ورقلة: مظاهرات 27 فبراير 1962 أجهضت مخططات الإستعمار الفرنسي لفصل الصحراء عن باقي أجزاء الوطن

ورقلة – تعد المظاهرات التي شهدتها ورقلة في 27 فبراير 1962 واحدة من الإنتفاضات الشعبية التي عرفتها منطقة الجنوب ضد الإستعمار الفرنسي، والتي أجهضت مخططاته التي كانت تهدف إلى فصل الصحراء عن باقي التراب الوطني، مثلما أجمع عليه يوم الثلاثاء عديد المهتمين بالتاريخ والثورة التحريرية المجيدة بمناسبة إحياء الذكرى أل 62 لإندلاع هذه الإنتفاضة الشعبية.

و في هذا الإطار يرى الباحث في التاريخ سليمان حكوم أن إحياء هذه المناسبة التاريخية “تعد فرصة لإستذكار صفحات ناصعة من نضالات الشعب الجزائري ، مشيرا أن الإستعمار الفرنسي لم يكن يهدف عبر مخططته لفصل الصحراء عن باقي أجزاء الوطن من أجل تحقيق منافع إقتصادية فحسب من خلال الإستحواذ على الثروات البترولية ، و إنما كانت هذه المؤامرة أكبر من ذلك”.

و لتحقيق هذه الغاية – يضيف ذات المتحدث– “سعى الإستعمار الفرنسي إلى تسليط شتى أساليب القمع والترهيب على الشعب الجزائري ليتسنى له تحقيق مشروع التقسيم ، وضرب الوحدة الترابية للجزائر ، غير أنه لم يتمكن من ذلك و انكسرت محاولاته الدنيئة أمام الإرادة الصلبة لسكان المنطقة الذين لم يخضعوا للمغريات ، ولم تخيفهم التهديدات ، وذلك ما تترجمه–كما اشار– تلك المظاهرات الشعبية العارمة التي اندلعت في هذه المنطقة في ذلك اليوم المشهود”.

و من جانبه أشار أستاذ التاريخ عباز لزهاري أن دسائس الإستعمار الفرنسي كانت ترمي إلى فصل جنوب الوطن عن شماله عبر قيامه بسلسلة من الإجراءات التمهيدية أبرزها كان في سنة 1957 بعد إنشاء وزارة خاصة بالمناطق الصحراوية.

و أضاف في هذا الإطار أن “الإستعمار لم يتمكن من تمرير مخططه نتيجة الحس المدني العالي والنشاط النضالي المكثف لجبهة التحرير الوطني بهذه المنطقة التي كانت معبرا لدعم الثورة التحريرية المباركة بالسلاح وتزويد المجاهدين بالتجهيزات العسكرية ، وكانت البوابة الخلفية للثورة المظفرة “.

و بدوره أكد المجاهد عبد القادر طواهير الذي كان أحد المشاركين في مظاهرات 27 فبراير 1962 أن “تلك الإنتفاضة الشعبية دحضت ادعاءات المستعمر الفرنسي ، و كانت ردا حاسما على مزاعمه وافتراءاته حول السكان”.

و وفقا لمصادر تاريخية فإن مظاهرات 27 فبراير 1962 التي اندلعت بالمكان المسمى ب”سوق الحطب” بوسط مدينة ورقلة كانت استجابة للتعليمة الموقعة من طرف أحد ضباط جيش التحرير الوطني و التي تدعو كافة أعيان العروش و شيوخ المنطقة ومسؤولي 14 مجلسا نظاميا كان يعمل تحت قيادة الثورة التحريرية الى الخروج في مظاهرات عارمة ضد الإحتلال الفرنسي.

و رددت الجموع المشاركة في هذه الإنتفاضة الشعبية –حسب ذات المصادر– هتافات عديدة من بينها “نعم للوحدة الوطنية” و” لا لفصل الصحراء عن الوطن الأم” و “الصحراء جزائرية” ، والتي ردت عليها قوات الإحتلال الفرنسي بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين ، استشهد من بينهم خمسة متظاهرين أبرياء وسقوط عديد الجرحى.

للإشارة فقد امتد تأثير هذه المظاهرات الشعبية لتشمل مناطق أخرى بالجنوب حيث اندلعت أحداث مماثلة مناهضة للإستعمار الفرنسي يوم 7 مارس بمنطقة توقرت و يوم 13 من نفس الشهر بمنطقة المنقر.