هل تعرف أين شيّد ثاني أقدم مسجد في شمال إفريقيا ؟

هل تعرف أين شيّد ثاني أقدم مسجد في شمال إفريقيا ؟

أبو المهاجر دينار بسيدي غانم


لعل الكثير من الجزائريين يجهلون أن ثاني أقدم مسجد شيّد في المغرب العربي بعد مسجد القيروان بالشقيقة تونس هو مسجد أبو المهاجر دينار أو كما يسمى مسجد سيدي غانم الذي لا يزال يقارع السنين، ومتحديا الظروف المناخية الصعبة، وأيادي العابثين عن قصد أو غير قصد، صادحا بالأذان خمس مرات في اليوم .

فتح الصحابي الجليل أبو المهاجر دينار مدينة ميلة سنة 55ه، وتطلّب منه ذلك سنتان من الكر والمباغتة لرفض سكانها الدين الحنيف، حيث كانت ميلة آنذاك مهد الديانة المسيحية. ويذكر بعض المؤرخين أن أول مسيحي بالمغرب الأوسط هو بوليانيس ميليفيتانيس من ميلة، والّذي شارك في مؤتمر القديس سيبريان بقرطاج سنة 256م. واشتهرت ميلة في تلك الأزمنة بقديسها أوبتاتوس أو أبوتا الميلي، واضطر أبو المهاجر إلى إنجاز مسجد على أنقاض مجمع كنسي كان قد عقد به عدة مؤتمرات مسيحية منها مؤتمر القديس أوغسطين بتاريخ 27 /11/ 416م، وأنجزها الرومان سنة 302م. ويعتبر المسجد الذي أطلق عليه أيضا اسم (سيدي غانم) الذي بناه الصحابي الجليل أبو المهاجر دينار سنة 59 للهجرة الموافق سنة 678 ميلادية من المساجد القديمة، حيث يصنفه المؤرخون بأنه ثاني أقدم مسجد على مستوى المغرب العربي بعد مسجد (القيروان) في تونس.

وكانت منارة المسجد بها 365 درج على عدد أيام السنة، ويبلغ علوها 62 مترًا أي ما يعادل عشرين طابقًا من البنايات الحديثة. وتخطيطه يشبه تخطيط مسجد القيروان بتونس والمسجد الأموي بدمشق. وبه أربعة أساكيب وسبع بلاطات تتوسّطه البلاطة الوسطى الأكثر اتساعًا.

غير أن المسجد عرف نهاية له بعد دخول الاحتلال الفرنسي الّذي هدّم المنارة وبنى بحجارتها كنيسة بوسط المدينة تعرف باسم “جامع المارابو”، ومركز البريد. أما المسجد فقد قسّمه الفرنسيون إلى قسمين، علوي كمرتع للجنود وجزء سفلي عبارة عن إسطبلات للخنازير والأحصنة، كما حوّل الاحتلال دار الإمارة الّتي بناها الصحابي أبو المهاجر إلى مطبخ للجنود، وحوّل بيت الوضوء إلى مرشات للجنود.

وللمحافظة على تاريخ الجزائر، شهد هذا المعلم الديني والتاريخي منذ سنوات، اهتماما أكاديميا متزايدا من خلال عدد من الدراسات الأثرية والتاريخية، وكذا زيارات الباحثين والطلبة الجامعيين، وهي الدراسات التي سمحت باكتشاف حقائق قيمة تتعلق بهذا الصرح التاريخي، ولعل أهم ما توصل إليه الباحثون من أدلة وحقائق حول مسجد “سيدي غانم”، أنه أقيم “بمحاذاة الكنيسة الرومانية البازيليكا”، و”ليس على أنقاضها” كما كان شائعا في السابق.

كما دلت نصوص أثرية على قدم هذا المسجد في التاريخ الإسلامي، من بينها نوعية مواد البناء القديمة جدا، فضلا عن اكتشاف قطعة نقدية تعود للعهد الإدريسي، كما أشار الباحثون إلى اقتداء بناء المسجد بأنماط عمرانية وزخارف عُرفت “بالمساجد المدينية” نسبة إلى المدينة المنورة ومسجدي القيروان والأموي.

وكانت وزارة الثقافة الجزائرية، قد أطلقت برنامجاً لترميم المسجد، وإعادة الاعتبار له خاصة وأنه يشكل معلماً دينياً وتاريخياً وثقافياً مهماً للجزائر، كما قامت بتسييج المسجد وكل الأسوار المحيطة به.

المصادر : الشروق
al-ain.com
          Abdeldjalil Hakimi

شاركنا رأيك في هل تعرف أين شيّد ثاني أقدم مسجد في شمال إفريقيا ؟

شاهد ايضا