المجاهد عبد الرحمن جبار..رحلة كفاح مريرة من سطيف إلى الونشريس

الشلف – يعد المجاهد عبد الرحمن جبار أحد الأبطال الذين خلدوا اسمهم في ذاكرة منطقة الونشريس (الشلف) حيث و بعدما جند في صفوف الخدمة الإجبارية بولاية عين الدفلى قادما إليها من ولاية سطيف تمكن من الفرار والالتحاق بصفوف الجيش التحرير الوطني وخوض معركة الجهاد.

فبعد تجنيده الإجباري في صفوف الخدمة العسكرية لجيش الاحتلال سنة 1958 بإحدى الثكنات بولاية عين الدفلى ظل المجاهد جبار يفكر في طريقة للفرار والالتحاق بجيش التحرير سيما أنه تلقى ما يكفي من الخبرات العسكرية والقتالية.

وفي ليلة 20 من شهر أبريل من سنة 1958 تمكن المجاهد ابن بلدية عين الروى بسطيف (1937) بمعية 5 من أصدقائه من تنفيذ خطة هروب من الثكنة العسكرية محملين بقطع أسلحة ثقيلة وخفيفة، لتكون بساتين التين الهندي بجبال “الدوي” الملاذ الآمن لهم.

“كانت ليلة 20 أبريل من سنة 1958 ليلة راسخة في ذاكرتنا (…) نظمنا عملية فرار أنا وخمسة من أصدقائي، استلمنا المناوبة في خمس مراكز للمراقبة، فقمنا بتعطيل أجهزة الإرسال والإشارة تفاديا لملاحقتنا والتبليغ عن هروبنا (…) لجأنا للاختباء في بساتين التين الهندي خاصة أننا لا نعرف المنطقة”، حسبما صرح به لـ/وأج المجاهد جبار.

وفي صبيحة اليوم الموالي يلتقي المجاهد جبار وجماعته بأحد مواطني المنطقة المدعو الطيب، أفصحوا له عن رغبتهم في الالتحاق بصفوف جيش التحرير، فكان هذا الأخير حلقة وصل بينهم والقيادة العسكرية بعد أن تأكد من حماسهم وولائهم للوطن.

ومن هنا انطلقت رحلة كفاح المجاهد الذي صنع لنفسه اسما من خلال شجاعته واستماتته وخوضه معركة الكفاح في غرب الجزائر بعيدا عن مسقط رأسه، حتى كسب احترام واعتراف الجميع على غرار قائد الولاية الرابعة تاريخيا “الجيلالي بونعامة” الذي نصّبه قائد فوج.

ومن ثم تم إلحاق فوج جبار بالكتيبة الكريمية، ليخوض عدة معارك بنواحي الكريمية وبني بوعتاب وعين الدفلى، على غرار معركة باب البكوش التي أسقطوا (بمعية رفاقه في النضال) فيها طائرة رغم قلة إمكانياتهم، وكذا معركة بني بوستور التي حققوا فيها نصرا مظفرا انتهى بأسر 22 عسكريا و 5 حركى وقتل العديد من جنود المحتل.

ومن المشاهد المؤثرة التي يتذكرها، حاله ورفاق النضال، لحظة الإعلان عن وقف إطلاق النار، “كنا بمدينة المهدية (بولاية تيارت) مجتمعين حول جهاز بث إذاعي، نستمع لتصريح رئيس الحكومة المؤقتة، يوسف بن خدة، الذي أعلن وقف إطلاق النار (…) كانت لحظات شعرنا فيها بالنصر والافتخار وكذا الحزن على فراق الإخوة الذين سقطوا في ميدان الشرف”، كما قال.

وبعد الاستقلال عاد الحاج عبد الرحمن جبار إلى مسقط رأسه ببلدية عين الروى بسطيف إلا أنه يعكف سنويا على زيارة جبال بني بوعتاب والكريمية بالشلف وكذا عدة مناطق بولاية تسيمسيلت، فيستحضر تضحيات الشهداء ويلتقي ممن بقي من أصدقائه على قيد الحياة، ويحسس أبناء جيل اليوم بضرورة التواصل مع بقية الأجيال والاستمرار في معركة التشييد والبناء والحفاظ على هذا الوطن المفدى.

وفي هذا السياق يأمل المجاهد من كل فاعل في المجال الإعلامي والتاريخي المساهمة في توثيق تضحيات وبطولات جيل الثورة، بما يزيل اللبس عن كل المغالطات التاريخية ويحفظ تاريخ وذاكرة شعب واحد شكّلت ثورته ووحدته مصدر إلهام للحركات التحررية في العالم ومثالا يحتذى به في كسر قيود العبودية والاحتلال.

 

اقرأ المزيد