الثورة الجزائرية والقضية الفلسطينية يجسدان الدفاع عن المبادئ الإنسانية السامية و حق تقرير المصير

 

الجزائر – أبرز كتاب ومسرحيون يوم السبت بالجزائر العاصمة أن الثورة الجزائرية وكفاح الشعب الفلسطيني من أجل حريته يجسدان معنى العلاقة بين المسرح والمقاومة كونهما يشتركان في الدفاع عن المبادئ الإنسانية السامية المتمثلة في كرامة الإنسان وحقه في تقرير مصيره والإستقلال.

و في ندوة بعنوان “مسرح المقاومة من الثورة الجزائرية إلى نصرة الأقصى” بالمسرح الوطني الجزائري نظمت على هامش عروض الطبعة ال 16 للمهرجان الوطني للمسرح المحترف, أكد عبد الحليم بوشراكي من جامعة قسنطينة أنه بالنظر إلى المستجدات السياسية والنضالية في فلسطين ومنذ بداية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر الماضي “فإن العالم اليوم يعيش مشهدية فارقة من خلال مرجعيات خطاب جديدة تدفع المسرح إلى ابتكار طرق جديدة لفهم ما يحدث”.

و أضاف بأنه منذ بداية المقاومة في غزة “أصبحت منظومة القيم مختلفة، ولا بد على المسرحيين العرب تقديم فصل جديد من فصول القيم المسرحية التي تتجاوز كل المدارس المسرحية المعروفة”، على حد قوله.

و وصف بوشراكي ما يحدث في غزة من مقاومة باسلة ب “الملحمة” التي تضع المسرحيين أمام “حمولة معرفية جديدة” وتؤكد بأن المسرح “مرتبط بفكرة وواقع تحليلي وليس مجرد سرد لأحداث وتواريخ”.

أما الكاتب الصحافي احميدة العياشي, فتحدث عن المسرحي والروائي كاتب ياسين بصفته مبدعا ولد مع تراجيديا مجازر 8 ماي 1945, حيث “عايش الإبادة الاستعمارية الفرنسية الوحشية وتأثر بمشاهد حقيقية أحدثت بداخله ثورة من التساؤلات وأعاد من خلالها النظر في الخطاب الثقافي والفكري”.

و أشار المتحدث إلى أن ما يحدث في غزة من إبادة وتقتيل للفلسطينيين يشبه تلك الصدمة التي عرفها كاتب ياسين عبر مختلف المحطات التاريخية التي شكلت وعيه السياسي والتاريخي والجمالي، كما قال.

و هذه التراجيديا الفردية -وفقه- دفعت كاتب ياسين إلى البحث عن الوطن من خلال الأسلاف وهو ما ظهر في نصوصه مثل “نجمة” ثم “الأجداد يزدادون ضراوة” و”الجثة المطوقة” ووصولا إلى “فلسطين المغدورة”.

و توصل كاتب ياسين -حسب المتحدث- الى شكل جديد في الكتابة باللهجة الجزائرية والكتابة الجماعية حيث تطور نص مسرحية “فلسطين المغدورة” في السبعينيات إلى نص قائم بذاته يتعدد فيه السرد ويظهر تاريخ فلسطين ومجازر صبرا و شتيلا وفيه زاوج بين مسرح الاحتجاج ومسرح الشارع حيث كانت له نظرة استشرافية عن المقاومة الفلسطينية.

من جهته, أعتبر محمد كريم أصوان من جامعة الجزائر 2, أن المسار المسرحي والنضالي لرجل المسرح الراحل محمد بودية يتقاطع مع تطورات القضية الفلسطينية ويرتبط بها أشد ارتباط وهو الذي بدأ الكتابة عنها وعن كل ما يتصل بالتطورات السياسية في المنطقة العربية سنة 1964 وكانت له مواقف مؤيدة لتحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني مدفوعا بحماسه الذي ورثه من نضاله في صفوف جبهة التحرير الوطني.

و أضاف أن بودية كانت له علاقات وطيدة بمثقفين عرب مثل الفلسطيني غسان كنفاني والسوري كمال خير بك وقد تعززت بأسفار ورحلات نحو عواصم عربية على غرار دمشق وبيروت قبل أن يستقر بباريس حيث أسس مجموعة أو خلية مقاومة انخرط فيها مناضلون جزائريون ومن جنسيات مختلفة من أجل نصرة الفلسطينيين في قضيتهم العادلة.

و قد تجسدت في شخصية الراحل, وفق المتحدث, جدلية الكفاح الوطني التحرري وتأثيراته على حركات التحرر في العالم، ذلك أنه نهل من ثقافته الثورية لتنظيم وتخطيط مهمات لصالح فلسطين وكان شخصية مثقفة متشبعة بالقيم الإنسانية مثل العدالة والحرية.