ماذا يخفي هذا المعلم الأثري الكبير والمدهش الذي يعتلي مدينة تيبازة التارخية ؟

ماذا يخفي هذا المعلم الأثري الكبير والمدهش الذي يعتلي مدينة تيبازة التارخية ؟

من المعالم التاريخية المذهلة التي تزخر بها ولاية تيبازة التي تبعد مسافة 70 كلم غرب الجزائر العاصمة، ذلك الضريح الذي يحلو لسكان هذه الولاية الساحلية تسميته “قبر الرومية

هو قبر ضخم، إسطواني الشكل، يتكون من صفائح حجرية متساوية الحجم وينتهي بمخروط مدرج. وتظهر من خارجه 60 عمودا، ويحتوي في داخله التاريخ الذي جمع بين الملك الموريتاني يوبا الثاني وسيليني كليوباترا ابنة كليوباترا ملكة مصر الفرعونية.

والملك يوبا الثاني ملك الامبراطورية الموريتانية كان يعشق زوجته كليوباترا سيليني حتى الجنون حيث حزن عليها بعد وفاتها حزنا شديدا إلى درجة أنه قرر أن يخلد ذكراها بضريح بناه لها على شكل تحفة معمارية خالدة تحاكي أهرامات مصر في منطقة سيدي راشد بولاية تيبازة.

ومما يميّز هذا الضريح وجود أربعة أبواب وهمية ضخمة يصل علوّ الواحد منها إلى ما يقارب سبعة أمتار، يحيط بها إطار بنقوش بارزة تشبه إلى حدّ بعيد شكل الصليب، الأمر الذي جعل بعض الباحثين في علم الآثار يعتقدون أنّه مبنى مسيحي، ومنه جاءت ربما تسميته “قبر الرومية” اشتقاقا من كلمة “الرُّومي”، بمعنى الروماني أو البيزنطي.

وتمّ تصنيف هذا الموقع الذي يطلق عليه أيضا “الضريح الملكي الموريتاني”، وهي التسمية المعتمدة لدى المؤرخين والمتخصصين في علم الآثار ضمن التراث العالمي للإنسانية في سنة 1982، كما صُنّف منذ سنة 2002 ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة التربية والثقافة والعلم التابعة للأمم المتحدة (يونيسكو)، بوصفه واحدا من الأضرحة الملكية الموريتانية والمواقع الجنائزية لفترة ما قبل الإسلام.

أمّا عن المحاولات التي قام بها الباحثون لاكتشاف أسرار هذا القبر، فلعلّ أهمّها تلك التي قام بها عالم الحفريات والآثار الفرنسي أدريان بيربروغر في عام 1865، تنفيذاً لطلب نابليون الثالث، ومن خلالها توصل إلى العثور على باب سفلي ضيّق يقع تحته باب خلفي من الناحية الشرقية وهو ممرّ سريّ للضريح.

وعند اجتياز باب القبر، يجد الزائر نفسه في رواق يضطرّه للانحناء عند المشي، تعلو حائطه الأيمن نقوش تمثل صورة أسد ولبؤة، لذا سمّي “بهو الأسود”. وعند اجتياز هذا الرواق، يجد الزائر نفسه مرة أخرى في رواق ثان طوله 141 مترا وعلوّه 2.40 متر، شكله ملتو ويقود مباشرة إلى قلب المبنى الذي تبلغ مساحته 80 مترا مربعا.

هناك عدة روايات حول تاريخ بنائه؛ بعض المؤلفات الرومانية القديمة تقول انه يعود إلى سنة 40م أي إلى عهد استيلاء الرومان على مملكة موريتانيا، وهي كلمة كانت تطلق على المغرب الأوسط و المغرب الأقصى في العصر القديم.

ويميل المختصون في الآثار الرومانية إلى القول بان الملك يوبا الثاني وزوجته كليوباترا سيليني ابنة كليوباترا ملكة مصر الفرعونية، هما من أشرفا على بناء القبر، ويستندون في ذلك إلى كون «يوبا الثاني» ملكا مثقفا يتذوق فن العمارة، وقد جلب إلى عاصمته قيصرية («شرشال»، على بعد 100 كلم غرب العاصمة الجزائرية) تحفا فنية اشتراها من بلاد اليونان.

ويقدم المؤرخ الشهير رومانيلي رواية أخرى، حيث يقول ان القبر بني في القرن الخامس أو القرن السادس للميلاد، ويعتقد أن من بناه استلهم شكله الهندسي من القبر المستدير الذي بناه الإمبراطور هدريان في روما.

ويرى كثير من الباحثين أن «قبر الرومية» وجد قبل الاحتلال الروماني، مما يدلل في نظرهم على تطور المجتمع «الموريتاني» اقتصاديا، وقدرته على إبداع فن أصيل بفضل اتصاله بحضارات شمال أفريقيا والمتوسط الأخرى.

و تتوفر الجزائر على مباني على شكل الضريح الملكي الموريتاني في مناطق أخرى من الوطن منها موقع مدغاسن بباتنة و الضريح المكشوف بتلمسان.

المصادر
wikipedia
alarab.co.uk


شاركنا رأيك في ماذا يخفي هذا المعلم الأثري الكبير والمدهش الذي يعتلي مدينة تيبازة التارخية ؟

شاهد ايضا