ما قصة الغرفة رقم 13 في فندق النجمة بمدينة بجاية ؟… وما علاقتها بدولة البرتغال !

ما قصة الغرفة رقم 13 في فندق النجمة بمدينة بجاية ؟… وما علاقتها بدولة البرتغال !

الكثير من الزائرين لمدينة بجاية الساحلية الجميلة يقعون في حبها لما تتميّز به من بيئة ثقافية رائعة ووجهات سياحية متنوّعة تشمل المناظر الرائعة والأماكن التاريخية المتنوّعة و الشواطئ الخلابة وكذلك طيبة سكانها .
و الكثير من الشخصيات العالمية على مر التاريخ عشقوا هذه المدينة الواقعة شرق العاصمة الجزائرية، ومنهم من جاءها ليومين فقط حتى اختارها لتكون خاتمة مسار حياته.

مدينة بجاية
مدينة بجاية

 

قصة الغرفة رقم 13 في فندق النجمة :
إذا زرت يوما ما بجاية وذهبت إلى قلب ساحة أوّل نوفمبر، المعروفة محليًّا باسم “بلاص غيدون”، والمطلّة على ميناء المدينة من مرتفع يُتيح لك مشاهدة البحر من زاوية بانورامية.
هناك، وأنت تتفحّص مباني ومقاهي الساحة الصغيرة وفضاءاتها، لن تُخطيء عيناك مبنى فندق “النجمة”، ذلك الفندق المتواضع من نجمتين، قد لا يكون كذلك إن أردت المبيت فيه، فليست كلّ الغرف متاحة للزبائن. فإن حدث وطلبت المبيت في الغرفة رقم 13 ، سيعتذر منك عون الإستقبال، لأنّ الغرفة محجوزة على مدار السنة للرئيس البرتغالي مانوير تيكسيرا غوميز، قد يبدو لك الأمر غريبًا، لكنها الحقيقة؛ هناك غرفة رئاسية في فندق من نجمتين.

فندق "النجمة" بمدينة بجاية - الغرفة 13
فندق “النجمة” بمدينة بجاية – الغرفة 13

 

من هو مانويل تيكسيرا غوميز ؟
يتعلّق الأمر بالرئيس السابق للبرتغال مانويل تيكسيرا غوميز، الذي حكم البلاد بين 1923 و1925.
ولد في 27 مايو 1862 بالبرتغال، درس الطب لكنه لم يواصل تكوينه، فلقد كان مولعا بالكتابة والسياسة، ومن الحالمين بإقامة نظام جمهوري في بلد يحكمه نظام ملكي منذ قرون.

مانويل تيكسيرا غوميز
مانويل تيكسيرا غوميز

كان غوميز من بين الذين عملوا بالقلم على توعية الشعب بضرورة الثورة، فكتب في جريدة “الكفاح” المناهضة لنظام الحكم.
في 5 أكتوبر 1910 ثار الشعب البرتغالي وتمكن من الإطاحة بالنظام الملكي، وقامت “الجمهورية الأولى”، وكان من ثمار الثورة على غوميز تعيينه سفيرا لبلاده في بريطانيا بين 1911 و1918.
بعدها شغل مناصب عدة منها؛ ممثلا للبرتغال في عصبة الأمم، ونائب رئيس الجمعية العامة لعصبة الأمم في سبتمبر 1922.
في أكتوبر 1923 انتخب غوميز رئيسا للبرتغال وترأّس أيضا “الحزب الديمقراطي البرتغالي”، لكن فترة حكمه كانت قصيرة جدا، إذ استقال بعد سنتين (ديسمبر 1925) بعدما اكتشف محاولات للانقلاب عليه واعتقاله وربما اغتياله، فقرر تسليم السلطة لكن دون أن يلفت الانتباه إلى ما يعتزم القيام به.. لقدقرر الرحيل من البلاد لينجو بجلده.

فندق "النجمة" بمدينة بجاية
فندق “النجمة” بمدينة بجاية

رحلة غوماز إلى الجزائر …دون عودة
ذات ليلة، اختار الرئيس مانويل تيكسيرا أن يركب البحر ويتّجه نحو الضفة الأخرى من المتوسّط، ساعده بعض مقرّبيه ووفّروا له يختًا، فاختار مدينة بجاية وجهة له، حيث رست سفينته “زوس” على أحد شواطئها، واختار لنفسه غرفة في فندق صغير قريب من منطقة الميناء، لم يكن عمّال الفندق أو سكان بجاية يعلمون أنّ النازل الجديد بالفندق هو رئيس برتغالي هارب من الموت الذي يحاصره في مدينة “بورتيماو”.

