“1 نوفمبر1954″إنطلاق أول رصاصة للثورة التحريرية..نداء الحرية و الاستقلال

“1 نوفمبر1954″إنطلاق أول رصاصة للثورة التحريرية..نداء الحرية و الاستقلال

الثورة الجزائرية أو ثورة المليون شهيد، اندلعت في 1 نوفمبر 1954 ضد المستعمر الفرنسي ودامت 7 سنوات ونصف استشهد فيها أكثر من مليون ونصف مليون جزائري وقامت الثورة بقيادة جبهة وجيش التحرير الوطني الجزائرية، ونجحت الثورة في تحقيق أهم أهدافها بحصول الجزائر على إستقلالها في 5 جولية 1962 .

انطلقت في الفاتح من نوفمبر من سنة 1954 أول رصاصة من ثنايا جبال الأوراس بالضبط في نفق ثاغيث ببلدية تكوت بمدينة باتنة وبالقرب من الوادي الأبيض الأبي على الساعة 00ليلا مُعلنةً بدء الثورة المسلحة المجيدة ضد الآلة الاستعمارية الفرنسية المدججة بالسلاح والعتاد. ولم يأت إطلاق هذه الرصاصة الرافضة للاستعمار الفرنسي من العدم أو نتيجة لقرار متسرع، بل كان نتاج سنوات طويلة من العمل المضني، وقف عليه رجال أفذاذ آمنوا بعدالة قضيتهم وبأن الحرية تؤخذ ولا تعطى .

حيث ذاقت فرنسا صباحا مرارة الألم الذي أذاقته للشعب الجزائري مدة 124سنة (من1830إلى1954) واستيقظ قادتها وسياسيها على بيان أول نوفمبر الذي جزم وبلا تردد ولارجعة أن الإستقلال أصبح ضرورة لا مناص منها..

قاوم أبناء الجزائر وبناتها الاستعمار الفرنسي منذ الوهلة الأولى التي وطئت فيها أقدامه المدنسة بالجشع والظلم أرضهم الطاهرة في الخامس من جويلية 1830م، حيث اصطدمت السياسة الاستيطانية الفرنسية في جميع ربوع الجزائر، شمالها، غربها، شرقها وجنوبها خلال القرن 19م وبدايات القرن 20م بثورات ومقاومات شعبية شرسة قادها رجال أشاوس رفضا للسيطرة الأجنبية .

بيان أول نوفمبر1954 :

 ” أيها الشعب الجزائري،

   أيها المناضلون من أجل القضية الوطنية،

أنتم الذين ستصدرون حكمكم بشأننا ـ نعني الشعب بصفة عامة،  و المناضلون بصفة خاصة ـ نُعلمُكم أن غرضنا من نشر هذا الإعلان هو أن نوضح لكُم الأسْباَبَ العَميقة التي دفعتنا إلى العمل ، بأن نوضح لكم مشروعنا و الهدف من عملنا، و مقومات وجهة نظرنا الأساسية التي دفعتنا إلى الاستقلال الوطني في إطار الشمال الإفريقي، ورغبتنا أيضا هو أن نجنبكم الالتباس الذي يمكن أن توقعكم فيه الإمبريالية  وعملاؤها الإداريون و بعض محترفي السياسة الانتهازية.

فنحن نعتبر قبل كل شيء أن الحركة الوطنية ـ بعد مراحل من الكفاح ـ قد أدركت مرحلة التحقيق النهائية. فإذا كان هدف أي حركة ثورية ـ في الواقع ـ هو خلق جميع الظروف الثورية للقيام بعملية تحريرية، فإننا نعتبر الشعب الجزائري في أوضاعه الداخلية متحدا حول قضية الاستقلال و العمل ، أما في الأوضاع الخارجية فإن الانفراج الدولي مناسب لتسوية بعض المشاكل الثانوية التي من بينها قضيتنا التي تجد سندها الديبلوماسي و خاصة من طرف إخواننا العرب و المسلمين.

إن أحداث المغرب و تونس لها دلالتها في هذا الصدد، فهي تمثل بعمق مراحل الكفاح التحرري في شمال إفريقيا. ومما يلاحظ في هذا الميدان أننا منذ مدة طويلة أول الداعين إلى الوحدة في العمل. هذه الوحدة التي لم يتح لها مع الأسف التحقيق أبدا بين الأقطار الثلاثة.

إن كل واحد منها اندفع اليوم في هذا السبيل، أما نحن الذين بقينا في مؤخرة الركب فإننا نتعرض إلى مصير من تجاوزته الأحداث، و هكذا فإن حركتنا الوطنية قد وجدت نفسها محطمة ، نتيجة لسنوات طويلة من الجمود و الروتين، توجيهها سيئ ، محرومة من سند الرأي العام الضروري، قد تجاوزتها الأحداث، الأمر الذي جعل الاستعمار يطير فرحا ظنا منه أنه قد أحرز أضخم انتصاراته في كفاحه ضد الطليعة الجزائرية.

إن المرحلة خطيرة.

أمام هذه الوضعية التي يخشى أن يصبح علاجها مستحيلا، رأت مجموعة من الشباب المسؤولين المناضلين الواعين التي جمعت حولها أغلب العناصر التي لا تزال سليمة و مصممة، أن الوقت قد حان لإخراج الحركة الوطنية من المأزق الذي أوقعها فيه صراع الأشخاص و التأثيرات لدفعها إلى المعركة الحقيقية الثورية إلى جانب إخواننا المغاربة و التونسيين.

