في سياق التحديات المتزايدة التي تواجه فئة المسنين في الجزائر، دعا مختصون في علم الاجتماع وطب الشيخوخة إلى ضرورة تفعيل القانون الذي يضمن إعطاء الأولوية لهذه الفئة في الخدمات العمومية. تأتي هذه الدعوات في إطار الجهود الرامية لتحسين مستوى الرعاية المقدمة لكبار السن، وتجنب الانتظار المطول الذي يعانون منه داخل المؤسسات العامة والمستشفيات.
معاناة المسنين: إهمال وسوء معاملة
خلال الملتقى السادس الذي نظمته الجمعية الجزائرية لطب الشيخوخة تحت شعار “الأمراض المزمنة عند الأشخاص المسنين”، علق البروفسور مصطفى بن عامر، رئيس الجمعية، على وضع كبار السن في الجزائر. وأكد أن بعضهم يعاني من الإهمال وسوء المعاملة، مما يؤدي إلى تفاقم مشاعر الاكتئاب لديهم، وفي بعض الحالات، يمكن أن يدفعهم هذا الوضع إلى اتخاذ قرارات يائسة مثل الانتحار.
وأشار بن عامر إلى أن العديد من العيادات الخاصة التي تستقبل مرضى مسنين، خصوصاً من هم فوق الثمانين عاماً ومصابين بأمراض مزمنة، لا تقدم لهم الرعاية اللازمة، بل تتركهم ينتظرون طويلاً في طوابير المرضى لساعات طويلة. على الرغم من أن القانون يعطي الأولوية لهذه الفئة، إلا أن الواقع يتطلب تحركات جادة لتفعيل هذه القوانين وضمان احترامها.
تفعيل القانون لحماية المسنين
طالب البروفسور بن عامر بتفعيل القانون الذي يضمن حقوق المسنين، مشدداً على أهمية هذه الخطوة لحماية صحتهم النفسية والجسدية. وأعرب عن أسفه لغياب الاهتمام اللازم بهذه الفئة داخل بعض الأسر الجزائرية، مما يؤدي في الكثير من الأحيان إلى تناول المسنين للأدوية بشكل عشوائي، وبالتالي قد يتعرضون لمضاعفات صحية خطيرة، مثل النوبات القلبية.
تظهر الأرقام أن نسبة كبيرة من كبار السن يتعرضون لمشاكل صحية قد تكون نتيجة الإهمال في تناول الأدوية اللازمة لعلاج الأمراض المزمنة. وقد أكد البروفسور أن تفعيل القوانين المتعلقة بحقوق المسنين يمكن أن يساهم في تحسين وضعهم ويقلل من الحالات الحرجة التي يمكن أن يتعرضون لها.
تكوين المرافقين الاجتماعيين
أشار بن عامر إلى ضرورة تكوين مزيد من المرافقين الاجتماعيين، نظراً للتغيرات في نمط الحياة للأسر الجزائرية. حيث يعيش العديد من المسنين بمفردهم أو يتعرضون للتهميش من قبل أفراد عائلاتهم. وهذا الوضع يتطلب وجود أشخاص مدربين على التعامل مع احتياجات كبار السن وتقديم الدعم اللازم لهم، سواء في الرعاية الصحية أو النفسية.
لقد أصبحت مسؤولية تكفل المسنين تقع على عاتق المجتمع بشكل عام، وليس فقط على عائلاتهم. ومن الضروري أن تتحمل الجهات المعنية مسؤوليتها في تعزيز الوعي بأهمية رعاية المسنين وتقديم الدعم اللازم لهم.
نقص الأطباء المختصين
علاوة على ذلك، أشار البروفسور إلى النقص الملحوظ في عدد الأطباء المختصين في طب الشيخوخة. ورغم أن هذا الاختصاص يعاني من نقص في الموارد البشرية، إلا أن هناك آمالاً في تشكيل كفاءات جديدة من خلال تكوينات طبية مستمرة وتسجيلات جامعية لدراسة هذا المجال.
تحسين تكوين الأطباء في هذا الاختصاص يمكن أن يساهم في تقديم رعاية أفضل للمسنين، ويقلل من الأعباء الملقاة على الأطباء العامين الذين يتعاملون مع مجموعة واسعة من الحالات المرضية دون توفر خبرات كافية في طب الشيخوخة.
استنتاجات ودعوات للتحرك
في ظل هذه التحديات، تبرز الحاجة الملحة إلى تحرك جماعي لتفعيل القوانين المتعلقة برعاية المسنين وضمان حقوقهم. يجب على المجتمع والجهات الحكومية العمل معاً لتحسين الظروف المعيشية لكبار السن، وتوفير الرعاية الصحية والنفسية اللازمة لهم.
من المهم أيضاً تعزيز الوعي لدى المجتمع بأهمية رعاية المسنين وعدم إهمالهم، فهذه الفئة تحتاج إلى الدعم والاهتمام، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الراهنة. تفعيل القانون الخاص بإعطاء الأولوية للمسنين في الخدمات العمومية ليس مجرد إجراء قانوني، بل هو ضرورة إنسانية واجتماعية تهدف إلى تحسين حياة هؤلاء الأفراد الذين قدموا الكثير للمجتمع.
إن معالجة قضايا المسنين بشكل فعّال يتطلب تغييرات جذرية في التفكير والممارسة، وفتح قنوات التواصل بين العائلات والمختصين، وتوفير كافة الإمكانيات اللازمة لضمان حياة كريمة وآمنة لكبار السن في الجزائر.
الرئاسة الفلسطينية تقرر التوجه لمجلس الأمن الدولي بعد قرار الاحتلال حظر “الأونروا”