حقائق خطيرة حول الفساد بديوان الحبوب وميناء وهران - الجزائر

حقائق خطيرة حول الفساد بديوان الحبوب وميناء وهران

كبّدت الخزينة العمومية خسائر فاقت 29 مليون دولار

أحال قاضي تحقيق الغرفة الأولى للقطب الجزائي المتخصص بوهران، ملف ديوان الحبوب الجزائري “OAIC” ومؤسسة ميناء وهران، على محكمة حي جمال الدين بوهران، التي قررت الفصل، بعد غد الاثنين 10 جوان في واحدة من أهم قضايا فساد، التي تستهدف بشكل مباشر مؤسسة ميناء وهران، التي تكاثرت فضائحها هذه الأيام أمام العدالة.

وحسب المصادر التي أوردت الخبر لـ«البلاد”، فإن قضية الحال، استغرقت 14 شهرا من التحقيقات والفحص والتدقيق في فواتير وملفات محاسبية ووثائق دخول وخروج شركات النقل العالمية واستدعاء ما لا يقل عن 10 أشخاص من كوادر بميناء وهران وطرف مدني ممثل في الخزينة العمومية والديوان الجزائري للحبوب. فيما يجهل لحد الن، حضور ممثل عن وزارة الفلاحة والتنمية الريفية كطرف فاعل في الملف وهو السؤال الذي طرحه بإلحاح بعض المبلغين عن الفساد وبالأخص هذا الملف، الذي كبد خزينة الدولة، خسارة فاقت 29 مليون دولار بسبب تعاملات مشبوهة وقعت في ميناء وهران.

وتكشف وقائع الملف عن أن التحقيقات عرت العديد من التجاوزات التي مست تسيير الموانئ الجزائرية في التعامل مع شركات الشحن البحري التي تحمل مستوردات شركات عمومية جزائرية، مثل بضائع ديوان الحبوب والتي تقدر مستورداتها بأكثر من 9 ملايين طن سنويا من مختلف أنواع الحبوب “الصلب واللين” والشعير ومشتقاته، بالاضافة إلى ما يستورده المتعاملون الخواص من الحبوب أيضا التي تقدر سنويا بـ 4.5 مليون طن سنويا، إذ أظهر مفجر القضية “ت. ن« رئيس الدائرة التجارية سابقا بميناء وهران في جانفي 2015 في عهدة الوزير الأسبق للنقل عمار غول، أن شركات النقل البحري كانت تربح ملايين الدولارات مقابل كل باخرة محملة بالحبوب يستوردها الديوان الجزائري “أوايسي”.

فيما يجني الخواص مئات الالاف من الدولارات نظير كل سفينة يتم تفريغها في ظرف قياسي وإرجاعها لمالكها. مع العلم أن ما يربحه الخواص لا يتم التصريح به، وهو مكمن الفضيحة، حسب ما توصلت إليه التحقيقات القضائية، التي كشفت عن أن عمليات الاستيراد أثقلت كاهل الخزينة العمومية بدفع غرامات مالية معتبرة، بسبب تأخر تفريغ البواخر والتي يحددها الوقت المحدد في التفريغ أو ما يسمى بـ “عقد توزيع الأموال”، حيث تدفع الجزائر أكثر من 1.2 مليار دولار بسبب هذا العقد، الذي تجرعت بسببه الشركات الوطنية خسائر فادحة، فيما عاد بالفائدة على الخواص الذين وجدوا معاملة مميزة في الموانئ، خصوصا مؤسسات الموانئ الكبرى على غرار الجزائر العاصمة، وهران، عنابة وبجاية، التي يمكن لها استقبال السفن المحملة بما يفوق 35 ألف طن وتكن عقودها تنص على غرامة تزيد عن 20 ألف دولار يوميا.

وكشف نورالدين تونسي عن أن تبليغه عن قضايا فساد كان الهدف منها تدخل عمار غول لوضع حد للاستهتار بقانون تسيير موانئ الجزائر ووقف نزيف العملة الصعبة الذي تجاوز 1.2 مليار سنويا، ودفع الوزارة إلى تطبيق القانون بحذافيره دون تمييز في تدابير تفريغ البضائع المحملة على شركات الشحن البحري، مؤكدا أن سفن الخواص كانت تحظى بمعاملة خاصة، حيث يتم السماح لها بتفريغ حمولاتها في ظرف لا يتخطى 48 ساعة، على النقيض، تجد بواخر الديوان الجزائري للحبوب، صعوبات جمة في التفريغ وذلك بانتظار سفنه القادمة من الخارج أكثر من 60 يوما في عرض البحر ومنها ما تجاوزت 5 أشهر، رغم أن القائمين على الديوان لم يتحركوا لإزاحة النقاب عن هذه الانتقائية المشبوهة التي كانت تمارس على مستوى الميناء.

وأثبتت الأبحاث في ملف الحال أن هناك بواخر دفعت 2 مليون دولار مقابل التفريغ المتأخر، الذي تكبدت نتائجه الخزينة العمومية، غير أن التحقيقات التي انطلقت في ماي 2017، بدلت مجريات الأمور رأسا على عقب في المعاملة، وصارت شركات النقل العالمية هي من تدفع لديوان الحبوب ما يفوق 100 ألف دولار مقابل كل عملية تفريغ والتي تتم في وقتها المحدد حسب ما هو متفق عليه في عقد توزيع الأموال، بينما كانت الأمور تسير عكس ذلك في السابق، بدليل أن الديوان فقد 29 مليون دولار نتيجة تعاملات مشبوهة تمت بين خواص وميناء وهران.

وتساءل محامون يشتغلون على هذا الملف الذي تفصل فيه محكمة حي جمال الدين بوهران يوم الاثنين، عن سر استثناء المستوردين الخواص المختصين في استيراد الحبوب من التحقيقات التي استغرقت مدة طويلة في هذا الملف. في حين كان حريا استدعاء أرباب الشركات الذين كانوا يحظون بمعاملة خاصة مقابل امتيازات غير مبررة. كما لم يستفد المبلغين عن الملف من قانون الحماية طبقا للمواد 65 مكرر و 19 و22 بالرغم من التماس توفير الحماية القانونية الذي رفعه الدفاع، في الوقت الذي خسر فيه رئيس الدائرة التجارية بميناء وهران، منصب عمله رغم كشفه عدة ملفات فساد يحقق فيها كبار قضاة القطب الجزائي، لاسيما فوترة ميناء وهران ومعاملات تجارية مشبوهة كانت تخدم شركات خواص.