قالمة: توزيع “حلويات البراج” و “فطائر السفنج” عادة متوارثة عبر الأجيال

 

قالمة- مع بزوغ فجر يوم عيد الفطر المبارك من كل سنة تجدد بعض العائلات من ولاية قالمة تمسكها بعادة متوارثة عبر الأجيال تتمثل في توزيع “حلويات البراج” و “فطائر السفنج” التقليديتين بوضعها أمام أبواب المساجد أو على جوانب الشوارع التي يسلكها المصلون.

و في حديث مع “وأج” أفادت السيدة “وناسة”, في العقد الثامن من العمر, بأنها تحافظ على العادة التي ورثتها عن أمها وهي القيام ليلة عيد الفطر من كل سنة بتحضير كمية كبيرة من حلويات “البراج” التي تعتمد في تحضيرها على مكونات بسيطة أهمها السميد الخشن والزيت والملح والسمن التي تخلط وتعجن وتسوى بشكل دائري على طبقتين تتوسطهما طبقة من الغرس (التمر المطحون) ثم تقطع وفق شكل هندسي عبارة عن”معين” وتوضع على طاجين الطين على النار حتى تنضج.

و أضافت المتحدثة نفسها بأنها “تقوم قبل صلاة الفجر بتقسيم كميات حلويات البراج على أطباق أو صحون يحرص زوجها وأبناؤها على وضعها عند مداخل المساجد أو تسليمها لأصحاب المقاهي التي تقدمها للزبائن مجانا طيلة اليوم في حين يكلف أطفال صغار بحمل صحون هذه الحلوى التقليدية والتجول بها في الشارع لتقديمها للمارة لنشر مظاهر الفرحة والابتهاج بهذه المناسبة”.

من جهتها, أوضحت السيدة “فطيمة” التي تبلغ من العمر 70 سنة بأنها تفضل تحضير “السفنج” المعروف في بعض المناطق من الوطن باسم “الخفاف” والتي تعتمد في تحضيرها على مكونات منزلية بسيطة تتمثل في السميد والملح والماء والخميرة ثم عجنها وتقسيمها إلى كريات صغيرة يتم تحويلها إلى فطائر و طهيها في الزيت الساخن إلى أن تأخذ الشكل الذهبي ثم توضع عليها كميات من السكر حتى تكتسب مذاقا حلوا.

و عادة ما تتزاحم مداخل المساجد بعدد كبير من الأطباق التي تمزج بين “البراج” الذي تفضله عائلات و”السفنج” الذي تفضله عائلات أخرى في مشهد جميل يظهر معاني التسابق إلى فعل الخير في الساعات الأولى من عيد الفطر المبارك, مما يزرع في نفوس من يتناولها الطمأنينة والرضا اللذين يظهران من خلال الدعاء بالخير لأصحاب الصدقات.

كما تتميز صبيحة عيد الفطر المبارك بحركية كبيرة وسط الأحياء الشعبية أو في القرى والمشاتي قليلة الكثافة السكانية والتي يتبادل فيها الجيران صحون الحلويات من كل نوع ولون ومن بينها البراج والسفنج وذلك للتعبير عن معاني التسامح و التغافر والتكافل وتقوية صلات القرب بين المتباعدين خلال هذه المناسبة الدينية.

و تعتبر العائلات المحافظة على هذه العادة الحميدة بأن توزيع هذه المأكولات التقليدية ذات المذاق الحلو على المتوجهين إلى المساجد من الصدقات التي يؤجر عليها المسلم خلال هذه المناسبة الدينية التي يستحب فيها الأكل قبل الصلاة, كما أن هذا النوع من الهدية الصباحية تساهم في نشر القيم الجميلة والأخلاق الفاضلة داخل المجتمع.

 

أطباق لم تصمد أمام التغييرات الإجتماعية

 

 

بخلاف “البراج ” و”السفنج”, اللذين بقيا صامدين رغم تعاقب الأجيال وظهور أصناف عصرية من الحلويات ذات الأذواق والألوان المتعددة, فقد استسلمت “الغرايف” المعروفة باسم “البغرير” في بعض المناطق للتغييرات الاجتماعية ولم يعد له حضور صبيحة العيد.

و يقول في هذا الصدد السيد عبد الرحمان, متقاعد, بأنه كان منذ صغره يتلذذ بطعم “الغرايف” (أوراق ذات ثقوب) التي كانت من الأطباق التي تزين الموائد ومداخل المساجد في عيد الفطر المبارك خاصة وأن عشرات الثقوب التي تزين ظاهر ورقة هذه الأكلة التقليدية تكون مليئة بالعسل أو في بعض الأحيان تدهن بالزبدة ويوضع عليها السكر مشيرا إلى أن هذه الأكلة لم تعد حاضرة في العيد.

و حسب بعض ربات البيوت فإن تخلي بعض العائلات عن عادة تحضير الغرايف في أول يوم من عيد الفطر المبارك يعود إلى عدة عوامل في مقدمتها صعوبة تحضيره زيادة على أنه عندما ينقل إلى خارج البيوت ويبرد يفقد نكهته ومذاقه.

و مهما كان نوع الطبق أو الحلوى المقدمة في عيد الفطر فإن الأهم من ذلك بالنسبة للعائلات بقالمة هو أن يكون العيد مناسبة للفرح والبهجة والتسامح.

اقرأ المزيد