المغرب: “التشهير” يتحول إلى ممارسة صحفية “رائجة” بالمملكة انتقاما من المعارضين

الرباط – أكد تحقيق صحفي أجراه موقع إخباري مغربي, أن “التشهير” بالمعارضين لسياسات المخزن, تحول إلى ممارسة صحفية “رائجة” بالمملكة, انتقاما منهم, بسبب مواقفهم المناهضة للاستبداد و الفساد, الذي استشرى في البلاد بصورة رهيبة.

وجاء في التحقيق الذي حمل عنوان “الاغتيال الرمزي.. كيف تحول التشهير إلى ممارسة صحفية في المغرب”, أنه خلال السنوات العشر الأخيرة, ظهر في المغرب نمط  من الممارسة الصحفية, أطلق عليه مناهضوه “صحافة التشهير”, و هو ما وقفت عليه العديد من المنظمات الحقوقية الدولية, مثل “هيومن رايتس ووتش”, التي أكدت ” تنامي ظاهرة النبش في الحياة الخاصة للأفراد وعرضها بشكل مؤذ وغير قانوني, في جرائد مدعومة من المال العام”.

كما توقف التحقيق الصحفي, عند “انتشار آلاف المقالات المحرضة على الكراهية والتي كان عنوانها الأبرز +السب والقذف وإلصاق تهم ونعوت مشينة+ بالمعارضين من إعلاميين و حقوقيين و سياسيين”.

وأوضح بهذا الخصوص أنه “منذ سنوات, سقط العديد من الصحفيين والحقوقيين والسياسيين, ضحية هذا النمط وهو ما كشف عنه التناول الإعلامي للكثير من القضايا, التي ما تزال في مرحلة التحقيق”, مشيرا إلى أنه و على الرغم من انه لم يصدر أي حكم قضائي بشأن الاتهامات الموجهة للمتابعين في هذه القضايا الا أن ما كان يجري في الغرف المغلقة وخلف الجدران وفي مكاتب التحقيق قد تحول إلى مادة دسمة تتناولها المواقع الإخبارية, انطلاقا من نسخ محاضر مسربة, ما يثير الكثير من التساؤلات حول مخالفتها لأخلاقيات المهنة قبل أن تخالف القانون”.

وحسب ذات المصدر, فإن “تهديد المعارضين بالتشهير بهم في وسائل الإعلام تحول إلى +ممارسة صحفية رائجة+ أصبح معها الاعتقاد بأن” التشهير” في المغرب جنس من أجناس الصحافة”.

كما توقف التحقيق الصحفي عند أبرز ضحايا صحافة التشهير في المغرب, مثل الصحفي توفيق بوعشرين , الذي تم اعتقاله يوم 23 فبراير 2018 داخل مكتبه ووجهت له تهم ثقيلة, أدين بسببها بـ 15 سنة سجنا نافذا.

ومثلما وثقت تقارير إعلامية, فإنه ” كلما كان بوعشرين يصعد نبرة افتتاحياته في جريدة +اخبار اليوم+ كانت آلة التشهير تفتك بلحمه النيئ, عبر مقالات تشهيرية تنضح غلا وحقدا ضده وضد أسرته تنشرها مواقع معروفة بارتباطها بأجهزة الأمن, وخاصة ما ينعت في المغرب بـ+البوليس السياسي+ تمهيدا للإطاحة به “.

 

 أكثر من 50 معارضا مغربيا تعرضوا للتشهير من قبل حوالي 20 وسيلة إعلامية مخزنية

 

ولم يكن الصحفي توفيق بوعشرين الحالة الوحيدة, حيث تكالبت وسائل الإعلام المخزنية على العديد من الإعلاميين والحقوقيين مثل الأستاذ الجامعي والناشط الحقوقي المعطي منجب والصحفي عمر الراضي و المحامي و وزير حقوق الإنسان السابق محمد زيان, الذين تعرضوا لحملة تشهير واسعة قبل اعتقالهم وإدانتهم بالسجن في محاكمات شابتها الكثير من النقائص وفق ما يؤكده حقوقيون.

و وثق التحقيق الصحفي, تعرض أكثر من 50 صحفيا و حقوقيا مغربيا إلى حملات تشهير واسعة من قبل 20 وسيلة إعلامية عمومية في المغرب تتلقى أموال الإشهار و الدعم من السلطات المخزنية, القواسم المشتركة بين هؤلاء الضحايا أنهم من مناهضي سياسات النظام المخزني.

و بعد انتشار هذه الظاهرة و تجاوزها لكل الخطوط الحمراء, وقع عشرات الصحفيين بالمغرب سنة 2020 على عريضة تطالب بوضع حد لـ “منابر جعلت من خطها التحريري مهاجمة الأصوات التي تزعج بعض الأطراف في السلطة”.

واحتج الموقعون على البيان على “تنامي صحافة التشهير والإساءة بشكل كبير في كل قضايا حرية التعبير والمتابعات التي يتعرض لها الصحفيون والشخصيات المعارضة, حيث كلما قامت السلطات بمتابعة أحد الأصوات المنتقدة حتى تتسابق بعض المواقع والجرائد لكتابة مقالات تشهيرية تفتقد للغة أخلاقيات المهنة وتسقط كذلك في خرق القوانين المنظمة لمهنة الصحافة في المغرب”.

و حول هذا الموضوع, قالت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان, في بيان لها, أن هذه الظاهرة قد “تحولت من حالات معزولة إلى كيان منظم محمي من قبل جهات رسمية, وحرفة تمارسها مواقع إلكترونية بعينها, تمدها بعض الأجهزة بالمعلومات وتضمن لها الحماية وعدم المتابعة”.

و رغم كل هذه المطالب, مازال التشهير مستمر في المغرب, حيث تسجل مختلف تقارير المنظمات الحقوقية و النقابية “استمرار خرق ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة, وتتوزع هذه الخروقات بين استهداف الحياة الخاصة للمواطنين, ناهيك عن حوادث ادعاء وفبركة وقائع غير صحيحة بغرض التدليس والحصول على المتابعات”.

وكانت منظمة “مراسلون بلا حدود “, قد أكدت في احد تقاريرها, أن ” التشهير أحد الأدوات, التي تستخدم لتحويل الأنظار عن القضية الحقيقية, وتعرقل العمل الصحفي, وبالأخص الاستقصائي”, مشيرة الى أن هذه الظاهرة “تنعكس سلبا على الصحافة وعلى المحتوى فتجعله سطحيا فارغا بعيدا عن إنتاج مواد إعلامية معمقة”.  

اقرأ المزيد