أعلن وزير السكن والعمران والمدينة، محمد طارق بلعريبي، عن مشروع تطويري جديد بالتعاون مع وزارة المالية، يهدف إلى إعادة تهيئة العديد من السكنات القديمة في الجزائر، ومن أبرزها حي “ديار المحصول” بالعاصمة، الذي سيتم تحويله إلى “قرية للفنانين”. يأتي هذا المشروع في إطار جهود الحكومة الجزائرية لتحديث البنية التحتية السكنية والحفاظ على التراث الثقافي في بعض الأحياء العتيقة.
وأكد الوزير بلعريبي، في جلسة أجاب فيها على أسئلة أعضاء مجلس الأمة، أن الوزارة تعمل حاليًا على إعداد إطار قانوني يضمن عملية إعادة تهيئة السكنات القديمة، التي تشكل جزءًا من تاريخ الجزائر، وتحديداً تلك التي تحتوي على طابع معماري وتراثي مميز. وتعتبر هذه الخطوة جزءًا من استراتيجية الحكومة لتعزيز التنمية الحضرية والتطوير الثقافي في البلاد.
حي “ديار المحصول”: من التاريخ إلى الفن
يعد حي “ديار المحصول”، الذي يعود تاريخه إلى عام 1955، من الأحياء البارزة في الجزائر العاصمة، ويقع بالقرب من مقام الشهيد الشهير. وعلى الرغم من أنه كان في البداية حيًا سكنيًا، فإنه شهد العديد من عمليات الترحيل وإعادة الإسكان على مدار السنوات، حيث تم نقل قاطنيه في عمليات متتابعة في 2011 و2020.
وأوضح وزير السكن أن هذا الحي تم إدراجه ضمن “التراث الحي” للمدينة، مما يعني أن الحفاظ على ملامحه التاريخية والمعمارية يعد من أولويات الحكومة. ووفقًا لما ذكره بلعريبي، فإن الحي سيشهد تحولًا جذريًا بعد إتمام عملية إسكان جميع قاطنيه، حيث سيتم تحويله إلى “قرية للفنانين” و”ورشة للفن”. يشمل المشروع تخصيص مساحات لإقامة الفنون المختلفة، مثل الرسم والنحت والموسيقى، لتصبح هذه المنطقة مركزًا ثقافيًا يعكس الهوية الجزائرية ويشجع على الإبداع الفني.
استراتيجية شاملة لإعادة تأهيل الأحياء القديمة
يأتي مشروع تحويل “ديار المحصول” إلى قرية للفنانين ضمن رؤية أوسع لإعادة تأهيل الأحياء القديمة في الجزائر. يهدف هذا المشروع إلى تعزيز الحياة الثقافية والفنية، في الوقت نفسه الذي يتم فيه تجديد البنية التحتية السكنية القديمة. وتعمل الحكومة على توفير بيئة مناسبة للإبداع الفني في محاولة لتحفيز القطاع الثقافي، الذي يعد من العوامل المحورية في تنمية السياحة المحلية وتعزيز التراث الثقافي.
وأكد الوزير بلعريبي أن عمليات الترحيل ستستمر بوتيرة مدروسة، حيث تعتمد على إنجاز السكنات الجديدة المخصصة لتعويض القاطنين الحاليين. هذا يشير إلى أن المشروع سيتم على مراحل لضمان الانتقال السلس للساكنين الجدد، دون التأثير على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة.
المستقبل الثقافي والتاريخي لحي “ديار المحصول”
تستهدف هذه المبادرة إحياء التراث الثقافي والعمراني في الجزائر، إضافة إلى توفير بيئة محفزة للفنانين الجزائريين والعالميين. وبالإضافة إلى ذلك، فإن إنشاء قرية للفنانين في قلب الجزائر العاصمة سيعمل على تحفيز السياحة الثقافية، مما يساهم في وضع الجزائر على الخريطة الثقافية العالمية.
وتسعى الحكومة الجزائرية من خلال هذا المشروع إلى إعادة تعريف الأحياء القديمة، وتحويلها إلى فضاءات حية ومزدهرة، تجمع بين التاريخ والإبداع. كما يأتي هذا المشروع في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى إيجاد حلول مبتكرة لدعم الفنانين والمبدعين في البلاد، من خلال توفير المساحات المناسبة للعرض والابتكار.
إن تحويل حي “ديار المحصول” إلى قرية للفنانين يعد خطوة مهمة نحو الحفاظ على التراث الثقافي للجزائر وفي الوقت ذاته دعم القطاع الفني والثقافي في البلاد. هذا المشروع يتماشى مع أهداف الحكومة في تطوير المدن الجزائرية، من خلال الجمع بين حماية التراث والتحديث العمراني، مما يجعل الجزائر أكثر جذبًا للفنانين والمبدعين المحليين والدوليين.
وبينما تستمر عملية الترحيل والإسكان، يتطلع الجزائريون إلى أن يكون هذا المشروع نموذجًا يمكن أن يتوسع ليشمل أحياء أخرى في المستقبل، في مسعى لتحويل العديد من المناطق إلى مراكز ثقافية حيوية تساهم في بناء هوية وطنية غنية بالفنون والإبداع.
بلعريبي: حي ديار المحصول سيُحول إلى قرية للفنانين