يشرح الخبير في الشأن الاقتصادي والمالي، سليمان ناصر، في هذا الحوار مع “سبق برس” أهداف الوديعة التي منحتها الجزائر للبنك المركزي التونسي والمقدرة بـ 150 مليون دولار، لاسيما وأنّ هذه الخطوة أثارت خلال الساعات القليلة الماضية العديد من ردود الفعل على مستوى صفحات التواصل الاجتماعي ولدى الرأي العام غير الفاهم للمعطيات ذات العلاقة بهذا القرار.
منحت الجزائر تونس 150 مليون دولار كوديعة، ماذا يعني ذلك ؟
يعني أنّ الجزائر تقف مع جارتها تونس في أزمتها الاقتصادية ولو بمبلغ رمزي ورغم الصعوبات المالية التي تعرفها الجزائر، لأنّ هذا المبلغ لا يساوي شيئاً في العلاقات بين الدول ولكن مع ذلك فإن أهميته في رمزيته. وأعتقد أن هذه الخطوة لها دلالات وأهداف أكثر من اقتصادية، خاصة في المجال السياسي، لأنّ عدم وقوف الجزائر مع تونس الشقيقة في هذا الظرف الاقتصادي الصعب الذي تمر به، سوف يجعلها عرضة لضغوط وابتزازات دول أخرى معروفة بعد أن تلجأ إليها، وهذا ما تخشاه الجزائر بعد توسع ذلك النفوذ في المنطقة.
ما الفائدة الاقتصادية التي يمكن أن تجنيها الجزائر من هذه الخطوة ؟
في الحقيقة ليس هناك فائدة اقتصادية مباشرة تجنيها الجزائر من هذه الخطوة خاصة إذا كانت وديعة بدون فوائد، وإنّما هي خطوة لها دلالات أخرى أكثر من اقتصادية، وهي سياسية بالأساس كما أسلفنا، فلو كانت الجزائر ترغب في عوائد لاستثمرت هذه الوديعة وأكثر منها في بنوك ومؤسسات مالية خارج الوطن.
في أي سياق تدخل هذا النوع من العمليات المالية في نظركم ؟
هذه العملية وللتوضيح للقارئ الكريم، هي على شكل وديعة تم ضخها لدى البنك المركزي التونسي، لتقوية المركز المالي للبنك وقدرته التفاوضية في حالة طلب قروض خارجية، خاصة من المؤسسات النقدية والمالية الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك العالمي، أو حتى من بنوك ومؤسسات أخرى، لأنّ تلك المؤسسات سوف تطالب تونس بتقديم ضمانات فتكون هذه الوديعة كضمان، مع ملاحظة هنا أنّ القروض ستكون صغيرة المبالغ لصغر هذه الوديعة. ويمكن أيضاً أن يستعملها البنك المركزي التونسي ولو بشكل مؤقت كتغطية لإصدار نقدي يحل به مشكلة نقص السيولة في الاقتصاد لأنها ستبقى دائماً على شكل وديعة.
البعض يعتقد أنه كان من باب أولى استغلال هذا المبلغ في الاقتصاد الوطني، ما رأيكم ؟
هذا الكلام صحيح لو كان المبلغ كبيراً، خاصة وأننا نعاني من تآكل سريع لاحتياطي الصرف وفي حاجة لكل دولار أو أورو، لكنه مبلغ رمزي كما أسلفنا وله دلالات سياسية وأخوية أكثر منها اقتصادية. ثم إن تونس تعتبر العمق الاستراتيجي لبلادنا بحكم الجوار ويهمنا أمنها واستقرارها وأي قلاقل قد تحدث فيها بسبب الأزمة الاقتصادية سوق تقلق الجزائر. هذا بالإضافة إلى أن الشقيقة تونس وقفت مع الجزائر طوال تاريخها خاصة في الثورة التحريرية ولم تغلق حدودها معنا أثناء العشرية السوداء، لذلك أرى أنه لا داعي لتكبير الموضوع من بعض الجهات، لأن الجزائر إن لم تربح اقتصادياً فستربح الكثير أخلاقياً وسياسياً بهذه الخطوة.
د.ضروي – خبير في استراتيجيات التنمية: قمة الغاز المقامة في الجزائر تكتسي أهمية كبيرة ومتعددة الأبعاد