انضمام الجزائر لبنك البريكس: ما الذي سيتغير في المشهد الاقتصادي؟

انضمام الجزائر لبنك البريكس: ما الذي سيتغير في المشهد الاقتصادي؟ - الجزائر

أعلنت الجزائر رسميًا عن انضمامها إلى بنك التنمية الجديد لمجموعة “بريكس”، وذلك بعد الموافقة على طلبها خلال الاجتماع السنوي لمجلس محافظي البنك الذي عُقد يوم السبت الماضي في كاب تاون بجنوب إفريقيا. هذا الإعلان يأتي كخطوة هامة تعزز مكانة الجزائر على الساحة الاقتصادية الدولية، وتجعلها جزءًا من مؤسسة مالية عالمية تسعى إلى دعم التنمية في الدول الأعضاء.

وفقًا لبيان صادر عن وزارة المالية الجزائرية، فإن هذه الموافقة جاءت خلال الاجتماع السنوي التاسع لمجلس محافظي بنك التنمية الجديد، حيث تم الاتفاق على انضمام الجزائر كعضو رسمي في المؤسسة. وأكدت ديلما روسيف، رئيسة البنك، هذا الخبر خلال مؤتمر صحفي عُقد بعد انتهاء أعمال مجلس المحافظين.

دلالة الانضمام وأبعاده الاقتصادية

يرى الخبراء الاقتصاديون أن انضمام الجزائر إلى بنك “بريكس” ليس مجرد خطوة رمزية، بل هو اعتراف دولي بأداء الاقتصاد الجزائري في الفترة الأخيرة. عبد القادر سليماني، خبير اقتصادي بارز، أكد في تصريحاته لموقع “سبق برس” أن هذا الانضمام يعكس ثقة مجموعة “بريكس” في قدرة الجزائر على المساهمة الفعالة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وأوضح سليماني أن الجزائر ستساهم بمبلغ قدره 1.5 مليار دولار في رأس مال البنك، مما سيمكنها من الاستفادة من التمويلات اللازمة لتحقيق مشاريع تنموية كبرى.

وأشار سليماني إلى أن الجزائر أظهرت مؤخرًا مؤشرات اقتصادية إيجابية، حيث حققت نسبة نمو بلغت 4.2% في عام 2023. ومن المتوقع أن يستمر هذا النمو في العام الحالي، مما يعزز الناتج المحلي الإجمالي ليصل إلى نحو 270 مليار دولار. هذه المؤشرات تعكس قوة التعافي الاقتصادي للجزائر، وتؤكد جاهزيتها للاندماج بشكل أعمق في الاقتصاد العالمي.

استراتيجيات الجزائر المستقبلية بعد الانضمام

الجزائر، التي تسعى لتعزيز موقعها كقوة اقتصادية إقليمية، أطلقت العديد من المشاريع ذات البعد الاستراتيجي، وخاصة في إفريقيا. وأشار سليماني إلى أن الانضمام إلى بنك “بريكس” سيفتح أمام الجزائر آفاقًا جديدة للتعاون الاقتصادي مع الدول الأعضاء في المجموعة، مثل روسيا والصين والبرازيل، وسيتيح لها جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.

وتابع سليماني قائلاً: “الجزائر تسعى إلى تخفيض معدلات التضخم، وزيادة الاستثمارات المحلية، وتعزيز تجارتها الخارجية. من خلال انضمامها إلى بنك التنمية الجديد، ستحظى الجزائر بفرص جديدة لتحقيق هذه الأهداف، وفتح أسواق جديدة في إفريقيا وآسيا وأوروبا”.

كما يرى الخبراء أن انضمام الجزائر إلى “بريكس” سيعزز من موقعها كلاعب رئيسي في القارة الإفريقية. فمن خلال هذه العضوية، ستتمكن الجزائر من المشاركة بشكل فعال في صياغة وتنفيذ الاستراتيجيات التنموية على مستوى القارة، مما يعزز من تأثيرها في القضايا الاقتصادية الإفريقية. ويعتبر هذا الانضمام جزءًا من رؤية أوسع تتبناها الجزائر لتعزيز دورها كقوة رائدة في إفريقيا.

مزايا الانضمام وفرص التعاون

لا تقتصر فوائد انضمام الجزائر إلى بنك “بريكس” على الجانب المالي فقط، بل تمتد لتشمل تعزيز العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع الدول الأعضاء. ومن خلال هذه العضوية، ستتمكن الجزائر من الحصول على تمويلات بشروط ميسرة لدعم مشروعاتها التنموية، وهو ما سيعزز من قدرتها على تنفيذ برامجها الاقتصادية الطموحة.

وفي هذا السياق، أكد سليماني أن الانضمام إلى بنك “بريكس” سيساهم في تعزيز التعاون الاقتصادي بين الجزائر والدول الأعضاء، مما سيفتح آفاقًا جديدة للاستثمار الأجنبي المباشر. وستتمكن الجزائر من الاستفادة من الخبرات والتجارب التنموية للدول الأعضاء، مما سيعزز من قدرتها على تنفيذ مشروعات تنموية كبيرة.

وأضاف سليماني أن هذا التعاون سيؤدي إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الجزائر والدول الأعضاء في “بريكس”، مما سيساهم في تحسين الميزان التجاري للجزائر وزيادة صادراتها. وأكد أن الجزائر ستكون في موقع متميز للاستفادة من الفرص الاستثمارية التي ستتيحها هذه العضوية.

الجزائر ومجموعة “بريكس”: رؤية مستقبلية

يشير الخبراء إلى أن انضمام الجزائر إلى “بريكس” يأتي في إطار استراتيجية وطنية تهدف إلى تعزيز موقع البلاد كقوة اقتصادية إقليمية ودولية. وتسعى الجزائر من خلال هذه الخطوة إلى توسيع علاقاتها الاقتصادية مع الدول الناشئة، التي تلعب دورًا متزايد الأهمية في الاقتصاد العالمي.

ويرى المراقبون أن هذه الخطوة ستساهم في تعزيز قدرة الجزائر على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، وستتيح لها فرصة أكبر للمشاركة في صياغة السياسات الاقتصادية على المستوى الدولي. ومن المتوقع أن تستفيد الجزائر من العضوية في “بريكس” لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز التعاون الاقتصادي مع الدول الأعضاء.

في الختام، يمكن القول إن انضمام الجزائر إلى بنك التنمية الجديد لمجموعة “بريكس” يمثل خطوة استراتيجية هامة تعكس تطلعات الجزائر نحو تعزيز موقعها على الساحة الدولية. ومن خلال هذه العضوية، تسعى الجزائر إلى تحقيق أهدافها التنموية والاقتصادية، وتعزيز تعاونها مع الدول الأعضاء في المجموعة.

اقرأ المزيد