على طريقة بوتين..الدينار مقابل الغاز الجزائري !

على طريقة بوتين..الدينار مقابل الغاز الجزائري ! - الجزائر

أثار القرار الذي أعلنت عنه السلطات الجزائرية مساء الأربعاء الماضي، القاضي بتعليق معاهدة الصداقة والتعاون وحسن الجوار، زلزالا عنيفا داخل إسبانيا وخارجها معززة بمخاوف من التأثيرات السلبية على الدولة الأوروبية ، وأمهلت الجزائر الحكومة الإسبانية الوقت الكافي للعدول عن موقفها الجديد وانحيازها الفاضح للحلف المغربي الصهيوني ذو التوجه التوسعي الإستعماري، وانقلابها المفاجئ على توجه المجتمع الدولي إزاء القضية الصحراوية، في إطار صفقة مشبوهة مع نظام المخزن المغربي تستهدف من خلاله الجزائر.

وفي ظل المواقف الثابة والقرارات السيادية للدولة الجزائرية، يرى خبراء أنه إن لم تعدل حكومة” بيدرو سانشيز” عن موقفها الناشز وإستمرارها في دعم الخطة الإستعمارية المغربية فمن غير المستبعد أن تستعمل الدولة الجزائرية اوراقا أخرى للضغط على إسبانيا،  أهمها ورقة الغاز.

وفي الوقت الذي تتعرض فيه الحكومة الإسبانية إلى هجوم غير مسبوق من الطبقة السياسية والمعارضة في الداخل والخارج، بالإضافة الى خسائر إقتصادية هائلة على المدى القريب والبعيد مع شريك موثوق،  أكدت صحيفة “ذ أوبجكتيف” الإسبانية في عددها الصادر يوم الخميس الفارط، بأنّ مدريد ستتكبد خسائر تصل لما تزيد قيمته عن 6 مليار أورو كفاتورة لحجم التجارة الخارجية مع الجزائر، وحسب ذات المصدر فإن أحدث البيانات الرسمية الصادرة عن معهد التجارة الخارجية الإسباني تشير إلى أنه في عام 2020 بلغت الواردات 2.511 مليار يورو، في حين بلغت الصادرات الإسبانية إلى الجزائر 1.916 مليار يورو. ومع ذلك، فهو عام لا يمثل صورة موثوقة بسبب وباء كورنا، لذلك سيكون من المناسب اعتبار عام 2019 كمرجع عندما وصلت الواردات إلى 3.852 مليار يورو والصادرات إلى  2.906 مليار يورو. وتأتي إسبانيا في المرتبة الخامسة في قائمة الموردين للجزائر في عام 2020، بعد الصين وفرنسا وإيطاليا وألمانيا.

وفي الوقت نفسه، تعد إسبانيا ثالث عميل للجزائر في نفس العام بعد إيطاليا وفرنسا. ورغم ذلك، تستمر حكومة سانتشيز في تعنتها والتشبث في موقفها، حيث قال وزير شؤون الرئاسة الإسباني، فيليكس بولانيوس اليوم الجمعة إن إسبانيا “تريد استعادة علاقتها مع الجزائر بأسرع ما يمكن”معربا عن أسفه لتعليق معاهدة (الصداقة) من قبل السلطات الجزائرية”، و اضاف ان اسبانيا ستسعى الى “محاولة استعادة تلك العلاقة الطبيعية بين بلدين متجاورين ولهما مصالح تجارية وثقافية واقتصادية مشتركة” .

وقال خبراء أن الجزائر من حقها الدفاع عن مصالحها بالشكل الذي تراه مناسبا ومؤثرا، وقرار تعليق الاتفاقية الذي كان متبوعا بمنع التصدير والإستيراد، يُعطي لإسبانيا فرصة جديدة لمراجعة سياستها إزاء الجزائر ويرى مراقبون أن تعليق الاتفاقية مع اسبانيا سيترتب عنه أضرار على مختلف المستويات انطلاقا من خسارة السوق الجزائرية وكذا التنسيق الأمني بين البلدين خصوصا حول ملف الهجرة غير الشرعية ولم يستبعد المراقبون أن تلجاء الجزائر لإلغاء المعاهدة نهائيا إذا ما واصلت الحكومة الإسبانية في مساعيها المعادية لمصالح الجزائر والداعمة لمخططات التوتر وقلب الحقائق.

