جمال بلماضي في طريقه ليصبح أسطورة التدريب الجزائري - الجزائر

جمال بلماضي في طريقه ليصبح أسطورة التدريب الجزائري

منتخب الخضر دفعه خطوات عملاقة إلى الأمام

 

 

مفاجأة سارة تلك التي قدمتها الفيفا لعشاق المنتخب الجزائري، عندما وضعت اسم جمال بلماضي ضمن عشرة مدربين عالميين يتنافسون لأجل الحصول على لقب أحسن مدرب في العالم، وهي سابقة فريدة من نوعها ليس في الجزائر، وإنما في العالمين العربي والإفريقي، وما كان لجمال بلماضي أن يختصر المسافات ويحقق هذا الحلم الجميل لولا تعامله مع المنتخب الجزائري وفوزه معه باللقب القاري في مغامرة مازالت حلاوتها على لسان وفي ذهن كل الجزائريين.

هناك من يرى مثل هذه الألقاب رمزية وليس كل من تواجدوا ضمن العشرة هم الأحسن في العالم بالضرورة سواء بالنسبة للاعبين أو بالنسبة للمدربين، ولكن المدرب الذي يصل إلى هذا التصنيف سيتحلى بالثقة الكبيرة بالنفس، وهي الثقة التي ينقلها للاعبين الذين سينظرون إليه باحترام، خاصة أن كل المدربين الذين تعاقبوا على الخضر في نصف قرن لم يصلوا هذه الرتبة المتقدمة، ولم ينافسوا عالميا.

جمال بلماضي البالغ من العمر 43 سنة فقط هو من أصغر المدربين الناجحين في العالم، وتكمن أهمية ما حققه مع الخضر في أنه لم يتولى العارضة الفنية للخضر إلا منذ 10 أشهر، ومع ذلك أحدث انقلابا كبيرا في الخطط التكتيكية والتنويع فيها وفي رفع اللياقة البدنية للاعبين، وفي ضخ الروح المعنوية والأداء الرجولي وأيضا في الاعتماد على دكة احتياط لا تختلف عن التشكيلة الأساسي،ة حتى صار يُطلق عليه صاحب التشكيلتين، كما قضى على شيء اسمه نجومية اللاعب وحولها للمنتخب الوطني.

فعندما غاب عن تشكيلة جمال بلماضي المسافرة إلى مصر لاعبين من طينة غولام وبلفوضيل وبن طالب وتايدر وبودبوز وهني وبن زية وسوداني وعبد اللاوي وبن رحمة، عندما غاب هؤلاء تكهن كثيرون بعودة الخضر من مصر على أقصى تقدير في الدور ثمن النهائي، ولكن الفريق أبهر على كل الأصعدة، وبالرغم من الصعوبات الكبيرة التي واجهها أشبال بلماضي في اللقاء النهائي، إلا أن كل الذين تابعوا الخضر أجمعوا على أن رفقاء بلايلي هم الأحق بالفوز باللقب القاري، ووصل الأمر إلى أن قال المحلل المصري الشهير علاء صادق، بأن مستوى الخضر في كفة ومستوى بقية المنتخبات في كفة أخرى، وكان مهندس الفوز والتألق هو بدون منازع المدرب جمال بلماضي، الذي أغضب كثيرين عندما نقل معه جمال بلعمري وغضبوا عندما راهن على بن سبعيني وثاروا عندما علموا بأن بلايلي سيكون أساسيا في مكان ياسين براهيمي، ومرت الدقائق والمباريات واتضح بأن خيارات جمال بلماضي كانت في مجملها ناجحة وبأنه أدرى بلاعبيه.

لم يحقق مع الخضر في تاريخهم نفس الإنجاز إلا القليل من المدربين، فقد كان محي الدين خالف أصغر مدرب في مونديال إسبانيا 1982، ولكن هذا المدرب الشاب الذي قهر ألمانيا الغربية في لقاء خيخون الشهير بدفين مقابل واحد وبعرض قوي، عاد إلى الوراء في المباراة الثانية وسقط امام مدرب النمسا شميدت بهدفين مقابل صفر، ثم ضيع تكتيكيا التأهل الذي كان في جيبه في الشوط الأول أمام شيلي عندما كان المنتخب الجزائري متفوق بثلاثية نظيفة، ولكن إفلاسه التكتيكي جعل شيلي تسجل هدفين وتسحب التأهل المباشر من تحت أقدام الخضر، كما أن إنجاز المرحوم عبد الحميد كرمالي في سنة 1990 لم يكن إعجازا لأنه تحقق في الجزائر بقيادة لاعب من طينة الكبار رابح ماجر، وجاء على حساب منتخبات إفريقية كانت في غالبيتها متعبة بدليل أن ممثلي القارة السمراء في تلك الفترة في مونديال إيطاليا 1990، وهما مصر والكامرون لعبا الدورة بالفريق الثاني وليس برفقاء روجي ميلا أو أحمد شوبير، وكان آخر مدرب جزائري قاد الخضر قبل رابح ماجر هو عبد الحق بن شيخة الذي صدم الجزائريين في مباراة مراكش أمام منتخب المغرب عندما كان تائها وسقط برباعية نظيفة في مباراة هي الأسوأ للخضر في تاريخهم.

كرمالي ولموي ومخلوفي وسعدان وخالف وماجر ومعوش وجداوي جميعهم أسماء جزائرية كبيرة قادت الخضر، ولكنها لم تحقق في فترة وجيزة ما حققه جمال بلماضي، الذي بقي له رهان كبير يتمثل في إعادة المنتخب الجزائري إلى المونديال الذي حُرم منه جمال بلماضي في كوريا الجنوبية واليابان سنة 2002 كلاعب، وحينها سيصبح أسطورة التدريب في الجزائر من دون منازع، خاصة إذا تأهل للدور الثاني من المونديال.

أكثر المتفائلين وحتى جمال بلماضي يدرك بأنه لن يحصل على لقب أحسن مدرب في العالم، حتى لو قاد منتخب البرازيل، لكن مجرد أن يكون مع كبار العالم، هو دليل على أن الجزائر كسبت مدربا عملاقا وعليها أن تستثمر فيه وتراهن على ثورة كبيرة تعيد الكرة الجزائرية إلى براءتها وأيضا إلى النتائج الكبرى.