معاهدة لاموريسيير..هل حقا استسلم الأمير عبد القادر بعد تعرضه للخيانه؟

معاهدة لاموريسيير..هل حقا استسلم الأمير عبد القادر بعد تعرضه للخيانه؟

معاهدة لاموريسيير أو معاهدة استسلام الأمير عبد القادر (23 ديسمبر 1847م) في تاريخ الجزائر هي معاهدة جرت بين الأمير عبد القادر والجنرال لاموريسيير قائد قوات الاحتلال في الجيش الفرنسي تقضي بتوقيف المقاومة الشعبية الجزائرية ضد فرنسا وسميت هذه المعاهدة بـ”لاموريسيير” نسبة لقائد الجيوش الفرنسية، الجنرال لويس لاموريسيير، الذي وقع على المعاهدة.

قامت قوات الأمير عبد القادر بمغادرة تراب المملكة المغربية بتاريخ 21 ديسمبر 1847م مرورا بمجرى “وادي كيس” تحت قيادة الأمير وحده وهو يمتطي حصانه، ثم دخلوا إقليم إيالة الجزائر السابقة. فأرسل الجنرال لاموريسيير حينئذ وحدتين مكونة من 20 جنديا صبايحيا يرتدون برانيس بيضاء لملاقاة واستقبال الأمير عند الحدود الجزائرية المغربية، وكان هؤلاء الصبايحية بقيادة الملازمين “بوقراوية” و”إبراهيم” فما كان من الأمير عبد القادر إلا أن أرسل مبعوثين يمثلونه برفقة الملازم “بوقراوية” لتبليغ الجنرال لاموريسيير بأنه يطلب الأمان لنفسه ولمرافقيه وكان هذا الطلب يتمثل في ورقة بيضاء عليها ختم الأمير لم يسمح الريح والليل والمطر له بكتابة أي شيء عليها فإذا بالجنرال” لاموريسيير” يسلم مبعوثي الأمير كلا من سيفه المنحني وختم الرائد بازان، مع إعطائهم شفهيا الوعد بالأمان التام. ولما استلم الأمير عبد القادر السيف المنحني والختم، بعد عودة مبعوثيه، قام بدوره بإرسال ضابِطَيْنِ اثنين من مساعديه رفقة الملازم “بوقراوية” ومعهما رسالة خطية منه بمقتضاها يوافق على مغادرة التراب الجزائري، بشرط أن يُسمح له بالتوجه نحو الإسكندرية أو عكا، وهذا ما وافق عليه الجنرال لاموريسيير فورا. وتم الاتفاق بين الفرنسيين ومبوعثَيْ الأمير على تحديد يوم 23 ديسمبر 1847م كموعد لتوقيع “معاهدة الاستسلام” تحت “شجرة” (وضعت إدارة الاحتلال الفرنسي لوحة تذكارية بعد ذلك) فقام الأمير عبد القادر بأداء صلاة العصر في منطقة سيدي إبراهيم قرب سيدي بلعباس، وعلى بُعد 5 كلم من مكان التوقيع على معاهدة الاستسلام المسمى “سيدي الطاهر”، ثم أمضى الأمير ليلته في مدينة الغزوات التي هي ميناء صغير قريب من الحدود الجزائرية المغربية ثم التقى الأمير في يوم 24 ديسمبر 1847م مع كل من الجنرال لاموريسيير والجنرال كافينياك بالإضافة إلى العقيد كوزان-مونتوبان في منطقة سيدي إبراهيم التي كانت مسرح الانتصارات الجزائرية السابقة. وتمت بعد هذا اللقاء مرافقة الأمير ليمْثُل أمام الحاكم العام الجديد للجزائر الماريشال دوق دومال، الذي جاء خلفا للجنرال بيجو منذ سبتمبر 1847م، وتم اللقاء في مدينة الغزوات فقام الماريشال دوق دومال بالتصديق على الاتفاق الشفهي المبدئي الذي كان قد أبرمه الجنرال لاموريسيير، معبرا عن أمنيته أن يعطي الملك الفرنسي لويس فيليب الأول موافقته كذلك على استسلام الأمير ثم أعلن الحاكم العام دومال للأمير أنه سيأمر بنقله بحرا في اليوم الموالي 25 ديسمبر 1847م نحو مدينة وهران مع عائلته، فأذعن الأمير للقرار دون ابتهاج ولا احتجاج،و قبل مغادرة مجلس الأمير دومال، أرسل الأمير عبد القادر إليه “حصان رضوخ” من أجل ترسيم رمزي لاستسلامه النهائي..

اضطر الأمير عبد القادر إلى الإنسحاب إلى المغرب الأقصى أمام ضغط الجيش الفرنسي القوي طالبًا من سلطان المغرب عبد الرحمن بن هاشم مساعدته محذرا اياه من سقوط الجزائر، لأن ذلك سيؤدي إلى سقوط المغرب وبلدان إسلامية كثيرة تحت السيطرة الإستعمارية، لكنه لم يستمع إلى نصائح الأمير متذرعا بمواجهة المتمردين ضد السلطان في المغرب، وكأن مواجهة الشعب الثائر ضده أفضل من مواجهة المحتل الذي يهدد أرض الإسلام. وأكثر من ذلك تعاون هذا السلطان مع الجيش الفرنسي لمحاصرة الأمير عبد القادر الذي اضطر للإستسلام في عام 1847 بعد محاصرته من طرف الجيش الفرنسي شرقًا وجيش السلطان المغربي غربًا وخيانة بعض القبائل له. ولم يستسلم الأمير إلا بعد أن اشترط على الجيش الفرنسي إعطاء عهد الأمان لجميع رفاقه وجنوده والسماح لهم بالإلتحاق بقبائلهم، أما هو فطلب السماح له بالهجرة إلى الإسكندرية بمصر أو عكا بفلسطين، وإذا لم تقبل فرنسا بهذين الشرطين فإنه الجهاد حتى الموت. وكان هدف الأمير من ذلك هو إبقاء شعلة المقاومة ضد الإستعمار ملتهبة على يد رفاقه بعدما يضمن لهم الحياة، وهذا ما حدث بالفعل فيما بعد مما يدل على بعد نظر الأمير عبد القادر بعد أن قام المارشال فالي” بخرق “معاهدة تافنة”، التي أبرمت بين الأمير وجنرالات الجيش الفرنسي في 30 ماي 18ح37، وهو ما أدى إلى “اختراق القوات الفرنسية لجيش الأمير، ما جعله يتراجع إلى أقصى الحدود الغربية ويدخل المغرب في أكتوبر 1943”.

خيانة الملك المغربي للأمير عبد القادر: بعد سقوط الزمالة -عاصمة الأمير المتنقلة- سنة 1843 و التي على إثرها اتجه الأمير إلى المغرب في أكتوبر عام 1843 الذي ناصره في أول الأمر ثم اضطر إلى التخلي عنه على إثر قصف الأسطول الفرنسي لمدينة(طنجة والصويرة)، و تحت وطأة الهجوم الفرنسي يضطر السلطان المغربي إلى طرد الأمير عبد القادر، بل و يتعهد للفرنسيين بالقبض عليه. الأمر الذي دفعه إلى العودة إلى الجزائر في سبتمبر1845 محاولاً تنظيم المقاومة من جديد.

شاركنا رأيك في معاهدة لاموريسيير..هل حقا استسلم الأمير عبد القادر بعد تعرضه للخيانه؟

شاهد ايضا