صفقة تبادل الأسرى تفضح ظروف الاعتقال الوحشية للأسرى الفلسطينيين بسجون الاحتلال الصهيوني

صفقة تبادل الأسرى تفضح ظروف الاعتقال الوحشية للأسرى الفلسطينيين بسجون الاحتلال الصهيوني

الجزائر – كشفت صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين التي تمت ضمن اتفاق الهدنة الإنسانية بين المقاومة الفلسطينية والكيان الصهيوني بغزة بين 24 نوفمبر والفاتح من ديسمبر, ظروف الاعتقال الوحشية والمأساوية وكذا الممارسات الشنيعة والمهينة للكرامة الإنسانية التي تعرض لها الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال.

من خلال شهادات حية وصادمة استقتها “واج” من مجموعة من الأشبال الأسرى المحررين خلال فترة الهدنة الإنسانية, اتضح جليا ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيون داخل سجون الاحتلال, حيث فضحت هاته التصريحات الصادمة واقع ما يحدث داخل الزنزانات و المعتقلات, كما كشفت عن حقائق مروعة أبطالها سجانون لا تختلف ممارساتهم عما يقترفه جنود الاحتلال من جرائم في غزة والضفة الغربية وفي كل شبر من فلسطين المحتلة.

وحسب شهادات كل الأسرى المحررين, كانت ظروف الاعتقال في السجون الصهيونية لا ترقى إلى ذرة من احترام الكرامة الإنسانية, وسرعان ما ازدادت سوء بأضعاف مضاعفة بعد السابع من أكتوبر, تزامنا مع تنفيذ المقاومة عملية “طوفان الأقصى”, حيث كثفت قوات الاحتلال من وحشيتها تجاه الأسرى.

مجد رائد مسعود فريحات, من جنين, أحد الأطفال الأسرى الذين تم اطلاق سراحهم, بعدما حكم عليه الاحتلال ب18 شهرا سجنا وغرامة مالية بألفي دولار بتهمة مقاومة جنود الاحتلال, قضى منها ثمانية أشهر.

مجد, الشبل ذا ال16 عاما, تحدث بمرارة عن ظروف الاعتقال “الصعبة والمهينة, وعن الضرب والتعنيف والتعذيب” الذي تعرض له ليلا ونهارا هو ورفاقه الأسرى من فئة الأطفال في زنزانات الإحتلال, مؤكدا أنه وبعد عملية “طوفان الأقصى” وتلقيه هو وأقرانه خبر وجود اسرى صهاينة لدى المقاومة الفلسطينية, “استبشر خيرا وأصبح أمله في معانقة الحرية أقرب من أي وقت مضى”.

و اعتبر مجد أن سجون الاحتلال “انقلبت منذ السابع من أكتوبر, وإلى غاية لحظة مغادرته المعتقل, إلى مراكز للتعذيب و أصبحت تشبه سجن غوانتنامو أو أبو غريب”, نظرا لفظاعة ما تمارسه قوات الاحتلال داخلها.

مجد, الذي تحدث بطلاقة قل ما تجدها عند أقرانه من نفس سنه , أكد أن فرحته بالحرية ظلت ناقصة بعدما ترك مئات بل آلاف الأسرى خلفه يقبعون في سجون الاحتلال, معربا عن أمله في أن يتمكن جميعهم من فك الأسر وعودتهم إلى أهلهم وذويهم.

وناشد المتحدث كل دول العالم أن ينصفوا الشعب الفلسطيني ويحرروه من الاحتلال الصهيوني الغاشم و أن يحموا أطفاله من بطشه, قائلا: “نحن شعب نحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلا”.

من جانبه, أوضح الأسير المحرر سلطان سامر سرحان, أنه اعتقل 24 مرة منذ أن كان في عمره 10 سنوات. ففي سن 14 سنة حكم عليه من قبل الكيان الصهيوني بسنة سجن نافذة, ليتم الحكم عليه مرة أخرى في عمر 16 سنة ب30 شهرا بتهمة مقاومة جنود الإحتلال في مدينة القدس.

سلطان, البالغ من العمر 18 سنة, يقول أن كثرة اعتقاله منذ نعومة أظافره كانت بسبب استشهاد والده على يد مستوطنين, حيث كان يوجه له جنود الاحتلال تهمة “الانتقام” لوالده الشهيد.

