الضغط على الجيش يتضاعف لـ”تغيير النظام” ! - الجزائر

الضغط على الجيش يتضاعف لـ”تغيير النظام” !

عادت “الصامتة الكبرى”، مؤسسة الجيش، إلى عادتها وتوقفت خطابات قايد صالح التي استمرت منذ بداية الحراك الشعبي، كان يبرز فيها رئيس أركان الجيش نائب وزير الدفاع علاقة “الجيش بالشعب” في عز تطور المسيرات بعد كل جمعة، فيما اختارت أيضا السلطة، أو بالأحرى، الرئاسة، التزام السكوت “الإرادي” بعدما وضعت أمام الشعب خيار الندوة الوطنية كـ”حل وحيد” لتلبية مطالب الشارع.

طالبت أحزاب وشخصيات محسوبة على المعارضة، أطلقت على نفسها تسمية “فعاليات قوى التغيير لنصرة خيار الشعب”،أول أمس، في لقائها التشاوري السادس في مقر جبهة العدالة والتنمية (رئيسها عبد الله جاب الله)، مساعدة “مؤسسة الجيش الوطني الشعبي للاستجابة لمطالب الشعب والمساعدة على تحقيقها في إطار احترام الشرعية الشعبية”. ولم تفصل المعارضة في كيفية الدور الذي يمكن أن يلعبه الجيش. هل بالضغط على الرئيس نحو الإستقالة القسرية؟ أو هل يخرج رئيس أركان الجيش للشعب يلقي فيه خطابا صريحا ومباشرا يعلن فيه عزل بوتفليقة من منصبه؟ مع أن الشريعة الشعبية تمارس عن طريق الصندوق، أي الانتخابات، وليس بأي طريقة أخرى، بحكم أن “الشعب مصدر كل سلطة”.

خطابات قايد صالح منذ 26 فيفري 2019، فهمها قطاع من المتابعين على أنها اصطفاف إلى الشعب ومطالب الحراك الشعبي، خصوصا بعدما سحب الرئيس بوتفليقة ترشحه للعهدة الخامسة وألغى الانتخابات ومسارها، واستمر كلام قايد صالح يثني على الشعب وتحضّره والعلاقة القوية التي تجمع بين الجيش والشعب، بالموازاة كانت تصدر رسائل أخرى عن بوتفليقة (يعتقد الكثيرون أنها منسوبة إليه ولا يعلم بها)، يؤكد فيها استمراره في ورقة الطريق التي وضعها كخيار وحيد لتغيير النظام، عن طريق ندوة وطنية تؤسس لتعديل جذري في الدستور وقانون الانتخابات وإنشاء لجنة مستقلة لمراقبة الانتخابات.

قبل 19 مارس، ذكرى عيد النصر، كان للفريق قايد صالح نشاطان ألقى فيهما كلمة لم يشر فيها بتاتا إلى الشعب والحراك، على غير الخطابات السابقة، ثم عاد قايد مجددا للظهور، لكن أيضا قال كلاما أثنى فيه فقط على تطور مؤسسة الجيش وقدراتها القتالية، وفي المقابل أيضا بعـث بوتفليقة رسالة إلى الأمة بمناسبة عيد النصر أيضا، ثبت فيها على خطته الواردة في رسالة سحب الترشح، بل زاد في شرحها والتفصيل فيها، وهو الآخر (الرئيس) لم يتطرق إلى حراك الشارع وتجاهل مطلب إلغاء تمديد العهدة الرابعة، حسب المتابعين. ويظهر من خطاب قايد صالح ورسائل بوتفليقة في هذه المناسبة تحديدا تناغم وتطابق بعدم التطرق إلى الحراك.

وفي ظل صمت الرئاسة والجيش، يحاول جزء من المعارضة التي تكتلت فيما يسمى “فعاليات قوى التغيير لنصرة خيار الشعب”، أن تضغط على مؤسسة الجيش، بضرورة التدخل وحسم الوضع و”مساعدتها” لـ”الاستجابة لمطالب الشعب وتحقيقها في إطار احترام الشرعية الشعبية”. واستندت هذه “الفعاليات” على دعم الجيش، ربما بعد التقاطها جملة قالها قايد صالح في إحدى خطاباته الأخيرة: “المشاكل مهما تعقدت لن تبقى من دون حلول مناسبة”. ويبدو أن المعارضة استشعرت أن مؤسسة الجيش على مقربة من التدخل للاستجابة لمطلب الشارع الذي يدعو إلى “رحيل النظام ورموزه”.

بعض الوجوه والأحزاب المنضوية تحت التكتل الجديد “فعاليات قوى التغيير لنصرة خيار الشعب”، كانت أيضا طرفا أساسيا في تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي التي عقدت ندوة مازفران في جوان 2014، وكانت ترفض “تدخل الجيش”، بالرغم من أنها كانت ترفع نفس مطالب المرحلة الحالية “رحيل النظام وانتقال ديمقراطي سلس”، بل وكانت تضغط بأن يبقى الجيش في ثكناته لحماية الحدود. فيما كان قطاع آخر من المعارضة يطالب الجيش في أن يكون طرفا في العملية السياسية، رغم دعوة الفريق قايد صالح إلى “عدم إقحام المؤسسة العسكرية في مسائل لا تعنيها وإبعادها عن كافة الحساسيات والحسابات السياسية”.

ربما قد تكون المرحلة الفارقة التي تعيشها الجزائر بفعل الحراك، حسب المعارضة، تجعل من تدخل الجيش “أمرا سليما”، إلا أنها لو توضّح الطريقة والهدف بشكل صريح ماعدا “تلميحات” ترى أن قيادة الجيش يمكن لها أن تفهمها من دون شرح، لكن هنا المعارضة تقصي الشارع وتظهر له فيما تبدو “صفقة” تحاك خفية عـنه، رغم أن هذه المعارضة تدرك تماما، مثلما يروّج له وزير الحكومة سابقا مولود حمروش، بأنه “لولا الجيش لسقطت السلطة في أسبوع أو أسبوعين”، على أساس أن “صفة الجيش للثكنات كلام للاستهلاك فقط، لأنّ الواقع يكذّب هذه الأحاديث” في نظر حمروش دائما.

ويرى كذلك حمروش بأنه “لا يوجد أي حزب أو جهة باستطاعتها تشكيل حكومة، إن لم يكن لها سند من الجيش، فلولا دعم هذا الأخير لكان سقوط الحكومة يتم في أسبوع أو أسبوعين”. لكن حمروش، ابن النظام، يدعو دائما إلى “ضرورة المحافظة على الجيش باعتباره المؤسسة الوحيدة التي ما تزال قائمة ومستمرة في الحفاظ على مصداقيتها، ولزاما عدم العبث بها والإبقاء على احترامها”.

اقرأ المزيد