هل حقا الملك شيشناق استولى على مصر بالقوة سنة 942 قبل الميلاد ؟

هل حقا الملك شيشناق استولى على مصر بالقوة سنة 942 قبل الميلاد ؟

بعيدا عن الخطاب الإيديولوجي والأساطير المنتشرة عبر المنصات والمواقع الإلكترونية، سنبرز في هذا المقال باختصار كل ما يتعلق بعلاقة الفرعون شيشناق بـ ” نّاير ” و سنحاول الإجابة على كل الأسئلة التي تتداول حول هذه القصة وعلاقتها مع التقويم الأمازيغي.

في الثاني عشر من يناير من كل عام ميلادي يحتفل سكان بلدان شمال افريقيا بذكرى تؤرخ لبداية التقويم الأمازيغي ، وتختلف أشكال وتقاليد الاحتفال من بلد لآخر من المغرب غربا إلى مصر شرقا ، وتستمد الاحتفالات مشروعيتها من حدث تاريخي بصم تاريخ شمال افريقيا كلها إلا وهو إعتلاء الملك شيشناق الذي ينحدر من قبيلة ليبية (أمازيغي) عرش مصر.

من هو شيشناق ؟
ينحدر شيشناق من أسرة ليبية (أمازيغية) تنتمي لقبيلة مشاواش التي سكنت دلتا النيل أواخر القرن 11 قبل الميلاد (1100 ق.م) ، وأصبح أبناؤها مع مرور السنين أصحاب نفوذ في الدولة الفرعونية ، إلى أن اعتلى شيشناق العرش سنة 942 ق.م حسب آخر الأبحاث ، بصفته قائد جيوش الفرعون بسوسنّس الثاني الذي توفي دون وريث .

كيف إعتلى مصر ؟
لم يلجأ شيشناق إلى خلع الفرعون بسوسنس الثاني آخر ملوك الأسرة الحادية والعشرون بالقوة أو عن طريق انقلاب دموي لكنه بقى ينتظر موته بهدوء فاستغل تلك الفترة حيث قام بتوطيد مركزه العسكري والديني في الدولة.

وقد ساعده قربه من البلاط الفرعوني من الوقوف على حقيقة ما كان يجري في البلاد، ومن ثم عرف كيف يشق طريقه للوصول إلى العرش إذ أنه أدرك بحسّه وذكائه منذ البداية أنه إذا أراد التحكم في هذه البلاد فما عليه إلا أن يكسب ود الشعب و ذلك بالحفاظ على مورثاته ومعتقداته الدينية التي كان يعتزّبها. وساعده في سيطرته على هذا الجانب نفوذ عائلته الديني في البلاد، ذلك النفوذ الروحي الذي أثبتته النقوش المصرية القديمة بحيث أخبرتنا أن والد شيشناق الأول ورث عن أجداده رئاسة الكهنة في طيبة، وحمل لقب الكاهن الأعظم. فقرر أن يحكم قبضته على كهنوت المدن ، وهكذا استغل شيشناق هذه القوة الروحية التي كانت بحوزته وعند موت الفرعون بسوسنس الثاني تقدم واستولى على الحكم بهدوء ومن دون مقاومة من أحد، وأعلن قيام الأسرة الثانية والعشرين، وكان ذلك حوالي عام 940 قبل الميلاد.

من هم الليبيين القدامى أو الأمازيغ الذي ينحدر منهم شيشنق ؟
عرف قدماء المصريين الشعوب التي تقطن إلى الغرب من مصر بالليبيين. كانت القبيلة الليبية التي تعيش في المنطقة المتاخمة لمصر هي قبيلة الليبو ،عرفوا لاحقا بالبربر. وقد ورد ذكر هذه القبيلة لأول مرة في النصوص المصرية التي تنسب إلى الملك مرنبتاح (Merneptah) من الأسرة الفرعونية التاسعة عشرة (القرن الثالث عشر ق.م.). ومن اسمها اشتق اسم ليبيا وليبيين. وقد عرف الإغريق هذا الاسم عن طريق المصريين ولكنهم أطلقوه على كل شمال أفريقيا إلى الغرب من مصر

يرى معظم العلماء أن الليبو أو الريبو كانوا يسكنون منطقة برقة الحالية وربما كانت أراضيهم تمتد نحو الشرق حتى منطقة الواحات، وخاصة واحة سيوة ويُرجح أن مجموعتى القهق والإسبت كانتا تعيشان في نفس المنطقة التي تسيطر عليها مجموعات الليبو أو الريبو، وأنهم كانوا ينقسمون إلى فرعين:

الفرع الأول هم قبائل مداغيس: وكان يعيش أغلبهم في النصف الشرقي من ليبيا.
والفرع الثاني هم قبائل البرنس: وكان يعيش أغلبهم في النصف الغربي من ليبيا.


زعماء القبائل الليبية القديمة كما رسمهم فنان مصري حوالي سنة 1300 قبل الميلاد

ما هي علاقة شيشناق بالتقويم الأمازيغي ؟
الكاتب والباحث عمّار نقّادي (رحمه الله) يعتبر أول من اقترح أول رزنامة أمازيغية سنة 1980م، وإقترح أن تكون بداية التقويم الأمازيغي (سنة 0 ) عام 950 قبل الميلاد ، الذي تزامن مع اعتلاء الملك شيشناق عرش مصر.
عرف نقّادي بميله للبحث التاريخي والتنقيب عن التقاليد الأمازيغية القديمة ما قاده لاحقا للانتقال إلى باريس والتفرغ للنشاط الأكاديمي، وصار أحد أبرز المهتمين، جراء الأبحاث التي كان يجريها حول الأنثروبولوجيا والطوبونوميا، ويؤسس سنة 1978 مؤسسة ثقافية أخرى لترقية مختلف الثقافات الأمازيغية المتواجدة بالتراب الجزائري.
وعقب سنوات طويلة من الجهد الأكاديمي توصل الباحث بضرورة إنجاز تقويم أمازيغي يجمع بين بدء السنة الفلاحية ليقرر اعتماد تاريخ 12 ينار لذلك للتزامن مع اعتلاء الملك الأمازيغي الليبي شيشناق عرش الفرعونية المصرية العام 950 قبل الميلاد، وتعتبر سنة 1980 تاريخ انطلاق أولي لفكرته.

عمّار نقّادي (رحمه الله)

الإحتفال بيناير ورمزية شيشنق :
في الأخير ، إحتفال أمازيغ شمال إفريقيا بناير أو يناير وربطه بإعتلاء شيشناق عرش مصر ما هو إلا اصطلاح لإعطاء الرزنامة الأمازيغية الشعبية قيمة رسمية فقط، و قد يكون نّاير أقدم من شيشناق لأن نّاير مرتبط بالفلاحة، و الأمازيغ يمارسون الفلاحة منذ 5000 سنة على الأقل.
ناير ما هو إلا معلم للسنة الفلاحية الأمازيغية التي قد تكون أساس التقويم اليولياني الروماني ، وتشبث الأمازيغ عبر القرون للإحتفال به دليل على تمسكهم بثقافة أجدادهم وحبهم للأرض التي ينتمون إليها.

المصادر: 
elmafatih
wikipedia
liberte-algerie
echoroukonline

 


شاركنا رأيك في هل حقا الملك شيشناق استولى على مصر بالقوة سنة 942 قبل الميلاد ؟

شاهد ايضا