خيط الروح… ما هو سر هذا الحلي المتجذر في عمق التقاليد الجزائرية ؟

خيط الروح… ما هو سر هذا الحلي المتجذر في عمق التقاليد الجزائرية ؟

يحكى أن عائلة من قصبة الجزائر العريقة زوجت ابنتها لرجل ذو أصل طيب و لكنه فقير و في جيبه ما يكفي يومه فقط، و في يوم الزواج أهدى الرجل عقدا من الذهب لزوجته.
كان العقد أصغر من أن تستطيع لبسه على رقبتها لصغره ، أم العروس لم تحتمل هذا الأخير…

فقالت : ” بوه هذا جابلها خيط الروح “(اللهجة العاصمية الاصيلة) إشارة لصغر حجم العقد ، فقام الأب بوضع العقد على رأس ابنته و من هنا بدأت العادة و أصبح خيط الروح يزين رؤوس العاصميات مع محرمة الفتول…
لينتشر لاحقا في مختلف مناطق الجزائر”

هذه القصة التي تداولها الجزائريين منذ القدم للتعريف بأصول هذا الحلي الجميل الذي طالما وزين النساء الجزائريات ويأبى هذا التقليد ان يندثر .

وخيط الروح العاصمي، أو الزروف التلمساني، من المجوهرات النادرة في الجزائر، في صنعها ومواكبتها لكل القطع التقليدية كالكاراكو والشدة لتلمسانية، هذا التويج الذي يزين الجبهة، مصنوع من الذهب تتدلى منه الزرارات، وقديما كان خيط الروح مزينا بالأحجار الكريمة، وكلما كانت ثمينة، كانت المرأة التي ترتديه من طبقة النبلاء.

وقد بقيت بعض الموديلات تشهد إلى حد الآن على قيمة هذا العقد الفريد، إذ تحمل بين فصوصها أحجار الماس بألوانه، خاصة أنه في عهد الدايات كان الماس رائجا جدا.

أما عن قصته الحقيقية ، فقد اختلفت الروايات، فضلا عن ما ذكرناه أعلاه في مقدمة الموضوع ،  فهناك من يقول إن سبب تسميته بخيط الروح أن العقد يشبه الخيط الرفيع، وأنه كان يوضع على الرقبة قديما، وكان العاصميون يطلقون على الرقبة اسم الروح، ليصبح اسمه يجمع بين الكلمتين.

وتجدر الإشارة غلا أن هناك  مثلٌ شعبيّ شهير جداً في الجزائر يقول إن “الحدايد للشدائد” وآخر يعتبر أن “الزينة خزینة”؛ المثلان يلخّصان علاقة المرأة الجزائرية بالحليّ والمجوهرات، ويختزلان ثقافة الادّخار لديها، تلك التي تكتسبها منذ نعومة أظافرها.

حيث كانت المجوهرات من الذهب والفضة والأحجار الثمينة ، في السابق تؤدي وظيفةً رمزية يُشكِّل حروف إبداعها الصائغ، الذي يتفنّن في تحويلها إلى لغةٍ تشكيلية، يرمز كلُّ شكلٍ منها إلى معنى معيّن.

ويتشكل هذا الحلي الجميل والخاص بالمرأة الجزائرية ، من عقدٍ مكوّن من أحجارٍ دائرية صغيرة عدة، تتدلى من إحداها وريدات على شكل “قطرات”، وغالباً ما تكون القلادات ذهبية مرصّعة بالألماس أو الأحجار الكريمة، حسب مكانة الأسرة الاجتماعية.

وعادةً ما يوضع “خيط الروح” على رأس المرأة، يعلوه وشاحٌ حريري يُسمى “محرمة الفتول”، وهو الوشاح الطويل الشهير الذي ترتديه النساء الجزائريات على الرأس.

 

ترتدي الجزائريات “الزروف” بشكلٍ أساسي مع الزي التقليدي، الكاراكو أو القويط، الذي كانت ترتديه الطبقة الأرستقراطية العاصمية في الأعراس وحفلات الختان. وكان يرمز إلى مكانة المرأة ولأي طبقةٍ تنتمي خلال الحقبة العثمانية، كما كانت ترتديه الجزائريات مع “الشدة التلمسانية”، الزي التقليدي المنتشر كثيراً في الغرب الجزائري.

ووفق التقاليد الجزائرية، عندما ترتدي المرأة فستاناً عصرياً تضع “خيط الروح” حول العنق وليس فوق الرأس، كما هو الحال مع الكاراكو. وهناك تفصيلٌ آخر لهذه الجوهرة؛ فالمرأة العازبة ترتدي “الزروف” الذي يحتوي على دمعةٍ واحدة فقط، تُصبح ثلاثة في حال كانت متزوجة.

توجد حالياً ثلاثة نماذج لهذه الجوهرة الثمينة في المتحف الوطني للآثار القديمة والفنون الإسلامية بالجزائر. تتكون كل النماذج من قطعة مركزية، هي عبارة عن زهرة أو أشكال متنوعة، قوامها وريقات نباتية، يأتي على جانبيها أزهار ووريقات، بشكلٍ تناظري. وهي أيضاً مرصّعة بالألماس.

وحاليا  يُقدَّر ثمن أرخص نوع من هذا الحلي “خيط الروح” بنحو 20 ألف دينار جزائري (أي ألف دولار)، ويصل سعر أغلى الأنواع إلى أكثر من 80 ألف دينار (8 آلاف دولار)، وفق ما نشرته إحدى المجلات المتخصصة في هذا الشأن.

المصادر:
arabicpost.net
elmaghrebelawsat.dz
الشروق 


شاركنا رأيك في خيط الروح… ما هو سر هذا الحلي المتجذر في عمق التقاليد الجزائرية ؟

شاهد ايضا