و أكد سلطان أن ظروف الأسر كانت قاهرة خاصة بعد 7 أكتوبر, حيث حرم الأسرى من كافة حقوقهم بل من حقوق الإنسان كافة, حرموا من الطعام, الشراب, الحمام والاستحمام, الملابس, الأغطية والأفرشة, منعوا من الفسحة التي تقتصر على استنشاق الهواء النقي, تعرضوا للضرب الدائم والمبرح, ناهيك عن قطع الكهرباء والماء, مشيرا إلى أنه تمت ممارسة أشد أنواع التعذيب عليهم والتنكيل بأجسامهم المنهكة.

كما أضاف أنهم حرموا أيضا من معرفة ما يجري في الحياة اليومية وما يحدث خارج أسوار المعتقل, وقال أنه كان متواجدا في سجن النقب “الذي يوصف من تحرر منه بأنه قد ولد من جديد” على حد تعبيره.

 

 الدعوة الى تدخل هيئات حقوق الإنسان الدولية للنظر في ظروف الأسرى الفلسطينيين

 

يستذكر سلطان جيدا لحظات فك أسره من أيدي الاحتلال والتي تزامنت مع طلوع فجر ذلك اليوم, حيث قال “كنت على مستوى الخيم المكتظة في السجن, فقمت لأداء صلاة الفجر ونظرت للسماء فرأيت و كأنني أحضن والدتي وإخوتي, استغربت حلم اليقظة هذا وعدت إلى النوم, فيأتي الضابط الصهيوني بعدها ينادي بإسمي, ظننت بل كنت متأكدا بأنني سأنقل إلى الزنزانة أو إلى سجن آخر”.

تم ترحيل سلطان وهو لا يعلم إلى أين ستكون وجهته, إلى أن وصل إلى القدس, و أودع بسجن المسكوبية وهناك وبعد ساعات طويلة من الانتظار والتخيل كيف سيكون مصيره, أخبره ضابط صهيوني آخر بأنه سيتم إخلاء سبيله.

لم يصدق سلطان الخبر, و اختلطت بداخله مشاعر الفرح بالحرية بمشاعر الخوف بعدما سمعه من تهديدات بإمكانية إعادة اعتقاله في حال أخل بشروط إخلائه, وفي مقدمتها منع الاحتفال بفك أسره.

وفي شهادات حية أخرى نقلها الأخوان قسام إياد الأعور ونصر الله إياد الأعور بعد مغادرتهما سجن النقب, أكدت كلها على وحشية وهمجية الممارسات التي سلطها الاحتلال الصهيوني على الأسرى بعد “طوفان الأقصى”.

الشقيقان المقدسيان تحدثا بأسى وحزن كبيرين عن مصير مئات بل آلاف الأشبال الأسرى بسجون الاحتلال, مشيران إلى أن يومياتهما بالمعتقل كانت صعبة جدا بل لا يتحملها إنسان عادي, “فمعاملة السجانين كانت قاسية ومذلة, حيث حرموا داخل الزنزانات من أبسط مقومات الحياة التي من المفترض أن تكون داخل السجون العادية, حتى نسخ المصحف الشريف سحبت من الأسرى”.

و أفادا أن ظروف السجن تغيرت كثيرا بعد السابع أكتوبر من سيء الى أسوأ, ميزتها ممارسات مشينة وحاطة من الكرامة الإنسانية, فباتت عملة السجان الصهيوني هي “الضرب والتعنيف طيلة اليوم, والحرمان من أبسط الحقوق”, كما تم منع جميع الأسرى من تلقي زيارات الأهل وقطع جميع الاتصالات مع ذويهم خارج المعتقل, بالإضافة إلى منع تسرب أي معلومة من خارج السجن في محاولة لطمس حقيقة ما يجري في غزة أو أي منطقة أخرى من فلسطين.

و أعرب الشقيقان قسام ونصر الله عن أملهما في تدخل هيئات حقوق الإنسان الدولية للنظر في ظروف الأسرى الفلسطينيين, خاصة الفئات الهشة من نساء و أطفال ومرضى ومصابين, و دعا المقدسيان إلى ضرورة مواجهة الانتهاكات الوحشية والجرائم المرتكبة بحق المعتقلين.

وراء كل شبل محرر قصة وعلى جسده آثار أسر ربما ستظل خالدة في ذهنه, إلا أن ظلمة السجون وظلم الآسرين لم تكسر عنفوان كل فلسطيني عانق الحرية ولا يهمه إن سلبت منه مرة أخرى من أجل وطنه.