فندق "النجمة" بمدينة بجاية - الغرفة 13
فندق “النجمة” بمدينة بجاية – الغرفة 13

تقول الروايات التي يتداولها سكّان بجاية، والتي دوّنها مانويل تيكسيرا بنفسه، أنّه لم يكن ينوي أن تكون إقامته في بجاية طويلة، فحين وصل إلى الفندق حجز ليلتين، ثم أسبوعًا، ثم شهرين، لكن القدر كان يخفي قصّة أخرى؛ فقد وقع زعيم الحزب الديمقراطي البرتغالي في حبّ المدينة، وربط علاقات طيّبة بسكّانها الذين كانوا يظنّونه كاتبًا فرنسيًا، فهو كان يقضي جلّ وقته في الكتابة والقراءة داخل غرفته، حتى زاره صحافي برتغالي في منفاه الاختياري، وأخبر عمّال الفندق أن الرجل صاحب اللحية البيضاء رئيس برتغالي سابق.

استقرّ مانويل تيكسيرا غوميز عشر سنوات في الغرفة رقم 13 بفندق “النجمة”، كان يخرج صباحًا للقيام بجولة يومية في أزقة المدينة، ليعود لغرفته من أجل مواصلة كتابة أعماله، فهو معروف في البرتغال بلقب الرئيس الأديب، حيث كانت جدران تلك الغرفة شاهدة على كتابة ثلاثة روايات، ولم يكن الرئيس يغادر بجاية إلا نادرًا من أجل رحلات داخل الجزائر، من بينها رحلته الشهيرة نحو الصحراء.
توفي مانويل تيكسيرا غوميز في تلك الغرفة عام 1941 بعد عشر سنوات في بجاية، لم يعد يومًا إلى بلاده، ودُفن في بجاية، ثم نقلت الدولة البرتغالية رفاته إلى مسقط رأسه بمدينة بورتيماو.

نصب تذكاري للرئيس البرتغالي تيكسيرا غوماز بمدينة بجاية
نصب تذكاري للرئيس البرتغالي تيكسيرا غوماز بمدينة بجاية


فيلم زيوس

فيلم “زيوس”، للمخرج باولو فيليب مونتيرو، ومن إنتاج مشترك بين الجزائر والبرتغال، يروي السيرة الذاتية للرئيس الأسبق البرتغالي مانويل تكسيرة غوميز.
وركز المخرج في تصوير هذا الفيلم الذي أسند الدور فيه إلى الممثل البرتغالي سيندي فيليب على أحداث واقعية لحياة رجل الدولة هذا والدبلوماسي والكاتب في نفس الوقت.
وينطلق الفيلم بمشهد حول الاضطرابات السياسية التي سبقت استقالته من رئاسة الجمهورية، حيث رجح العقل على السياسة وقرر التخلي عن الحكم سنتين فقط بعد انتخابه. وإثر ذلك، غادر البرتغال على متن سفينة تحمل اسم “زوس”.
وتناول الفيلم مطولا إقامة “غوميز” ببجاية وبالضبط بفندق “النجمة” بمجرد نزوله بميناء المدينة. وقد أقام “غوميز” الذي سحرته المدينة بمناظرها وسكانها علاقة صداقة مع مقران عامل بالفندق.
كما تطرق المخرج إلى يوميات الرئيس بمنفاه بغرفته في الفندق، أين كان يكرس وقته للمطالعة والكتابة الأدبية. ولم يكن البجاويون يدركون أن رئيسا يقيم بهذا الفندق الاستعماري إلا بعد الزيارة التي قام بها صحافي برتغالي إلى المدينة علما أن غوميز كتب في سنة 1938 مؤلفه “ماريا أديلاييد”.. إحدى روائعه الأدبية.

المصادر:
وكالة الأنباء الجزائرية
موقع ultraalgeria.ultrasawt.com
موقع صحيفة الشروق


شاركنا رأيك في ما قصة الغرفة رقم 13 في فندق النجمة بمدينة بجاية ؟… وما علاقتها بدولة البرتغال !

شاهد ايضا