمد أركون …المفكر الجزائري الذي حارب الجهل وصنع الجدل

محمد أركون …المفكر الجزائري الذي حارب الجهل وصنع الجدل

محمد أركون من أشهر الوجوه التي كان لها صدى كبيرا بين المفكرين ورجال الدين ويعد واحدا من أهم أقطاب الفكر العربي الإسلامي، ويعتبر عند البعض مفكر حداثي تنويري أسهم بقسط وافر في دراسة العقل الإسلامي وتطويره،
ولد يوم 01 فبراير 1928 في منطقة تاوريرت ميمون الأمازيغية بولاية تيزي وزو ودرس القيم المسيحية والأدب اللاتيني في معهد أشرف عليه الآباء البيض خلال الفترة الممتدة ما بين 1941و 1945 بوهران، غرب الجزائر.

رافق والده الذي كان يعمل تاجرا صغيرا في مدينة الأربعاء بعين تموشنت، ذات الغالبية الأوروبية من السكان آنذاك، عام 1950، التحق أركون بكلية الآداب بجامعة الجزائر حيث درس الأدب العربي وأيضا الفلسفة والقانون والجغرافيا بالموازاة، ثم لاحقا في منتصف الخمسينيات وبتوصية من المستشرق الفرنسي لويس ماسينيون، التحق بجامعة السوربون في فرنسا، حيث حصل على شهادة دكتوراه في الفلسفة عام 1969

زاول أركون، منذ نيله شهادة الدكتوراه، عددا من الوظائف كالتدريس الذي اشتغل فيه لسنوات مديدة، كأستاذ جامعي في مجموعة من الجامعات عبر العالم، منها جامعة السوربون وجامعة ليون وجامعة كاليفورنيا وجامعة نيويورك.
أركون، بالموازاة، شغل عضوية عدد من الهيئات المعرفية، كمجلس إدارة معاهد الدراسات الإسلامية في لندن، والمجلس العلمي للمعهد السويدي بالإسكندرية، كما اشتغل مديرا علميا لمجلة “أرابيكا”، ومستشارا علميا لمكتبة الكونغرس بواشنطن.

تميز فكر أركون بمحاولة عدم الفصل بين الحضارات شرقية وغربية واحتكار الإسقاطات على أحدهما دون الآخر، بل إمكانية فهم الحضارات دون النظر إليها على أنها شكل غريب من الآخر، وهو ينتقد الاستشراق المبني على هذا الشكل من البحث.

كل ما كتبه الدكتور أركون منذ أربعين سنة وحتى اليوم يندرج تحت عنوان: نقد العقل الإسلامي. ويصف الدكتور أركون مشروعه كما يلي،
مشروع نقد العقل الإسلامي لا ينحاز لمذهب ضد المذاهب الأخرى ولا يقف مع عقيدة ضد العقائد التي ظهرت أو قد تظهر في التاريخ؟
إنه مشروع تاريخي وأنثروبولوجي في آن معا، إنه يثير أسئلة أنثروبولوجية في كل مرحلة من مراحل التاريخ.
ولا يكتفي بمعلومات التاريخ الراوي المشير إلى أسماء وحوادث وأفكار وآثار دون أن يتساءل عن تاريخ المفهومات الأساسية المؤسسة كالدين والدولة والمجتمع والحقوق والحرام والحلال والمقدس والطبيعة والعقل والمخيال والضمير واللاشعور واللامعقول، والمعرفة القصصية (أي الأسطورية) والمعرفة التاريخية والمعرفة العلمية والمعرفة الفلسفية…
لا شك في أن مؤرخي الفكر والأدب قد أرخوا لتلك المفهومات ولكننا لا نزال نفرق بل نرفع جدارات إدارية ومعرفية بين شعب التاريخ والأدب والفلسفة والأديان والعلوم السياسية والسيولوجية والأنثروبولوجية…
والجدارات قائمة مرتفعة غليظة في الجامعات العربية التي لا يرجع تاريخ معظمها إلى ما قبل الخمسينات والستينات، والأنثروبولوجيا بصفة خاصة لم تزل غائبة في البرامج وعن الأذهان،
ناهيك عن تطبيق إشكالياتها في الدراسات الإسلامية.

ونقد العقل الإسلامي، كمشروع يتضمن محاولة لدمج العملية النقدية للفكر الديني الإسلامي في عملية نقدية أكثر عمومية للفكر الديني على العموم،
ويوضح ذلك الدكتور أركون كما يلي، وقد شكلت بالتعاون معه [مع الأب كلود جيفري] ومع فرانسواز سميث فلورنتان وجان لامبير “مجموعة باريس” داخل الجماعة الأوسع للبحث الإسلامي – المسيحي التي كانت قد أسست من قبل الأب ر. كاسبار. وضمن هذه المجموعة بالذات كنت قد حاولت أن أزحزح مسألة الوحي من أرضية الإيمان العقائدي “الأرثوذكسي” والخطاب الطائفي التبجيلي الذي يستبعد “الآخرين” من نعمة النجاة في الدار الآخرة لكي يحتكرها لجماعته فقط.
قلت حاولت أن أزحزح مسألة الوحي هذه من تلك الأرضية التقليدية المعروفة إلى أرضية التحليل الألسني والسيميائي الدلالي المرتبط هو أيضا بممارسة جديدة لعلم التاريخ ودراسة التاريخ.
أقصد بذلك دراسة التاريخ بصفته علم أنثروبولوجيا الماضي وليس بصفته سردا خطيا مستقيما للوقائع المنتخبة بطريقة معينة.
ومن آراءه أنه يرى أن القرآن محرف بسبب أن النقل غير مؤتمن وأن عند الدروز والإسماعيلية والزيدية وثائق سرية مهمة تفيدنا في معرفة النص الصحيح (يفيدنا في ذلك أيضاً سبر المكتبات الخاصة عند دروز سوريا، أو إسماعيلية الهند، أو زيدية اليمن، أو علوية المغرب، يوجد هناك في تلك المكتبات القصية وثائق نائمة متمنعة، مقفل عليها بالرتاج، الشيء الوحيد الذي يعزينا في عدم إمكانية الوصول إليها الآن هو معرفتنا بأنها محروسة جيداً)

حصل على عدد من الجوائز والأوسمة من قبيل ضابط “بالمس” الأكاديمي 1  أوت 1979، وضابط لواء الشرف 10 ديسمبر 1984، ونال دكتوراه فخرية من جامعة أكسيتر 18 أفريل 2008.

كما حصل على جائزة ليفي ديلا لدراسات الشرق الأوسط  كاليفورنيا 10 ماي 2002، وجائزة ابن رشد للفكر الحر برلين ديسمبر الأول 2003، وجائزة الدوحة عاصمة الثقافة العربية فيفري 2010.

توفي المفكر الجزائري محمد أركون يوم الثلاثاء 14 سبتمبر 2010، ودفن في العاصمة المغربية الرباط

ترك عشرات الكتب ومن أهم مؤلفاته “الفكر العربي”، “الإسلام بين الأمس والغد”، “تاريخية الفكر العربي الإسلامي”، “الفكر الإسلامي قراءة علمية”، “الإسلام، الأخلاق والسياسة”، “الفكر الإسلامي نقد واجتهاد”، و”الفكر الأصولي واستحالة التأصيل”، “نزعة الأنسنة في الفكر العربي”.

المصادر:
maghrebvoices.com
wikipedia
aljazeera
marayana

 


شاركنا رأيك في محمد أركون …المفكر الجزائري الذي حارب الجهل وصنع الجدل

شاهد ايضا