بوقادوم يشترط وجود إجماع حول السياسة الخارجية
تطرق وزير الشؤون الخارجية صبري بوقادوم اليوم، أمام نواب الغرفة البرلمانية السفلى إلى ضرورة “توفر إجماع داخل الوطن حول السياسة الخارجية والدفاع الوطني”.
لكن بوقادوم قد ربط ذلك بصلاحيات رئيس الجمهورية، ما يعني ربما أن الاجماع الذي يقصده يتمثل في ضرورة اصطفاف الجميع وراء أي قرار يعلنه الرئيس في هذا المجال. وهذا ما جرى في الجزائر منذ الاستقلال، حيث لم يسبق أن ناقشت السلطة سياستها الخارجية مع أي طرف في المجتمع سواء تعلق الأمر بالأحزاب أو تلك المنظمات التي تخرج ببيانات مساندة للسياسة الخارجية الحكومية، إلى درجة تثير السخرية أحيانا. ولعل قصة رئيس بلدية كذا يندد بالعدوان الأمريكي على هذا البلد أوذاك، أحسن تعبير عن الصورة الهزلية التي أخذها تعامل الجزائر مع الملفات الدولية.
هناك إجماع حاصل في المجتمع الجزائري لم تمله السلطة، بل هي قناعة راسخة عند شعب انتزع استقلاله بأرواح أغلى أبنائه. فدعم القضية الفلسطينية والقضية الصحراوية وعدم إرسال جنودنا للمشاركة في حروب بالوكالة… هي قضايا مبدئية يمكن أن نبني على أساسها سياسة خارجية ناجعة. لكن ماهي السياسة الخارجية الراهنة للحكومة في إطار هذه المبادئ التي لا يختلف حولها الجزائريون؟ هنا يجمع الديبلوماسيون السابقون والخبراء في الملفات الدولية أن دور الجزائر تراجع كثيرا في سنوات المخلوع بوتفليقة، كما تبين الأحداث الجارية في محيطنا القريب أن الجزائر متأخرة عن الدفاع عن مصالحها.
وتعددت أسباب هذا التأخر، منها ما يعود للتفكك الذي أصاب أجهزة الدولة ومنها ما هو راجع لدخول العنصر الأجنبي كفاعل مؤثر على السياسة الخارجية الجزائرية.
والمطلوب من السيد بوقادم من هذه الزاوية أن يوضح أكثر إنشغاله، لأنه ربما يقصد من ندائه إطلاق سفارة إنذار حول ضرورة أن يستعيد الجزائريين سلطة القرار على السياسة الخارجية لحكومتهم. وإذا كان وزير الخارجية شخصيا هو من يطلق سفارة الانذار بخصوص السياسة الخارجية، فالمخاطر الاقتصادية والاجتماعية ليست من وحي خيال المعارضة السياسية المنخرطة في الحراك الشعبي والتي تسعى لعقد ندوة وطنية منذ نهاية الصائفة الماضية وقابلتها السلطة بمنع كل إجتماعاتها التحضيرية لهذه الندوة.
فقد رفضت السلطة الترخيص بلقاء قوى البديل الديمقراطي مرتين بقصر المعارض، ورفضت الترخيص للقاء آخر بادرت به مبادرة المجتمع المدني كان يهدف لجمع قطبي المعارضة السياسية البارزين قبل موعد الانتخابات الرئاسية، هما قطب قوى التغيير وقطب البديل الديمقراطي. وآخر لقاء رفضت السلطة الترخيص بتنظيمه يتمثل في مؤتمر الحراك الشعبي الذي بادر به نشطاء في المجتمع المدني من أجل تقييم حصيلة المسيرات الشعبية بمناسبة مرور سنة على إنطلاقها…
وتجددت اليوم الدعوة لعقد “ندوة وطنية تجمع القوى السياسية و الاجتماعية و كذا كل الكفاءات الاقتصادية للبلد و التي تكون مهمتها اقتراح مخطط استعجالي للخروج من الازمة الاقتصادية”. وهذه الدعوة جاءت من حزب طلائع الحريات الذي شارك في الانتخابات الرئاسية برئيسه المستقيل علي بن فليس، مبررا ذلك ب”الحرص على احتواء أي تطور سلبي للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية”.
الندوة الصحفية لرئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات