قلعة بني عباس ببجاية…متحف في الهواء الطلق بين طبيعة خلابة تخطف الأنظار

قلعة بني عباس ببجاية…متحف في الهواء الطلق بين طبيعة خلابة تخطف الأنظار

قلعة اث عباس أو قلعة العباس، قلعة تقع على إحدى قمم سلسلة جبال البيبان، جنوب ولاية بجاية الجزائرية وبمحاذاة الحدود الجنوبية لولاية برج بوعريريج.

حصن منيع ارتبط بتاريخ بجاية منذ القرن الحادي عشر الميلادي، وتاريخ محلي شكل عنصرا مهما في فهم تاريخ الجزائر في القرن السادس عشر الميلادي.

قلعة آث عباس أي الجغرافيا التي لبت نداء التاريخ، عندما تعرضت بجاية للعدوان الإسباني في مطلع هذا القرن 16م، فتحالف أجوادها من أجل إخراج المحتلين، مع الأخوين بابا عروج وخير الدين اللذين شكلا رأس الحربة للخلافة العثمانية، التي هيمنت على حوض البحر الأبيض المتوسط لأزيد من ثلاثة قرون من الزمن. وظلت قلعة آث عباس وفيّة لثقافة المقاومة، عندما تعرّضت الجزائر للغزو الفرنسي، فرفع الحاج مُحند ناث مقران (المقراني) راية المقاومة في ربيع 1871م، التي كانت بمثابة جوهرة هامة في عقد المقاومة الشعبية الجزائرية.

تقع قلعة آث عباس في بلدية إغيل علي (ولاية بجاية)، التي تحدها بلدية آث رزين (ڤندوز) شمالا، ولاية برج بوعريرج جنوبا، ودائرة ثاموقرا شرقا، ودائرة بوجليل غربا. تتميز بتضاريسها المرتفعة (أكثر من 900م فوق مستوى سطح البحر)، وتندرج ضمن سلسلة جبال البيبان الشهيرة بمضيق أبواب الحديد، المتحكم في الطريق الرابط بين شرق الجزائر ووسطها. وقد حبا الله هذه القرية بموقع حصين تحميها جروف عالية من ثلاث جهات، وعليه لا يمكن الوصول إليها إلا من جهة واحدة فقط، الأمر الذي ساعد أهلها على الدفاع عنها. لذا برزت أهميتها الاستراتيجية منذ عهد الدولة الزيرية (القرن 10م)، إذ مازالت بعض آثارها القديمة تحمل اسم أخريب اُوزيري (أي أطلال بني زيري).

يعود تاريخ القلعة إلى القرن 15 الميلادي، أسسها الأمير عبد الرحمن من سلالة الأدارسة الذي جاء إليها من قلعة بني حماد بالحضنة، بعد احتلالها من طرف العرب الهلاليين ، فقدم من جبل عياد من معديد وفي نصف القرن 15 استقر في نواحي البيبان وقرية موقة وبعد ذلك استقر نهائيا في قلعة بني عباس اغيل اعلي ولاية بجاية وبويع هناك أميرا احترامًا لنسبه الشريف وقوته وحكمته وعلومه خاصة في مجال الدين الإسلامي.

في سنة 1500م بنى أحمد السلطان نجل الأمير عبد الرحمن حصون وأسوار وأبواب القلعة، بعد وفاة الأمير عبد الرحمن استلم ابنه السلطان أحمد الخلافة الذي كان يلقبه والده (بالعباس) ، ومن هدا الاسم لقبت القلعة بقلعة العباس أ وقلعة بني عباس وهكذا خرج عرش بني عباس، ومنح أحمد لقب السلطان لشجاعته وقوته ودفاعه عن القلعة ونواحيها، وفي سنة 1500م بنى السلطان أحمد حصون وأسوار وأبواب القلعة، وتوفي سنة 1510 م بالقلعة ويوجد ضريحه في قرية تقرابت بني عباس اغيل اعلي ولاية بجاية أمام مسجد القرية حاليا في نفس القرية التي يوجد فيها ضريح أبيه الأمير عبد الرحمن ويوجد في نفس المكان ضريح يدعى الطالب وهو طالب أتي إلي السلطان أحمد بن عبد الرحمن لطلب العلم ثم توفي هناك ودفن إلي جانبه وتقرابت بالأمازيغي يعني مكان شريف يزروه الناس ويقرؤون فيه القرآن.

