بعدما كانت محاصرة بالقمامات، قرية الساحل تتوج “سفيرة” تيزي وزو للنظافة

تيزي وزو –  تمكنت قرية ساحل الواقعة ببلدية بوزقن (جنوب شرق تيزي وزو) بعدما كانت محاطة بعشرات المفرغات العشوائية بالظفر بجائزة “رابح عيسات” لأنظف قرية بالولاية كمكافأة على مجهودات سكانها في مجال المحافظة على البيئة وتزيين الفضاءات العمومية.

وتقع قرية ساحل على بعد ثلاثة كلم من مدينة بوزقن. ويمكن الدخول للقرية عبر طريق منحدرة، حيث أحيطت أسطح المنازل الأولى بمدخلها وعلى طول الطريق الرئيسية بالأشجار والنباتات التزيينية.

وفي مدخل هذه القرية الكبيرة، علقت لافتة كبيرة بين شجرة تين وشجرة زيتون كتب عليها بالأمازيغية “انسوف ييسوان آر تادارت نساحل” (مرحبا بكم في قرية ساحل).

كما رفع العلم الوطني هو الآخر بالمدخل ورصت أواني زهور الزينة التي تحمل ألوانا زاهية على طول الشارع الضيق المؤدي للقرية مما يفتح طريقا لا تنتهي من المناظر الساحرة. ما يزيد من رونق هذه القرية الكبيرة المتميزة بالجمال والنقاء، ما يجعل الزائرين تعتقدون أنها زينت نفسها للتو من شدة النظافة التي “تتنفسها”.

وألصقت ملصقات في كل مكان بالقرية على الواجهات وعلى أبواب المنازل، تدعو للمحافظة على البيئة وتذكر بأهمية النفايات القابلة للتدوير، في حين تم وضع عبر الشوارع والساحات العمومية للمدينة صناديق للقمامة بمختلف أنواعها ومطفآت للسجائر.

وأوضح عضوين من لجنة القرية، شبيني يوسف و طارق بودية، بأن التحول البيئي بدأ في سنة 2014 حيث قرر سكان القرية، البالغ عددهم حوالي 3.000 ساكن، الانخراط فعليا في عملية المحافظة على المحيط لتحسين إطارهم المعيشي.

 

       — عملية بثلاث مراحل من أجل “تسيير فعال للنفايات” —

 

تعد جائزة أنظف قرية التي بادر بها المجلس الشعبي الولائي، ثمرة عمل خمس سنوات من انخراط الساكنة من اجل المحافظة على البيئة تخللتها أوقات من الأمل وأخرى من التردد غير أن القرويين لم يتخلوا أبدا عن الفكرة لأنهم كانوا مصممون على توفير إطار معيشي أفضل وحياة أجمل وبيئة أنظف للأجيال القادمة، وفقا لما ذكره شبيني و بودية.

وبالنسبة لهذه القرية الكبيرة التي تمتد على مساحة 50 هكتار وبعلو 600 متر ويحدها من الجهة السفلى واد سيباو العلوي فان “المهمة لم تكن سهلة أبدا”.

وسمح إصرار القرويون ووحدتهم وروح التضامن والمساعدة فيما بينهم بتجاوز الصعوبات ليصبحوا “سفراء” البيئة والنظافة لسنة 2019.

وقال رئيس لجنة القرية، رشيد اودالي، الذي يشغل أيضا منصب رئيس بلدية بوزقن أن الأمر تطلب المرور بثلاثة مراحل لبلوغ تسيير “فعال للنفايات”.

وأضاف يقول: “قمنا أولا بالفرز طيلة سنة كاملة على مستوى مركز واحد قبل أن نتجه نحو مراكز قريبة من الأحياء من اجل تسيير أحسن لهذه العملية وتحميل العائلات مسؤولية ذلك. وبهذا أصبحت العائلات تقوم بالفرز في منازلها وأصبحنا نقوم ببيع النفايات القابلة للرسكلة لأحد المستثمرين”.

وبعد ذلك أنجز السكان مركز تقليدي لحرق النفايات الأخرى وتم وضع حوالي 300 مسمدة عبر كامل إقليم القرية، يستطرد السيد أودالي. ولعل أحسن مثال على هذه المسمدات تلك المتواجدة ب بحارة آث رمضان، وسط حديقة تنمو فيها النباتات العطرية و التزيينية و الخضر و تتغذى انطلاقا من السماد الذي يتم إنتاجه.

وفي هذا الصدد ذكر كل من شبيني و بودية أن “هذا النظام سمح بالقضاء على عشرة مفرغات عشوائية بقرية الساحل والتقليل من كمية النفايات إلى الثلثين وضمان مدخول مالي  للحركة الجمعوية بفضل بيع النفايات القابلة للرسكلة”.

وأشار السيد شبيني إلى أن حماية البيئة تشكل جزء بأكمله من ميثاق قرية ساحل، مضيفا انه “بعد عدة مراحل وتجارب في مجال حماية البيئة، تمكنت القرية من التكفل بنفسها بطريقة فعالة من خلال إدراج جزء خاص بالبيئة والنظافة في ميثاقها”. وتنص قوانين القرية على منع الرمي العشوائي للنفايات خارج مراكز الفرز الجوارية، كما تمنع كذلك وضع مواد البناء على الطريق العام أو ثقب الأرصفة والشوارع من اجل القيام بأشغال بدون الحصول على رخصة من لجنة القرية.

وبهدف المحافظة على ينابيع ونافورات القرية، يمنع ميثاق القرية غسل أي شيء مهما كانت طبيعته داخل النافورات، كما يمنع إفراغ الأحواض حيث يتم تنصيب فرق خضراء خلال مختلف التظاهرات التي تجري في القرية خلال العطل أو السهرات بالقرية، حسب السيد شبيني.

ولغرس حب الطبيعة لدى الأطفال، استحدثت القرية حديقة بيداغوجية، حيث يقصدها الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 5 إلى 15 سنة  كل 21 يوما لتعلم طريقة غرس النباتات وتطعيمها وتهجينها.

كما يتعلم الأطفال أيضا فوائد إنتاج الأسمدة على مستوى القرية. “نشرح لهم بأنها مخصبات جيدة للتربة وغير مضرة بالصحة مثلما هو الشأن بالنسبة للأسمدة الكيميائية”.

هدفنا هو تكوين جيل يحترم البيئة وواع بمخاطر إنتاج الأسمدة الكيميائية (العلاج النباتي و مبيدات الأعشاب و الأسمدة)، يقول السيدان شيباني وبودية.

اقرأ المزيد