وبهذا الصدد، فإننا نوضح بأننا مستقلون عن الطرفين اللذين يتنازعان السلطة، إن حركتنا قد وضعت المصلحة الوطنية فوق كل الاعتبارات التافهة و المغلوطة لقضية الأشخاص و السمعة، ولذلك فهي موجهة فقط ضد الاستعمار الذي هو العدو الوحيد الأعمى، الذي رفض أمام وسائل الكفاح السلمية أن يمنح أدنى حرية.

و نظن أن هذه أسباب كافية لجعل حركتنا التجديدية  تظهر تحت اسم : جبهة التحرير الوطني.

و هكذا نستخلص من جميع التنازلات المحتملة، ونتيح الفرصة لجميع المواطنين الجزائريين من جميع الطبقات الاجتماعية، وجميع الأحزاب و الحركات الجزائرية أن تنضم إلى الكفاح التحرري دون أدنى اعتبار آخر.

ولكي نبين بوضوح هدفنا فإننا نسطر فيما يلي الخطوط العريضة لبرنامجنا السياسي.

الهدف:   الاستقلال الوطني بواسطة :

1 ـ إقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية ذات السيادة ضمن إطار المبادئ الإسلامية .

2 ـ احترام جميع الحريات الأساسية دون تمييز عرقي أو ديني .

الأهداف الداخلية: 1 ـ التطهير السياسي بإعادة الحركة الوطنية  إلى نهجها الحقيقي و القضاء على جميع مخلفات الفساد و روح الإصلاح التي كانت عاملا هاما في تخلفنا الحالي.

2 ـ تجميع و تنظيم جميع الطاقات السليمة لدى الشعب الجزائري لتصفية النظام الاستعماري .

الأهداف الخارجية: 1 ـ تدويل القضية الجزائرية

2 ـ تحقيق وحدة شمال إفريقيا في داخل إطارها الطبيعي العربي و الإسلامي .

3 ـ في إطار ميثاق الأمم المتحدة نؤكد عطفنا الفعال تجاه جميع الأمم التي تساند قضيتنا التحريرية .

وسائل الكفاح:

 انسجاما مع المبادئ الثورية، واعتبارا للأوضاع الداخلية و الخارجية، فإننا سنواصل الكفاح بجميع الوسائل حتى تحقيق هدفنا .

إن جبهة التحرير الوطني ، لكي تحقق هدفها يجب عليها أن تنجز مهمتين أساسيتين في وقت واحد وهما: العمل الداخلي سواء في الميدان السياسي أو في ميدان العمل المحض، و العمل في الخارج لجعل القضية الجزائرية حقيقة واقعة في العالم كله، و ذلك بمساندة كل حلفائنا الطبيعيين .

إن هذه مهمة شاقة ثقيلة العبء، و تتطلب كل القوى وتعبئة كل الموارد الوطنية، وحقيقة إن الكفاح سيكون طويلا ولكن النصر محقق.

وفي الأخير ، وتحاشيا للتأويلات الخاطئة و للتدليل على رغبتنا الحقيقة في السلم ، و تحديدا للخسائر البشرية و إراقة الدماء، فقد أعددنا للسلطات الفرنسية وثيقة مشرفة للمناقشة، إذا كانت هذه السلطات تحدوها النية الطيبة، و تعترف نهائيا للشعوب التي تستعمرها بحقها في تقرير مصيرها  بنفسها.

1 – الاعتراف بالجنسية الجزائرية  بطريقة علنية  و رسمية،  ملغية  بذلك  كل  الأقاويل  و القرارات و القوانين التي تجعل من الجزائر أرضا فرنسية رغم التاريخ و الجغرافيا  و اللغة و الدين و العادات للشعب الجزائري.

2 – فتح مفاوضات مع الممثلين المفوضين من طرف الشعب الجزائري على أسس الاعتراف بالسيادة الجزائرية وحدة لا تتجزأ.

3 – خلق جو من الثقة وذلك  بإطلاق  سراح  جميع  المعتقلين السياسيين ورفع  الإجراءات الخاصة و إيقاف كل مطاردة ضد القوات المكافحة.

وفي المقابل:

1 – فإن المصالح الفرنسية، ثقافية كانت أو اقتصادية  و المحصل عليها بنزاهة،   ستحترم و كذلك  الأمر بالنسبة للأشخاص و العائلات.

2 – جميع الفرنسيين الذين يرغبون في البقاء بالجزائر يكون لهم الاختيار بين  جنسيتهم الأصلية  و يعتبرون بذلك كأجانب تجاه القوانين السارية أو يختارون الجنسية الجزائرية وفي هذه الحالة يعتبرون كجزائريين بما لهم من حقوق و ما عليهم من واجبات.

3 – تحدد الروابط بين فرنسا و الجزائر و تكون موضوع اتفاق بين القوتين الاثنتين على أساس المساواة و الاحترام المتبادل.

أيها الجزائري، إننا ندعوك لتبارك هذه الوثيقة، وواجبك هو أن تنضم لإنقاذ بلدنا و العمل على أن نسترجع له حريته، إن جبهة التحرير الوطني هي جبهتك، و انتصارها هو انتصارك.

أما نحن، العازمون على مواصلة الكفاح، الواثقون من مشاعرك المناهضة للإمبريالية، فإننا نقدم للوطن أنفس ما نملك.”


شاركنا رأيك في “1 نوفمبر1954″إنطلاق أول رصاصة للثورة التحريرية..نداء الحرية و الاستقلال

شاهد ايضا