خلف السلطان أحمد إبنه الأمير عبد العزيز الذي أسس إمارة بني عباس ما بين [1512 و 1559 م] ، ولكن سوءعلاقته بالسلاطين الأتراك، أدخله في حرب طاحنة معهم، انتهت بهزيمته وقتله سنة 1559م، ولقب الأمير عبد العزيز ب(الجودي)، ويقال أنه من بين الذين حرروا السواحل الجزائرية خاصة سواحل بجاية من الإسبان)، وقُتل الأمير عبد العزيز علي يد أتباع حسان باشا داي الجزائر وبمساعدة ابن قاضي صاحب جبل كوكو.

خلف عبد العزيز ابنه السلطان أحمد امقران وامقران بالأمازيغية تعني الكبير والعظيم الشأن أي السلطان ومن هذا الاسم خرج لقب عائلة المقراني، وامتدت رقعة حكم السلطان عبد العزيز وابنه أحمد امقران حتي ولاية بسكرة، وتوفي ببوغني القبائل الكبرى

خلف أحمد امقران ابنه السلطان سيدي الناصر وتوفي في سيدي عقبة 1624م الزاب بسكرة ومن أبنائه الشيخ ابي البتقي أو بتقة الذي توفي بمجانة ولاية البرج بوعرريج

آخر زعماء عائلة المقرانى(محمد المقراني ابن أحمد ابن محمد ابن الحاج ابن عبد ربو ابن شيخ بوزيد ابن بتقة ابن محمد امقران ابن سيدي الناصر ابن أحمد امقران بن السلطان عبد العزيز ابن السلطان أحمد المدعو العباس ابن الأمير عبد الرحمان النسب الادريسي، التي يصل نسبها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم عن طريق فاطمة الزهراء رضي الله عنها)

اتخذ’الحاج محمدالمقراني‘من القلعة سنة[1871م] حصنا منيعا له، فقاد مقاومته للغزو الفرنسي إلى أن سقط شهيدا في شهر ماي[1871م] بنواحي بني منصور شرق البويرة، لينقل إلى القلعة ويدفن بباحة ’الجامع الكبير‘ الواقع على الضفة الشرقية من القلعة…

دخلت القلعة وضواحيها في خضم ثورة التحرير الكبرى بالجزائر سنة1954، عندما عقد أول اجتماع لمسؤولي المناطق، بقيادة العقيد عميروش وبحضور معظم أبطال وقادة الثورة، لكن اكتشاف الأمر من طرف فرنسا جعل القادة ينسحبون من القلعة ويتوجهون إلى منطقة افري أوزلاقن لإتمام عقد الاجتماع الذي انعقد وهو مؤتمر الصومام 1956.

واجهت القلعة سنة 1957-1958م حصارا اقتصاديا من الاحتلال الفرنسي، تلته حرب إبادة جماعية عن طريق القصف الجوي بالطائرات والبري بالمدافع، لتصبح بعد ذلك خرابا ودمارا، ثم هجر الباقين من سكانها، لتعلن القلعة (منطقة محرمة) من قبل الاستعمار الفرنسي إلى غاية استقلال الجزائر.

تتحصن فوق هضبة صخرية على ارتفاع يتراوح بين (1050 و 1297 متر) على مستوى سطح البحر، تحيط بها وديان شديدة العمق ودائمة الجريان…كما تحيط بها أيضا عدة قرى مجاورة وهي:

قرى: بوندة الكبيرة ـ تازلةـ إلقان من الشرق
موقاـ تابوعنانت ـزينة من الغرب
بلعيال ـ شكبوـ بوثواب من الشمال
بوني ـ فراشة ـ أولاد راشد من الجنوب
قرية إلوقان وتازلة من الجنوب الشرقي


شاركنا رأيك في قلعة بني عباس ببجاية…متحف في الهواء الطلق بين طبيعة خلابة تخطف الأنظار

شاهد ايضا