عددهم أكثر من 250 ألف نسمة…ماذا تعرف عن جزائريو كاليدونيا الجديدة ؟

عددهم أكثر من 250 ألف نسمة…ماذا تعرف عن جزائريو كاليدونيا الجديدة ؟

مستعمرة كاليدونيا الجديدة، التي إحتلتها فرنسا علم منذ 1853 وعاصمتها نوميا، والتي تقع في قارة أوقيانوسيا جنوب المحيط الهادي، تبلغ مساحتها 19 ألف كيلو متر مربّع.

عدد سكان كاليدونيا الجديد يبلغ اليوم 250 ألف نسمة، من بينهم 20 ألفا من أحفاد الجزائريين، تبعد عن الجزائر العاصمة نحو 22 ألف كيلومتر وارتبط اسم كاليدونيا الجزيرة بمستعمرة المنفيين، حيث كانت فرنسا وقتها تجعل من بلدٍ ما سجنا تعاقب به مستعمراتها من جهة، ومن جهة أخرى تستعبد هؤلاء حتى يعمروا هذه المستعمرة الجديدة، التي جعلتها باريس محافظة فرنسية تابعة للعاصمة الفرنسية.

وتظهر خريطة كاليدونيا الجديدة أيضاً أنها جزء من ميلانيزيا وكاليدونيا الجديدة عبارة عن مجموعة من عدة جزر من بينها وأكبرها جزيرة غراند تير وجزر لويالتي وما إلى ذلك ونوميا هي العاصمة وأكبر مدينة في المنطقة.

كما يبلغ طول كاليدونيا الجديدة 400 كيلومتر مقسمة إلى إقليم شمالي وجنوبي وأرخبيل بيليب في الشمال الغربي وجزر إيل دي بين في الجنوب الشرقي وجزر لويالتي أوفيا وليفو وتيغا وماري شمال شرق الجزيرة الرئيسية وتعتبر اللغات المنطوقة هي الفرنسية (الرسمية) وأكثر من 30 لهجة ميلانيزية بولينيزية

ويعتبر النظام السياسي في كاليدونيا الجديدة جماعة فريدة من نوعها في فرنسا لحكم المنطقة حيث تم إنشاء مؤتمر إقليمي (كونغرس كاليدونيا الجديدة) ووفقاً للاتفاقية تم تمكين الحكومة المحلية بشكل متزايد من خلال التنفيذ التدريجي لانتقال السلطات من فرنسا.

ويعتمد اقتصاد كاليدونيا الجديدة إلى حد كبير على تعدين النيكل والسياحة ومع ذلك فإن غالبية السياح يأتون من فرنسا ونيوزيلندا وأستراليا واليابان وكوريا الجنوبية

الجزائريين المنفيين إلى كاليدونيا الجديدة
يذكر أنه بين عامي 1864 و1897 ومع تقدم القوات الاستعمارية الفرنسية التي دخلت الجزائر عام 1830، تم ترحيل أكثر من 2100 جزائري حوكموا أمام محاكم خاصة أو عسكرية، إلى مستعمرة العقاب الاستعمارية نوميا في هذه الأرض الفرنسية الواقعة في المحيط الهادئ.

الجزائريون في كاليدونيا الجديدة معروفون باسم جزائريو المحيط الهادئ أو جزائريو كاليدونيا الجديدة وهم مجموعة من الرجال قامت السلطات الفرنسية بترحيلهم إلى معسكرات العمل في جزر كاليدونيا الجديدة في عام 1873 قبالة سواحل أستراليا.

ويروي أحفاد “قبعات القشّ” التي خُصّصت للمدانين، بتأثُّرٍ قصة هذه عائلته التي عاشت تلك المأساة.

يقول الطيب عيفة (83 عاماً) لوكالة الصحافة الفرنسية: “وصلوا بعد رحلة استغرقت خمسة أشهر مكبلين بسلاسل، عدد الموتى الذين أُلقيَت جثثهم في البحر خلال العبور ما زال مجهولاً”.

كان والده جزءاً من آخر قافلة من المحكومين عام 1898، ووالدته هي ابنة أحد أوائل المرحَّلين إلى “لوكايو”، أحد الألقاب التي تُعرَف بها كاليدونيا.

وأوضح الرجل الثمانيني الذي يُعَدّ من أعمدة “الجالية العربية”، أي أحفاد الجزائريين، أن “قصة أجدادنا كانت موضوعاً محرَّماً. قانون الصمت هو الذي ساد في عائلات المرحَّلين”.

