الجزائر – يواصل المشاركون في فعاليات الحوار الوطني الشامل الجاري بمالي، من ممثلين عن أحزاب سياسية ومجتمع مدني وحركات سياسية-عسكرية لمنطقة الشمال يوم الاثنين ولليوم الثالث على التوالي، البحث عن مخرج توافقي وخارطة طريق تقود البلاد نحو الامان وتمكن من انتشالها من الازمة متعددة الاصعدة التي تعصف بها منذ سنوات.
واستهل أول امس السبت الحوار الوطني الشامل الذي دعا اليه الرئيس إبراهيم أبوبكر كايتا في “فترة حرجة” للبلاد عرفت فيها تدهورا أمنيا بلغ ذرويته يوم الرابع نوفمبر في الهجوم الإرهابي على معسكر “أنديميلان” شمالا والذي أوقع 49 قتيلا واعتبر “الأكثر دموية” منذ سنوات للجيش في مالي.
ولا يقتصر النقاش الجاري في اطار الحوار على البحث عن حلول للوضع الامني فحسب بل أن الامر كل متكامل يعكسه تنوع الجوانب التي يشملها. فبالإضافة إلى القضايا الأمنية هناك مواضيع “السياسة والمؤسسات” و”الاجتماعي والحوكمة” و”الاقتصاد والمالية” و”التربية والتكوين المهني”.
وخلال كلمته التي دعا فيها الى حوار وطني شامل، قال الرئيس أبوبكر كيتا “فلنتحد ونعمل معا من أجل سد الفجوات”، متعهدا بمرافقة تنفيذ توصيات هذه الجلسات الجارية اشغالها على مستوى الورشات التي تعكف ايضا على مناقشة محور تعديل بعض فصول الدستور ووضع قانون توافق وطني.
يذكر أنه لا تزال بعض المناطق من الاراضي المالية خارجة عن سيطرة السلطة مع استمرار هجمات المسلحين التي تقع يوميا. وأدت أعمال العنف بحياة آلاف الاشخاص منذ بدء النزاع في 2012.
إقرأ أيضا: مالي: تواصل أشغال الحوار الوطني الشامل ببماكو, اعتكاف على حل أزمة متعددة الأبعاد
وتسعى السلطات المالية، وعلى رأسها الرئيس، إبراهيم أبوبكر كايتا، و منذ إعادة انتخابه في أوت الماضي، إلى المضي قدما في تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة في مالي لعام 2015 المنبثق عن مسار الجزائر، والذي تشدد عليه المجموعة الدولية على رأسها الأمم المتحدة باعتباره الآلية المناسبة لتسوية مستدامة للأزمة وإعادة الأمن والاستقرار لمالي وللمنطقة.
و أجرت السلطات المالية تحضيرات مكثفة عبر اتصالات قامت بها مع مختلف الأطراف المدعوة للحوار و من بينها الجماعات السياسية-العسكرية الناشطة في شمال البلاد و تنسيقية “حركة الازواد” .
ويهدف الحوار الوطني الشامل الذي سيستمر لغاية 22 ديسمبر إلى وضع خارطة طريق سياسية يفترض ان تترافق مع الرد العسكري في مواجهة الازمة المتشعبة، انسانيا واقتصاديا وحتى مناخيا، حسب تقارير محلية.
وذكرت التقارير أن “عدد من الفاعلين في البلاد رفضوا المشاركة في الحوار، رغم اليد الممدودة بالسلام من طرف القيادة السياسية في مالي”.
فقد رفض زعيم المعارضة صوماليا سيسيه الدعوة الى الحوار. كما رفضت منصة انو كو مالي دراون التي تشمل عدة أحزاب وجمعيات وحركة المجتمع المدني، العرض معتبرة أنها “لم تمكن من المشاركة في الاعمال التحضيرية التي أطلقت قبل عدة أشهر”.
بينما حضر اللقاء أبرز المجموعات السياسية-العسكرية من الطوارق التي وقعت اتفاق السلام في الجزائر عام 2015.
وقالت تنسيقية حركات ازواد، أبرز تكتل مجموعات منطقة الشمال الموقعة على اتفاق السلم و المصالحة، انها حصلت ضمانات من الحكومة.
ظروف خطرة تزيد من الحاجة لتنفيذ اتفاق السلام والمصالحة لتحقيق الاستقرار
وتتواصل الهجمات المسلحة في المناطق الواقعة شمالي البلاد والتي لا يزال بعضها تحت سيطرة مجموعات مسلحة.
فالهجمات الأخيرة التي شهدها مالي لا سيما في مدن ” اندليمان و بوليكيسي وموندورو” دقت ناقوس الخطر بما يتطلب التسريع في توحيد الرؤى والاجماع على مخرج طويل الامد للازمة.
وعلى اثر سلسلة هجمات خلفت عشرات القتلى والجرحى تعرضت لها بعض مدن بلاده قال الرئيس إبراهيم كيتا أن “هذه الحرب ليست ضد مالي، أو الساحل، وإنما هي عالمية، وفي هذا السياق العالمي غير المستقر، فأن تضافر الجهود والقوات يعد مهما”.
ودعا إلى الالتحام حول الجيش المالي، في هذه الظروف التي يشكل استقرار البلد فيها تحديا.
وارتفعت وتيرة العنف في مالي بشكل غير مسبوق خلال الفترة الأخيرة، حيث شهدت البلاد سلسلة من العمليات الإرهابية ضد القوات الأممية والجيش المالي في وسط وشمال البلاد.
وأثارت الهجمات الإرهابية التي وقعت شهر اكتوبر على معسكرين تابعين للقوة المشتركة لمنطقة الساحل والقوات المسلحة المالية (ماما) في موندورو بولكيسي وسط مالي وخلفت عشرات القتلى وعشرات المفقودين المخاوف من احتمال توجه الوضع الى حالة لا يمكن تداركها.
وعلى اثر هاذين الهجومين اكدت الامم المتحدة على أهمية دعم تنفيذ اتفاق السلام والمصالحة وتحقيق الاستقرار في مالي وشددت على أنها “لن تدخر أي جهد في دعم مجموعة الخمسة الكبرى في الساحل والقوات المالية في جهود مكافحة الإرهاب.
للتذكير كانت الدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، اعطت الأمن في مالي والساحل مكانا مهما على جدول أعمال العديد من الاجتماعات رفيعة المستوى التي حضرها رؤساء الدول من المنطقة.
التحول الرقمي وتنويع تمويل الجمعيات محور منتدى المجتمع المدني نهاية ديسمبر