باتنة – يعد تاريخ ال 19 مارس 1962 انتصارا للشعب الجزائري في كفاحه المرير ضد المستعمر الفرنسي، بالنسبة لعديد المجاهدين بولاية باتنة الذين استرجعوا بهذه المناسبة تفاصيل ذكريات عاشوها خلال ذلك اليوم التاريخي.
فهذا التاريخ يعد بحق, حسب الذين تحدثت إليهم وأج ومن بينهم المجاهد الرائد عمار ملاح, يوما للنصر خلده التاريخ حيث حققت فيه الثورة الجزائرية ما ناضلت من أجله الأجيال منذ سنة 1830 وسكت فيه الرصاص لأول مرة منذ 132 عاما من الإحتلال بعد تضحيات جسام قدمها الجزائريون من أجل الحرية و الإستقلال.
و ذكر ذات المجاهد واسمه الحقيقي محمد الصالح ملاح الذي التحق بصفوف الثورة التحريرية في مايو 1956 وعمره لا يتعدى ال 18 سنة, أن وقف إطلاق النار كان محطة حاسمة في تاريخ الأمة الجزائرية توجت بالاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية.
و عاد من جهته المجاهد بوعلام بن باطة البالغ من العمر 84 سنة إلى الوراء ب 61 سنة, مستذكرا المناسبة بقوله “لقد استقبلنا ونحن في الجبال وقتها أمر توقيف القتال بارتياح كبير وأيقنا بأن حلمنا وحلم الشهداء وحلم الشعب الجزائري في الاستقلال قد تحقق أخيرا وفي الواقع”.
و أضاف المجاهد بن باطة الذي التحق بالثورة التحريرية في سنة 1957 بمنطقة الأوراس وعمره لا يتعدى ال 18 سنة كمكلف بالاتصالات: “كنا في غابة كيمل بالولاية التاريخية الأولى لما تم الإعلان عن توقيف القتال وكانت فرحة عارمة في أوساط المجاهدين الذين أطلقوا عيارات نارية تعبيرا عن نشوة انتصار الثورة التي تعني أيضا هزيمة العدو”.
أما المجاهد العابد رحماني (81 سنة), فأكد على أن توقيف القتال كان يعني لعدد كبير من المجاهدين آنذاك أنهم انتصروا في قضيتهم العادلة وأن الكفاح المسلح من أجل تحرير الوطن من براثن المستعمر قد أثمر وأن فرنسا انهزمت.
و أشار المتحدث إلى أن ترقبا كبيرا عاشه ومن معه من المجاهدين وكانوا وقتها بنواحي مدينة خنشلة التي كانت مطوقة بالأسلاك الشائكة وجاء خبر إنهاء العمل العسكري والنشاط المسلح بمثابة الإعلان عن الاستقلال.
أما لكحل أحمد لخضر, عضو فيدرلية جبهة التحرير الوطني بفرنسا وكان رئيس مجموعة بمدينة ليون آنذاك, فتحدث بثقة وحماس كبيرين رغم سنوات عمره ال 87, مشددا على الحذر الشديد الذي ميز تحركاته ومجموعة المجاهدين التي كان ينشط ضمنها وقتها خوفا من مكر المستعمر. وقال “بقينا على أتم الإستعداد والتأهب لأي طارئ لأننا ببساطة لم نكن نثق بوعود الفرنسيين وأبقينا على عملنا السري إلى أن اتضحت الأمور بعد ذلك وتبين لنا أن توقيف القتال كان نهائيا”.
و أوضح المجاهد محمد مسعودي, عضو الخلية السرية بمدينة باتنة وأحد المجاهدين ال 20 المحكوم عليهم بتهمة المشاركة والتحضير وأيضا تفجير الثورة التحريرية في القضية التي عرفت في تلك الفترة لدى السلطات الاستعمارية بقضية المتورطين في أحداث الفاتح نوفمبر 1954 بمنطقة الأوراس, أن فرحة توقيف القتال عاشها بين جدران سجن (لابوتيت بومات) بمرسيليا بفرنسا وكان لها “طعم متميز”.
و قال المجاهد الذي صدر في حقه آنذاك السجن المؤبد مع الأعمال الشاقة في بداية مارس 1955 “كانت فرحة لا توصف وأدركت أنا ومن كان معي من رفاقي المجاهدين أن الثورة انتصرت وأن أيامنا بهذا السجن أصبحت معدودة “. وبالفعل, كما أضاف المتحدث, “بعد أيام تغيرت معاملة السجانين لنا وسلمت لنا أغراضنا وبعد حوالي 15 يوما من قرار وقف إطلاق النار تم ترحيلنا إلى الجزائر وتم تحويلنا إلى سجن تازولت بباتنة ليطلق سراحي ومن معي في مايو 1962 وبالنسبة لي كانت الفرحة مزدوجة : حريتي واستقلال الجزائر”.
و أجمع كل من تحدثت اليهم وأج أن 19 مارس 1962 كان بمثابة الإعلان عن الإستقلال وأن الثمن المدفوع من أجل تحرير الوطن كان غاليا والتضحيات جسيمة, مشددين على أن شباب اليوم ملزم بصون وديعة الشهداء والمجاهدين والمساهمة في بناء الجزائر ورفع رايتها عاليا بين الأمم والمحافظة عليها وهي الوصية التي ستبقى متوارثة بين الأجيال.
رئيس جنوب إفريقيا: أجدد شكر شعب جنوب إفريقيا للشعب الجزائري على مساندته في كفاحه لنيل حريته