يتذكر الطيب عيفة الذي حُكم على والده بالسجن 25 عاماً لدفاعه عن أرضه في سطيف (شرقي الجزائر) ضد الجيش الفرنسي: “نحن أبناء قبعات القش وُصفنا بالقذرين”.

ومن المفارقات على حد قوله أنهم تحولوا “من مستعمَرين في الجزائر إلى مستعمِرين على الرغم منهم… لأراضٍ صودرت من الكاناك (السكان الأصليين)”.

وقال كريستوف ساند عالم الآثار في معهد أبحاث التنمية في نوميا، حفيد أحد الذين رُحّلوا: “في كاليدونيا الجديدة سعت الدولة الفرنسية، كما هو الحال في الجزائر، لإنشاء مستعمرة استيطانية، وحُوّل المرحَّلون إلى مستعِمرين”.

وفي وقت لاحق أصبح بإمكان المحكومين الفرنسيين جلب زوجاتهم، لكن الجزائريين منعوا من ذلك واضطُرّوا إلى الزواج في كاليدونيا الجديدة.

وأوضح ساند أن الذين حُكم عليهم بهذا النفي لأكثر من ثماني سنوات لم يكونوا يتمتعون بحقّ العودة إلى الجزائر بعد نهاية عقوباتهم.

وقال الباحث نفسه: “حسب حساباتنا، هذه العملية أفضت كما يُفترض إلى ترك ما بين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف يتيم في الجزائر”.

وقال ساند إن المحكومين “كانوا في كاليدونيا مواطنين من الدرجة الثانية”، خصوصا أنهم لم يكونوا يتحدثون الفرنسية، بل العربية أو الأمازيغية فقط.

وعانى أبناؤهم بشدةٍ هذا التمييز، ولم يهتم سوى عدد قليل من العائلات بحماية أصولهم بفخر. وفي نهاية ستينيات القرن الماضي اجتمع أحفادهم في رابطة “العرب وأصدقاء عرب كاليدونيا الجديدة”.

وقال الطيب عيفة الذي كان يُلقَّب بـ”الخليفة” عندما كان رئيساً لبلدية بوراي: “كنت عاملاً في السابعة عشرة من عمري ومارست العمل النقابي. كنت رئيس بلدية لثلاثين عاماً، ووقّعت وثائق رسمية بصفتي الطيب عيفة انتقاماً من التاريخ”، مشدداً على “انتمائه إلى الجزائر”.

ويروي الدكتور بكاري مختار في مدونته عن أول جزائري تم نفيه إلى كاليدونيا الجديدة:
وقال الدكتور بكاري أن أول جزائري تم نفيه إلى كاليدونيا الجديدة هو محمد بن إبراهيم عام 1864 م، ويعتقد أنه كان واحدا من المجاهدين بثورة أولاد سيدي الشيخ، بينما بلغ عدد المنفيين الجزائريين حوالي 2000 منفي، غالبيتهم من الذين شاركوا بثورة المقراني عام 1871. ولم تتوقف عمليات النفي إلى غاية 1916، حيث تم نفي من رفض الخدمة العسكرية الفرنسية خلال الحرب العالمية الأولى
وكان من أبرز من تم نفيهم إلى كاليدونيا، سي عزيز ومحمد إبنا الشيخ الحداد أحد قادة ثورة المقراني، ومعهما أحمد بومزراڨ المقراني.

وقد حاول الكثير من المنفيين الجزائريين الهروب من كاليدونيا، وبينما باءت محاولات بعضهم بالنجاح فشل غالبيتهم. ومن بين من نجح في الهروب ابنا الشيخ الحداد محمد وسي عزيز. ، سي عزيز هرب عام 1884، بعد عشر سنوات من النفي، هرب إلى نيوزيلاندا ومنها إلى سيدني ثم سافر متخفيا إلى مكة، قبل أن يسافر إلى باريس ويستقر عند صديقه أوجان موروت الذي كان رفيقه بالأسر والنفي في كاليدونيا وهو هارب أيضا بسبب ثورته ضد نظام الحكم في فرنسا. أما أخو سي عزيز محمد فقد هرب بعد أخيه بسنوات قليلة وعاد إلى الجزائر وعاش متخفيا.
ولم يفلح الغالبية العظمى من المنفيين في العودة لأرض الوطن واستثنتهم قرارات العفو. ولحد اليوم لازالت عائلاتهم منتشرة في كاليدونيا الجديدة.

المصادر:

portal.arid.my
almrsal.com
aljazeera.net
trtarabi.com


شاركنا رأيك في عددهم أكثر من 250 ألف نسمة…ماذا تعرف عن جزائريو كاليدونيا الجديدة ؟

شاهد ايضا