المغرب: قمع غير مسبوق لمسيرة عمال قطاع الصحة ينذر بمزيد من التصعيد والاحتجاج

الدار البيضاء (المغرب) – أقدمت السلطات المغربية أمس الاربعاء على التدخل العنيف والهمجي لقمع محتجين من أطباء وممرضين وتقنيين في قطاع الصحة لمنعهم من تنفيذ مسيرة وطنية احتجاجية بالعاصمة الرباط تنديدا بالتدهور الخطير الذي بلغه القطاع العمومي في المغرب.

وجاءت المسيرة الاحتجاجية لقطاع الصحة العمومي, التي انطلقت من مبنى حزب الاستقلال بساحة باب الأحد في العاصمة الرباط, لتتجه فيما بعد الى مقر البرلمان, استجابة لدعوة أطلقها التنسيق الوطني النقابي بقطاع الصحة المكون من النقابات الثماني الممثلة لدى وزارة الصحة والحماية الاجتماعية المغربية, في خطوة تصعيدية تنديدا بالأوضاع المتدهورة التي بلغها القطاع واحتجاجا على تعامل الحكومة مع مطالب مهنيي الصحة وعدم تنفيذها الإتفاقات المبرمة والموقعة بعد مفاوضات طويلة مع لجنة حكومية.

وأظهرت العديد من الفيديوهات التي نشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي, التدخل العنيف والهمجي غير المسبوق لقوات الأمن المغربية لتفريق المحتجين المتظاهرين الذين احتشدوا أمام مبنى حزب الاستقلال بساحة باب الحد, مرددين شعارات مناوئة للحكومة وسياساتها, مما أدى الى إصابة العديد منهم برضوض بينما أصيب آخرون بالإغماء.

وأدى قمع الأمن المغربي للمتظاهرين, الذين أصروا على تنفيذ شكلهم الاحتجاجي, إلى تأجيج الوضع مما أدى الى وقوع مناوشات بين رجال الأمن والأطباء وموظفي

قطاع الصحة الذين أعربوا عن  غضبهم بترديد شعارات منددة بـ”الاستعمال المفرط للقوة”, تبعها رشق رجال الأمن بقنينات الماء بسبب الاسلوب الوحشي في التدخل لتفريقهم, في أجواء مشحونة أدت إلى منع المسيرة التي كان من المقرر أن تتجه نحو مبني البرلمان في العاصمة.

وحسب ما نقلته مقاطع الفيديوهات, فقد خص المتظاهرون الغاضبون وزير الصحة, خالد آيت الطالب, بقسط وافر من الانتقادات والشعارات المطالبة برحيله, مع إتهامه بالفشل في تدبير القطاع.

     

          ==ردا على التدخل العنيف .. الأطر الصحية تصعد وتشل المستشفيات لأسبوعين متتاليين==

 

أثار التعامل الوحشي للسطات المغربية مع المحتجين تنديدات واسعة من لدن أحزاب ونقابات مغربية. وذهبت الأطر الطبية لاعلان تصعيد احتجاجاتها ضد الحكومة, بتمديد إضرابها وشل المرافق الطبية لأسبوعين متواصلين ابتداء من 15 يوليو الجاري.

وقال التنسيق النقابي الوطني لقطاع الصحة, في بلاغ له أصدره في وقت متأخر من مساء أمس, أن القوات العمومية استعملت “عنفا غير مبرر وعشوائي” في حق الأطر الصحية التي خرجت للتظاهر أمس في العاصمة الرباط واعتقلت العشرات منهم.

وندد التنسيق بما وصفه ب”تغول رئيس الحكومة المغربية, عزيز أخنوش, وضربه للحريات والحق في الاحتجاج والتظاهر السلمي”, مستنكرا بشدة منع المسيرة السلمية والاعتقال في صفوف الأطر الصحية التي طالب بعدم متابعتها.

وأعلن التنسيق عن تفاصيل خطواته التصعيدية وقال أنه سيخوض إضرابات خلال شهر يوليو بكل المؤسسات الاستشفائية والوقائية ومؤسسات التكوين على الصعيد الوطني باستثناء أقسام المستعجلات.

وأوضح التنسيق أن هذا التصعيد سيبدأ اليوم الخميس وغدا الجمعة بالإضراب, سيعقبه إضراب خلال الأسبوعين المقبلين ابتداء من يوم الإثنين إلى الجمعة, ووقفات ومسيرات احتجاجية إقليمية وجهوية, ملوحا بإطلاق برنامج احتجاجي جديد “في حالة عدم التجاوب مع مطالب العمال”.

وقوبلت مشاهد التدخل في حق الأطر الصحية بالضرب والرش بالمياه بانتقاد وتنديد واسع, حيث عبر الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب, عن رفضه للجوء الحكومة للمقاربة الأمنية في التعاطي مع احتجاجات الأطر الصحية.

وقالت الكتابة الوطنية للاتحاد, في بيان لها, أنها تابعت بقلق كبير ما تعرضت له الأطر الصحية من منع للمسيرة, متهمة الحكومة بالفشل في الوفاء بالتزاماتها.

كما نددت جماعة العدل والاحسان , في بيان لها, بشدة لهذا التدخل الهمجي في حق مهنيي الصحة, مجددة تضامنها المطلق مع مهنيي الصحة في مطالبهم المشروعة والعادلة.

ودعت الجماعة السلطات العليا في البلد لاطلاق سراح كل المعتقلين, مطالبة الحكومة بنزع فتيل الأزمة بقطاع الصحة وذلك بالاستجابة للمطالب المشروعة للأطر الصحية, مبرزة أن هذا “التدخل غير المبرر وغير المقبول يفضح زيف الشعارات التي يتغنى بها المسؤولون بإعطاء الأولوية للموارد البشرية بقطاع الصحة وتبويئهم المكانة اللائقة بهم”.

من جهته, ندد حزب النهج الديمقراطي العمالي بالقمع الشرس الذي استخدمته قوات الأمن المغربية, ضد أطر قطاع الصحة العمومية, الذين يعانون من التدهور الخطير لشروط العمل في المستشفيات والمراكز الصحية, الشيء الذي يجعلهم عاجزين عن تلبية مطالب الأعداد الهائلة من المرضى الذين يتوافدون على هذه المؤسسات الصحية, منددا كذلك “بسياسات تخريب وتصفية القطاعين العموميين للصحة والتعليم عبر نهج خطة القمع والترهيب, التي لن تزيد المتضررين إلا صمودا وثباتا على مطالبهم المشروعة”.

اقرأ المزيد