ورقة الغاز على طريقة بوتين

قد يصل الأمر إلى إستعمال الجزائر لورقة الغاز على الطريقة الروسية ، “الغاز مقابل الدينار أو القطع
فمن غير المستبعد ان تلجأ الجزائر إلى الضغط على حكومة سانتشيز على طريقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي رد على العقوبات التي فرضت عليه من الولايات الأمريكية وحلفائها من الإتحاد الأوربية على خلفية العملية العسكرية على أوكرانيا “بسياسة الروبل مقابل الغاز” واثبثت سياسة بوتين نجاعة كبيرة وانتصار دبلوماسي وأقتصادي عاد على روسيا بأرباح طائلة ، وأصبح الروبل العملة الأفضل أداء هذا العام على الرغم من أزمة اقتصادية حادة، ورغم تحذير مفوضية الاتحاد الأوروبي من أن آلية روسيا بفرض الروبل تشكل التفافا على العقوبات، مؤكدة ضرورة الاستغناء عن النفط الروسي، سارعت بعض دول التكتل للحفاظ على إمداداتهم من الغاز الروسي بفتح حسابات بالروبل. وفي ظل أزمة الطاقة التي تخنق دول الإتحاد الأوروبي ، هذا هو الوقت المناسبة لممارسة كل وسائل الضغط المناسبة على الدولة الناشزة التي تظهر عداءها للجزائر ، واستنساخ الطريقة الروسية لتحقيق إنتصارات دبلوماسية وأرباح إقتصادية تعود بالنفع على بلادنا على المدى المتوسط والبعيد.

يذكر أن الجزائر سبق وإن هددت الحكومة الإسبانية بقطع الغاز بعد المراسلة التي تلقتها وزارة الطاقة من نظيرتها الإسبانية أواخر أفريل الماضي والتي تتحدث عن تغيير لوجهة الغاز الجزائري المصدر إلى إسبانيا عبر أنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي.

ولكن… ما هي أسوأ السيناريوهات على بلادنا في حال ما إذا تحالفت القوى الغربية مع إسبانيا مثلما فعلته مع أوكرانيا بموجب العقوبات الغربية ردا على الهجوم الروسي على أوكرانيا، جُمد الاحتياطي الروسي للعملات المودعة في الخارج والمقدر بحوالى 300 مليار دولار، وهنا يجب التوقف عن هذه النقطة، ونطرح سؤال: هل تدع الجزائر جزء من أحتيطاتها النقدية في بنوك أجنبية تعمل في الخارج؟، وأن كان الأمر كذلك، ألم يحن الوقت لاستعادة كل أموالنا من البنوك الأجنبية وبالأخص تلك المودعة في الخزانات المالية التي تتحكم فيها الدول الأمبريالية في خضم ما نشهده من تحولات كبيرة على المستوى الجيو سياسي في محيطنا الحيوي، ونستفيد من تجربة الروسية قبل إتخاذ أي قرار تصعيدي من إسبانيا. وعلى سبيل المثال ، أصدرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قرار تجميد احتياطيات النقد الأجنبي للبنك المركزي الروسي بعد أزمة أوكرانيا . وهذه واحدة من أقسى العقوبات المالية على الإطلاق؛ إذ لم يتم فرض مثل هذه العقوبة إلا على عدد قليل من الدول، من بينها إيران وكوريا الشمالية. يتعلق الأمر بأصول تُعادل قيمتها حوالي 460 إلى 630 مليار دولار، اعتمادًا على ما يتم احتسابه بالضبط، ولم تستطع دولة عظمى مثل روسيا من إسترجاع ولا مليم واحد من هذه الأموال . في حل ما إذا نملك ودائع في البنوك الأجنبية ، فمن الواجب على أعلى سلطة في البلاد ان تدرس مليا في كيفية أسترجاع كهذه الأموال بأي طريقة قبل أي تصعيد مع دولة من دول الإتحاد الأوروبي، ما قد ينتج عنه تسليط عقوبات إقتصادية جماعية على بلادنا .  فهل ستسخدم الجزائر مع إسبانيا ورقة الغاز مقابل الدينار أو القطع ؟.