2023 : في ظل صمت المجتمع الدولي.. الشعب الفلسطيني ضحية إبادة

2023 : في ظل صمت المجتمع الدولي.. الشعب الفلسطيني ضحية إبادة

الجزائر – شهد العالم مع نهاية سنة 2023 على نتائج صمت المجتمع الدولي, وعلى رأسه الأمم المتحدة, في تطبيق قرارات الشرعية الدولية بخصوص فلسطين وفشله في وقف عدوان الاحتلال الصهيوني وحربه المفتوحة ضد الشعب الفلسطيني, خاصة بقطاع غزة, التي جاءت لتشكل ضربة مدمرة لمسار السلام ولتضع أمن وسلام المنطقة على المحك.

فاستقلال فلسطين, المنشود منذ أزيد من 75 سنة, أضحى أكثر من أي وقت مضى ضرورة ملحة للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين, بعد جريمة الإبادة التي يستمر في تنفيذها الكيان الصهيوني بحق أبناء غزة, والتي ستشكل لا محالة ملفا ثقيلا أمام القضاء الدولي لمحاسبته عنها وعن كل الجرائم والمجازر التي تضمنها سجله الاحتلالي لأرض فلسطين.

ومن هذا المنطلق, فإن ما يشهده العالم منذ 7 أكتوبر المنصرم من جرائم بحق الانسانية في غزة والضفة الغربية نسف كل معنى للسلام في فلسطين وضرب مصداقية مجلس الامن الدولي, الجهاز الذي تقع على عاتقه المسؤولية الرئيسية, بموجب ميثاق الأمم المتحدة, في الحفاظ وصون السلم والأمن الدوليين.

إن استمرار الاحتلال وتماديه في ممارساته الارهابية من قتل وتشريد و اعتقال و استحواذ على أراضي الفلسطينيين, يعني تغاضي المجتمع الدولي عن حقوق الشعب الفلسطيني, التي أنشأت الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجلها عام 1975, لجنة معنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه بما في ذلك الحق في تقرير المصير والحق في الاستقلال والسيادة الوطنيين, والحق في العودة إلى دياره وممتلكاته التي شرد منها.

ومرة أخرى, اثبت الاحتلال الصهيوني بجرائمه المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني, تنصله التام من عملية السلام, و انه كيان قام على العنف ولم يغير أبدا من ثقافته الإرهابية ومن انتهاكاته لحقوق الإنسان. فقد تجلى للعالم برمته ان كل الطرق مسموحة للاحتلال الصهيوني للحفاظ على تواجده على الأرض المغتصبة وتحقيق مراميه في القضاء على الهوية الفلسطينية.

ما يعيشه الشعب الفلسطيني من انتهاكات على مرأى ومسمع من العالم, واقع متجدد قائم على الإرهاب لكيان لم يترك اتفاقية ولا معاهدة دولية -وعلى رأسها اتفاقيات جنيف الأربع- الا و انتهكها, متماديا, تحت حماية عدد من الدول, في دوسه الخطير على القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان وجميع الشرائع الدولية.


اقرأ أيضا :   لليوم ال75 على التوالي.. الكيان الصهيوني يواصل عدوانه على الفلسطينيين بأبشع الطرق و أفتك الأسلحة


ودفع فشل المجتمع الدولي وأجهزة منظمة الأمم المتحدة المختصة, في ايقاف الحرب الصهيونية على أهل غزة, الاحتلال الى التمادي في مجازره التي أدت الى استشهاد و إصابة عشرات الآلاف من الفلسطينيين وتدمير شمال القطاع ثم جنوبه, ووضعه على حافة كارثة انسانية, في انتهاكات وصفت بأنها ترقى إلى جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب, استنادا لمواد نظام روما الأساسي, الذي أنشئت بموجبه المحكمة الجنائية الدولية.

وتؤكد حصيلة أزيد من شهرين من العدوان وتفاصيله الموثقة وآثاره على الفلسطينيين, ضرورة الإسراع في انهاء الاحتلال عن أرض فلسطين وتقديم مجرمي الكيان الصهيوني أمام المحاكم الدولية وزيادة بؤرة الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية كقضية عادلة لا بد أن يعود الحق فيها لأصحابه.

و أجمع المتتبعون على أن اجتماع مجلس الأمن الدولي الأخير أعطى الضوء الأخضر باستمرار الاحتلال في عدوانه على الشعب الفلسطيني, بعد فشله في اعتماد مشروع قرار طالب ب”الوقف الفوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية” في القطاع, بسبب استخدام الولايات المتحدة حق النقض, الأمر الذي تم انتقاده بشدة وعقب عليه الأمين العام الاممي, انطونيو غوتيريش, بأن المجلس أصابه “الشلل بسبب الانقسامات الجيو- استراتيجية” التي تقوض التوصل لأي حل للعدوان على غزة.

