منجم غارا جبيلات: دفع جديد للتنمية الاقتصادية من خلال تثمين المقدرات الوطنية

منجم غارا جبيلات: دفع جديد للتنمية الاقتصادية من خلال تثمين المقدرات الوطنية

تندوف – يشكل منجم الحديد الضخم بغارا جبيلات (تندوف)، الذي دخل أولى مراحل الاستغلال قبل نحو عام، و الذي اشرف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، اليوم الخميس، على وضع حجر الاساس لمشروع انجاز مصنع المعالجة الأولية لخام حديده، بمناسبة زيارة عمل و تفقد لولاية تندوف، أحد أهم المشاريع الهيكلية التي تعول عليها الجزائر لإعطاء دفع جديد لاقتصادها وتنويعه وخاصة لدعم الصناعة بولاية تندوف، اعتمادا على تثمين المقدرات الوطنية.

وينتظر أن يحقق المشروع أهدافا عديدة سيما ما تعلق منها بتثمين الثروات المنجمية لدعم السوق المحلي في مجال صناعة الحديد والصلب وتأمين وضمان الاكتفاء من الحديد من جهة، إلى جانب تنمية منطقة الجنوب الغربي للوطن من خلال المشاريع الضخمة المصاحبة لمشروع استغلال المنجم من جهة أخرى، مع إمكانية التصدير.

وفضلا عن انعكاساته الكبرى المرتقبة على التنمية الشاملة أضحى المنجم، الذي يزخر باحتياطات تقدر ب 3،5 مليار طن، نموذجا للمشاريع التنموية المندمجة والذي ألح رئيس الجمهورية في عديد المناسبات على تجسيده ضمن مقاربة “مدمجة وبشكل تكاملي” مع مختلف المشاريع الصناعية والبنى التحتية المرتبطة به.

كما شدد رئيس الجمهورية على أهمية العمل وفق أجندة زمنية محددة مع الإسراع في تجسيد هذا المشروع الحيوي و رفع مستويات الانتاج في اقرب الآجال وتسريع إنجاز خط السكك الحديدية المرافق الرابط بين تندوف و بشار(950 كلم) المخصص لنقل خام الحديد نحو مواقع التحويل و الاستغلال.

ويصف خبراء اقتصاديون مشروع استغلال منجم غارا جبيلات بأكبر استثمار منجمي في الجزائر منذ الاستقلال.

وينتظر أن يساهم هذا المشروع الضخم في تعزيز قدرات البلاد في استغلال مؤهلاتها الطبيعية و توظيفها للنهوض بالصناعات الثقيلة وتوفير فرص عمل مستقبلا بعد الوصول إلى الطاقة القصوى في الاستغلال الفعلي للمنجم والتي قد تصل إلى 15.000 منصب عمل من مجموع 20 آلف منصب عمل متوقع ، حسب توضيحات مسؤولي وزارة الطاقة والمناجم.

ويتربع المنجم على ثلاث مناطق استغلال وهي “غارا جبيلات غرب” و”غارا جبيلات وسط” و ”غارا جبيلات شرق”، فيما تضم منطقة الغرب احتياطي يقدر بنحو 7ر1 مليار طن.

وسيمر هذا المشروع الهيكلي بعدة مراحل ممتدة من 2022 إلى 2040، حيث سيتم خلال المرحلة الأولى الممتدة من 2022 إلى 2025 استخراج 2 إلى 3 مليون طن من خام الحديد ونقله بريا (في انتظار إنجاز خط السكة الحديدية الرابط بين بشار وغارا جبيلات) إلى بشار وشمالها من أجل تحويله وتثمينه.

أما المرحلة الموالية، ابتداء من 2026، فستنطلق مباشرة بعد إنجاز خط السكة الحديدية، حيث سيتم استغلال المنجم بطاقة كبرى تسمح باستخراج 40 الى 50 مليون طن سنويا.

وضمن إطار المقاربة المندمجة لتثمين الثروة المنجمية لغارا جبيلات سيتعزز هذا الأخير بمركب للحديد والصلب بولاية بشار والمقرر استلامه سنة 2026 باستثمار قوامه 1 مليار دولار.

وستسمح هذه الوحدة الصناعية التي أسند إنجازها إلى المجمع الصيني (سي أم أش) الذي يضم ثلاث شركات صينية عملاقة بالشراكة مع الشركة الوطنية للحديد والصلب (فيرال) بإنتاج البلاطات وقضبان السكك الحديدية والهياكل المعدنية.

وسيضم المركب أيضا العديد من وحدات معالجة وتحويل الحديد وكذا وحدة لإنتاج العربات لنقل موارد الحديد من غارا جبيلات نحو بشار ومنها إلى مركب الحديد والصلب ببطيوة (وهران)

 

                                   — الخط السككي غارا جبيلات-بشار لتعزيز الحركية الاقتصادية بالمنطقة —

 

ويكتسي مشروع خط السكة الحديدية غارا جبيلات-تندوف-بشار المخصص أساسا لشحن خام حديد منجم غارا جبيلات (تندوف) أهمية تنموية كبرى، لما لهذا الشريان من دور مستقبلي في بعث حركية اقتصادية غير مسبوقة جنوب غرب الوطن، ولمساهمته الأكيدة في فتح آفاق تنموية واعدة لتثمين الثروات المنجمية.

ويجمع إطارات بقطاعات الطاقة والمناجم والأشغال العمومية والتجارة وأساتذة جامعيين في انطباعات رصدتها ”وأج”، أن هذا المشروع “سيساهم في تعزيز الحركية الاقتصادية من خلال نقل خام الحديد نحو مناطق التصنيع تجسيدا لتوجه الدولة الرامي إلى تثمين الثروات المنجمية بولاية تندوف التي تعتبر بوابة الجزائر نحو الغرب الإفريقي”.

وأكد في هذا الصدد مدير الأشغال العمومية، عبد الكريم بلقاسم، أن هذا الخط من شأنه أن يقلل من تكلفة نقل المادة الخام من الحديد انطلاقا من منجم غارا جبيلات نحو مختلف مناطق التصنيع، فضلا عن أهميته في الدفع بالحركة التنموية بالمنطقة وإنعاش الاقتصاد الوطني بشكل عام.

من جهته، أبرز رئيس غرفة التجارة والصناعة “تفاقومت” بتندوف نوح أبيري، المزايا الاقتصادية التي سيوفرها المشروع للمنطقة، معتبرا أنه ”سيعود بالفائدة على سكان هذه الولاية وعلى مختلف المتعاملين الاقتصاديين والتجار من خلال تسهيل نقل البضائع بأقل التكاليف، فضلا عن تشجيع الاستثمار بهذه الولاية الحدودية”.

بدوره، أشار البروفيسور حبيب بريك الله من المركز الجامعي بتندوف إلى “أن النشاط المنجمي بولاية تندوف في حال دخوله مرحلة الاستغلال الفعلي سيرفع من حجم التحصيل الجبائي والضرائب في الخزينة المحلية، ما من شأنه تعزيز البنى التحتية للولاية من قواعد صناعية وسكك حديدية وطرقات”.

اقرأ المزيد