تيزي وزو: المقروط وتيحبولين، سلاطين مائدة العيد

 تيزي وزو: المقروط وتيحبولين، سلاطين مائدة العيد

تيزي وزو – تعكف نساء تيزي وزو عشية عيد الفطر على صنع مختلف أنواع الحلويات و الكعك، التي يتصدرها المقروط المصنوع من السميد وتيحبولين وهي فطائر مصنوعة بالعجينة المخمرة، والتي تعتبر من أساسيات الاحتفال بالعيد.

ولا يمكن لأي ربة بيت بالمنطقة، رغم إتقانها لكل أنواع الحلويات الجزائرية المسايرة لموجة العصرنة و التحديث في كل عيد، أن تستغني عن صنع المقروط، حلوى مصنوعة من السميد والسمن و محشوة ب”الغرس” (معجون التمر) أو بالفواكه الجافة (لوز أو فول سوداني)، تقلى في الزيت قبل غمسها في العسل، أو تيحبولين، التي تسمى أيضا خفاف أو سفنج، حسب كل منطقة، و هي فطائر مصنوعة من السميد الرقيق وخميرة الخبز والماء والملح.

وبالرغم من تفانيها في صنع أجود و أجمل وأحدث أنواع الحلويات لإثارة إعجاب الضيوف و أفراد العائلة بها، لا زالت النساء بالمنطقة متمسكات بصنع الحلويات التقليدية التي لا تزال تحافظ على مكانتها المميزة في قلوب المواطنين بتيزي وزو وعلى موائدهم في مختلف المناسبات.

وذكرت عدد من النساء اقتربت منهن /وأج، أن عادة ما يكون تحضير تيحبولين والمقروط عشية العيد كي يقدم طازجا صبيحة عيد الفطر، كونهما من الحلويات التي لا يمكن حفظها طويلا.

وترى ججيقة و ويزة، وهما سيدتان في السبعين التقت بهما /وأج بفضاء تجاري بدراع بن خدة عندما كانت منهمكتان في اختيار السميد المناسب لصنع المقروط، أن عدم وجود هذا الأخير على مائدة عيد الفطر يجعلها “ناقصة”، نظرا لاعتبار هذه الحلوى “رمز التقاليد والأجواء الجميلة التي كانت تميز البيوت في الماضي خلال أمسية آخر يوم من شهر رمضان”.

واستحضرت ويزة تلك الأجواء الجميلة بتذكرها كيف كانت النساء تجتمعن لتحضير كميات كبيرة من المقروط، إذ تتولى إحداهن مهمة تشكيل حبات السميد المحشوة، في حين تتكفل أخرى بقليها والثالثة بغمسها في العسل.

وتتميز حلوى المقروط بكونها اقتصادية ولذيذة، إذ تصنع أساسا من السميد والسمن مع إمكانية حشوها بمعجون التمر أو الفول السوداني عوضا من اللوز الأغلى ثمنا، علما أن غالبية أهالي تيزي وزو يفضلون حشوة التمر لمذاقها المميز أولا و لكونها تدوم لفترة أطول من تلك المصنوعة من الفواكه الجافة.

بدورها، أكدت ليندة، صاحبة قناة في اليوتوب مختصة في الطبخ التقليدي بالأربعاء ناث إيراثن، أن المقروط كان يحضر قديما بزيت الزيتون، وقالت أن “هذا المكون يضفي طعما خاصا للحلوى وينسجم تماما مع ذوق العسل الممزوج بماء زهر البرتقال”.

وأشارت إلى أن الكثير من مشتركيها طلبوا منها مشاركتهم وصفة المقروط التقليدي المصنوع بزيت الزيتون عوض السمن، مشيرة إلى أن العديد ممن طبقوا وصفتها أكدوا في تعليقاتهم إعجابهم بالذوق المميز لهذا المقروط.

 

        ==تيحبولين، رمز الرخاء و الجود==

 

وفيما يتعلق بتيحبولين، فأمرها مختلف بولاية تيزي وزو و بكل منطقة القبائل، حيث لا يمكن تصور أي مناسبة احتفالية تغيب فيها هذه الفطائر التقليدية.

وبعيدا عن كونها طعاما أو حلوى، تحمل هذه الفطائر في طياتها الكثير من الرمزية والمؤشرات التي تبشر بالخير، إذ تبشر عجينة تيحبولين المخمرة ب”الخير و البركة والرفاه والوفرة والكرم”، استنادا لعدد من النساء.

ومن غير الممكن أن تخلوا احتفالات رأس السنة الأمازيغية، يناير، أو الأعياد الدينية، عيد الفطر أو الأضحى، وغيرهما، وحتى حفل الزواج والختان وما يسمى بالوعدة أو غيرها من المناسبات العائلية أو المجتمعية، من تيحبولين، و مفردها تاحبولت، حسب تأكيدات وردية و سعدية ومليكة من بلدية تادميت.

وتقدم فطائر تيحبولين عادة صبيحة يوم العيد في طبق أو صينية جميلة لتناولها مع الشاي أو القهوة أو القهوة بالحليب، و يحبذها كل الذين لا يحبون تناول السكريات بكثرة بشكل خاص.

وتتقاسم العائلات فيما بينها صحون تيحبولين مرفقة بباقي الحلويات المحضرة بمناسبة العيد، وألحت العديد من النساء على أهمية الحفاظ على الحلويات التقليدية الجزائرية الذي أضحت تراثا وطنيا.

اقرأ المزيد