أكد رئيس المجمع الجزائري للناشطين الرقميين، عبد الوهاب قاوة، في تصريحات له خلال منتدى “رقمنة”، أن سوق التجارة الإلكترونية في الجزائر شهد نمواً متسارعاً في السنوات الأخيرة، حيث تجاوز حجمه 1.5 مليار دولار. يُظهر هذا الرقم تقدماً ملحوظاً في تبني الجزائريين للتكنولوجيا الرقمية وعمليات الشراء عبر الإنترنت، مما يعكس تحولاً كبيراً في سلوك المستهلكين وتوجهاتهم نحو التجارة الحديثة.
طفرة في استخدام بطاقات الدفع الإلكتروني
خلال حديثه، أوضح قاوة أن التجارة الإلكترونية في الجزائر شهدت تسجيل أكثر من 18 مليون بطاقة دفع إلكتروني قيد التداول. وهذا يشير إلى تزايد ثقة المواطنين في نظام الدفع الإلكتروني، مما يسهل عمليات التسوق عبر الإنترنت ويعزز من قدرة المتاجر الإلكترونية على توفير خدماتها بشكل آمن وفعّال.
تعد هذه البطاقة وسيلة مهمة في تعزيز الشمول المالي، حيث تُمكن الأفراد والشركات من الاستفادة من الخدمات المالية بشكل أوسع. فمع تزايد الاعتماد على الدفع الإلكتروني، تتوفر فرص أكبر للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة للوصول إلى شريحة أوسع من العملاء وتحقيق المزيد من المبيعات.
التجارة الإلكترونية: محرك استراتيجي للتحول الرقمي
شدد قاوة على أن التجارة الإلكترونية تُعتبر “محركاً استراتيجياً” لتسريع التحول الرقمي في البلاد. فالتحول الرقمي ليس مجرد عملية تبني للتكنولوجيا، بل هو تغيير جذري في كيفية عمل المؤسسات وتفاعلها مع العملاء. يمكن أن توفر التجارة الإلكترونية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وسيلة فعالة للوصول إلى الأسواق المحلية والدولية.
كما أشار إلى أهمية تفعيل الشمول المالي، وهو ما يمكن أن يتحقق من خلال توسيع عملية الاستفادة من خدمات مالية جديدة، مما يضمن توفير حلول دفع سريعة وآمنة. هذه الخدمات تعزز من تجربة المستهلكين وتزيد من قدرتهم على التسوق عبر الإنترنت بثقة.
تحديات التجارة الإلكترونية في الجزائر
على الرغم من النمو الملحوظ في هذا القطاع، إلا أن التجارة الإلكترونية في الجزائر تواجه بعض التحديات التي تحتاج إلى معالجة. من بين هذه التحديات، هناك الحاجة إلى تحسين البنية التحتية الرقمية وتوفير الخدمات اللوجستية اللازمة لضمان تسليم المنتجات بشكل سريع وفعّال.
علاوة على ذلك، فإن نشر الوعي بين المستهلكين حول فوائد التجارة الإلكترونية وأهمية استخدام أنظمة الدفع الإلكتروني يعتبر أمراً حيوياً. يجب على الحكومة والقطاع الخاص العمل معاً لتطوير استراتيجيات فعالة في هذا المجال.
تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص
لتحقيق المزيد من التقدم في مجال التجارة الإلكترونية، يجب تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص. يجب على الحكومة وضع استراتيجيات واضحة لدعم التجارة الإلكترونية، من خلال تقديم الحوافز للمؤسسات الناشئة وتعزيز الابتكار في هذا المجال.
كما ينبغي أن تكون هناك سياسات واضحة تحمي حقوق المستهلكين وتضمن سلامة المعاملات المالية عبر الإنترنت. يجب أن تكون هناك أطر قانونية واضحة تنظم التجارة الإلكترونية وتوفر بيئة ملائمة لنمو هذا القطاع.
آفاق مستقبلية واعدة
مع استمرار التوجه نحو الرقمنة، يبدو أن المستقبل يحمل آفاقاً واعدة للتجارة الإلكترونية في الجزائر. إن تزايد عدد المستخدمين للإنترنت وارتفاع معدلات استخدام الهواتف الذكية يدعم هذا الاتجاه. من المتوقع أن يستمر هذا النمو في السنوات المقبلة، مما يشير إلى أن الجزائر تسير نحو تحقيق تحول رقمي شامل.
باختصار، يتطلب تحقيق النجاح في التجارة الإلكترونية في الجزائر تعزيز الوعي، تحسين البنية التحتية الرقمية، وتوفير بيئة قانونية محفزة. إن استغلال الفرص المتاحة سيساعد في دفع عجلة النمو وتعزيز الاقتصاد الوطني، مما يجعل التجارة الإلكترونية جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية التنمية الاقتصادية للبلاد.
الاقتصاد الوطني سينمو ب 5ر4 بالمائة سنة 2025