زعماء المقاومة الشعبية ضد الاستعمار كانوا متحكمين في فنون الحرب

تيزي وزو- أكد مشاركون في ملتقى وطني نظم عن بعد بتيزي وزو، حول “السياسة الفرنسية في منطقة القبائل” أن زعماء المقاومة الشعبية ضد الاستعمار الفرنسي خلال القرن ال19 كانوا متحكمين في فنون الدعاية وتعبئة الجماهير والحرب.

وأبرز جامعيون خلال تنشيطهم أمس الاثنين لليوم الأول من هذا الملتقى الذي سيختتم اليوم الثلاثاء بجامعة “مولود معمري” بتيزي وزو، تحكم زعماء المقاومة الشعبية آنذاك في تعبئة الجماهير حول قضية مشتركة، والمتمثلة في النضال ضد الاستعمار، بالإضافة إلى إلمامهم بفنون الحرب.

وذكر المتدخلون من بين الأساليب و الطرق التي كان يعتمدها زعماء المقاومة والتنظيمات الاجتماعية، من لجان القرى والزوايا لمواجهة الاستعمار الفرنسي، تعبئة المواطنين والتنظيم اللوجستيكي وحمل العائلات والشخصيات الوطنية المؤثرة على دعمهم واستغلال العلاقات الخارجية لصالح القضية وسياسة الردع المنتهجة ضد حلفاء العدو.

وفي هذا الصدد، قدم محمد مختار زغار، من المركز الوطني للدراسات والبحث في التاريخ العسكري الجزائري، بالمناسبة ، قراءة في مبادئ الدعاية والتعبئة الشعبية في انتفاضة المقراني و الشيخ الحداد سنة 1871.

وأوضح في هذا السياق أن “هذين الزعيمين عملا قبل قيام الانتفاضة على حشد السكان حول مثل الحرية وحماية الوطن والهوية الوطنية”، حيث أشار على سبيل المثال إلى لجوء المقراني إلى الدعوة إلى “الجهاد في سبيل الله”، مما جعل الزوايا تدعم هذه الدعوة.

كما اعتمد نفس الزعيم التاريخي على طرق أخرى، أهمها اللجوء إلى ترجمة مقالات الصحف الفرنسية التي كانت تتناول التدابير المتخذة ضد الجزائريين، فضلا عن استغلاله لقصائد الشعر الملحون التي تندد بالمستعمر، سيما تلك التي كانت تتناول سقوط الجزائر العاصمة و التي كانت تؤجج المشاعر المناهضة للاستعمار، وفق نفس المصدر.

كما أشار المتحدث أيضا إلى بحث المقراني عن دعم خارجي، من خلال كتابة رسائل إلى ملكة إنجلترا والسلطان العثماني، مبرزا بأن هذا القائد كان يقوم أيضا بعرض قواته عبر القرى كي يبرز للسكان أنهم ليسوا ب”متمردين”، كما كانت تدعيه فرنسا الاستعمارية، بل “رجال مقاومة مسلحين ومنظمين”.

وخلص محمد مختار زغار قائلا: أن “دراسة الأساليب المستخدمة في حشد السكان آنذاك أثبتت أن “الشيخين المقراني والحداد كانت لديهم حنكة و مهارة يحسدهم عليها أولئك الذين تعلموا فنون الدعاية و حشد الجماهير بالأكاديميات الكبرى المختصة في المجال”.

بدورها، سلطت فاطمة الزهراء حوتية، من جامعة أدرار خلال تنشيطها محاضرة تحت عنوان “مقاومة الشريف بوبغلة 1851-1854: رمز من رموز المقاومة الشعبية ضد الاستعمار الفرنسي”، الضوء على أساليب الكفاح التي كان ينتهجها بوبغلة ضد الجيش الاستعماري.

وأردفت قائلة أن هذا القائد كان يعتمد على مستوى القوى المتوفرة لديه، إذ كان ينفذ هجمات مباشرة ضد العدو أو يلجأ إلى هجمات مفاجئة وسريعة حين كان يلاحظ أن قوات العدو أكبر عددا و عدة من قواته، مما مكنه من إلحاق خسائر فادحة بالعدو في العديد من المعارك.

يشار إلى أنه بادر بتنظيم هذا الملتقى قسم العلوم الإنسانية بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة “مولود معمري” بتيزي وزو.