و استغل الكيان الصهيوني اتجاه الرأي العام العالمي نحو الدمار الذي ألحقه بغزة من خلال قصفه العشوائي الجوي والبري والبحري للمباني السكنية والمصالح الحيوية المدنية والجامعات والمستشفيات والمساجد والكنائس, ومنع وصول المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية والأدوية والوقود وقطع الكهرباء والمياه عن السكان, ليقوم ببناء مستوطنات جديدة بالقدس ويوسع أخرى بالضفة الغربية, بوتيرة متسارعة تضاهي سرعة آلة الموت التي ما فتئت تحصد عشرات بل مئات الشهداء الفلسطينيين كل يوم.

و اضافة الى عمليات التهجير القسري التي يمارسها جنود الاحتلال على الفلسطينيين, خاصة من شمال قطاع غزة إلى جنوبه, يقوم المستوطنون كذلك بطرد المدنيين من القرى المجاورة لبؤرهم الاستيطانية وتكثيف اعتداءاتهم التي وصلت إلى حد القتل بحق الفلسطينيين, للاستيلاء على المزيد من أراضيهم وممتلكاتهم.

 

 الجزائر تواصل الوقوف بجانب الشعب الفلسطيني

 

ويواصل الشعب الفلسطيني بكافة أطيافه صموده الأسطوري أمام العدوان الصهيوني الذي يندرج ضمن مخططات الاحتلال لتحقيق تطهير عرقي بغزة وسلب ممتلكات الشعب الفلسطيني وتهجيره قسرا, وهذا ما يشكل آخر مخططات الكيان المحتل المتعلقة بتوسيع مستوطناته وبؤره الاستيطانية الجاثمة على الأراضي الفلسطينية.

ان الانتصار للقضية الفلسطينية يبدأ بالدعم اللامتناهي واللامشروط لها, وهو ما رافعت عنه الجزائر بقيادة رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, في المحافل الدولية والإقليمية, وعملت باتجاه تحقيق المصالحة بين أبناء هذا الشعب من خلال توحيد الفصائل الفلسطينية.

فالجزائر, وفي اطار سياستها المساندة للقضايا العادلة, بادرت ولا تزال من اجل تمكين الشعب الفلسطيني من استرجاع كافة حقوقه غير القابلة للتصرف أو المساومة, وعلى رأسها حقه في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشريف, وفق القرارات الأممية والمرجعيات الدولية ذات الصلة.

وقد حمل رئيس الجمهورية موقف الجزائر هذا وعبر عنه في كافة المنابر الدولية والإقليمية, منها دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة الثامنة والسبعين, التي دعا خلالها الى عقد جمعية عامة استثنائية لمنح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الجهاز الأممي, كما دعا محكمة العدل الدولية للاستجابة لطلب الجمعية العامة لإصدار رأيها الاستشاري حول الممارسات التي تمس حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة, وطالب مجلس الأمن بإصدار قرار يؤكد بموجبه حماية حل الدولتين.

وشكلت مناسبة افتتاح السنة القضائية 2023-2024 فرصة لرئيس الجمهورية للمرافعة مجددا لصالح القضية الفلسطينية, وهذه المرة عبر الدعوة لرفع دعوى قضائية ضد الكيان الصهيوني أمام المحكمة الجنائية الدولية, معتبرا الخطوة تمثل “سبيلا لإنهاء حالة الإفلات من العقاب بحق الاحتلال الصهيوني التي دامت عقودا” وكذا “ملاذا للأشقاء الفلسطينيين لاستعادة حقهم في إقامة دولتهم المستقلة”.

وفي هذا الإطار, و استجابة لدعوة الرئيس تبون, قدمت يوم 9 نوفمبر شكوى جماعية أمام المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي, بمبادرة من المجتمع المدني وبدعم مجموعة من المحامين, من بينهم جزائريين, ضد الكيان الصهيوني تتعلق بالإبادة الجماعية وجرائم أخرى مرتكبة ضد الشعب الفلسطيني في كل من غزة والضفة الغربية المحتلة.

كما كانت ندوة الجزائر الدولية حول “العدالة للشعب الفلسطيني” التي بادرت الجزائر بتنظيمها أواخر نوفمبر المنصرم, صورة أخرى من صور الدعم, حيث أعلن خلالها عن إنشاء لجنة مشكلة من قضاة ومحامين تتولى متابعة رفع الشكاوى بخصوص الجرائم الصهيونية غير المسبوقة أمام محكمة الجنايات الدولية وباقي المحاكم التي تعتمد عالمية العقوبة.

وفي آخر خطوة قامت بها تجاه القضية الفلسطينية, ستستقبل الجزائر 400 طفل فلسطيني مصاب لتقلي العلاج من جروح و آثار همجية ووحشية الكيان الصهيوني وذلك بالمستشفيات المدنية والعسكرية لولايات الجزائر العاصمة, وهران وقسنطينة.