في خطوة تصعيدية جديدة، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن حزمة جديدة من الرسوم الجمركية، التي وصفها بأنها “متبادلة”، وتشمل دولًا صديقة وخصومًا اقتصاديين للولايات المتحدة على حد سواء. تأتي هذه الإجراءات في إطار سياسة “استعادة ثراء أمريكا”، التي يروج لها ترامب، والتي تهدف إلى تقليص العجز التجاري وتعزيز الإنتاج المحلي.
تفاصيل الرسوم الجمركية الجديدة
خلال مؤتمر صحفي عقده في البيت الأبيض أمس الأربعاء تحت عنوان “استعادة ثراء أمريكا”، كشف ترامب عن فرض رسوم جمركية متفاوتة على معظم الدول التي لها تعاملات تجارية مع الولايات المتحدة. وأوضح أن الحد الأدنى من هذه الرسوم سيكون بنسبة 10%، وهي النسبة التي ستُفرض على الواردات القادمة من المملكة المتحدة ومعظم الدول العربية.
أما الدول التي تعتمد بشكل كبير على التصدير إلى الولايات المتحدة، فقد واجهت تعريفات جمركية أكثر صرامة. ومن بين الدول الأكثر تضررًا من هذه القرارات، جاءت كولومبيا في المقدمة، حيث بلغت نسبة الرسوم المفروضة على وارداتها 49%، تلتها فيتنام بنسبة 46%، بينما فرضت واشنطن رسومًا بنسبة 34% على الواردات الصينية، في خطوة تعكس استمرار الحرب التجارية بين البلدين.
تعريفة جمركية على السيارات المستوردة
بالإضافة إلى الرسوم على السلع والمنتجات، أعلن الرئيس الأمريكي فرض تعريفة جمركية بنسبة 25% على السيارات المصنعة خارج الولايات المتحدة، وذلك اعتبارًا من منتصف الليل بالتوقيت المحلي. وأكد ترامب أن هذه الخطوة تهدف إلى حماية صناعة السيارات الأمريكية وتعزيز القدرة التنافسية للشركات المحلية في مواجهة الواردات الأجنبية.
انعكاسات القرار على الدول العربية
لم تكن الدول العربية بمنأى عن هذه القرارات، حيث فرضت الولايات المتحدة رسومًا جمركية متفاوتة على صادراتها، جاءت على النحو التالي:
- سوريا: 41%
- العراق: 39%
- ليبيا: 31%
- الجزائر: 30%
- تونس: 28%
- الأردن: 20%
- باقي الدول العربية: 10% (بما فيها مصر، المغرب، لبنان، السودان، اليمن، جيبوتي، موريتانيا، وجزر القمر)
وتعد هذه النسب مرتفعة مقارنة بالضرائب الجمركية المفروضة على الدول الأوروبية، مما قد يعكس توجها أمريكيًا نحو إعادة ترتيب أولوياتها الاقتصادية.
مبررات ترامب: معاملة بالمثل أم إجراءات عقابية؟
برر الرئيس الأمريكي هذه الإجراءات بضرورة “تحقيق توازن” في التجارة الدولية، مشيرًا إلى أن العديد من الدول تفرض رسومًا جمركية مرتفعة على المنتجات الأمريكية، ما يجعل التجارة بين الطرفين غير متكافئة. واعتبر ترامب أن بلاده لن تبقى “متفرجة” بينما تستفيد بعض الدول من الأسواق الأمريكية دون تقديم مزايا مماثلة.
كما أكد أن هذه الرسوم تهدف إلى حماية الصناعة الوطنية، وتحفيز الاستثمارات الداخلية، وتقليل الاعتماد على الاستيراد من الخارج، وهو ما يتماشى مع سياسات إدارته التي ترفع شعار “أمريكا أولًا”.
ردود الفعل العالمية
أثارت هذه القرارات ردود فعل متباينة على الساحة الدولية، حيث اعتبرتها بعض الدول “إجراءات حمائية” تهدد التجارة الحرة، فيما رأى آخرون أنها مجرد وسيلة ضغط لإعادة التفاوض على الاتفاقيات التجارية. ومن المتوقع أن تشهد الأيام القادمة تحركات دبلوماسية لمحاولة احتواء تداعيات هذه الخطوة، خاصة من جانب الدول الأكثر تضررًا.
النتائج المحتملة لهذه الإجراءات
من المرجح أن تؤدي هذه القرارات إلى زيادة أسعار السلع المستوردة في السوق الأمريكية، ما قد يؤثر سلبًا على المستهلكين. كما قد تدفع الدول المتضررة إلى اتخاذ تدابير مضادة، مما ينذر بحرب تجارية واسعة النطاق قد يكون لها تأثيرات سلبية على الاقتصاد العالمي.
في ظل هذه التطورات، تبقى الأسئلة مفتوحة حول مدى نجاح استراتيجية ترامب في تحقيق أهدافها، وما إذا كانت هذه السياسات ستؤدي بالفعل إلى تعزيز الاقتصاد الأمريكي، أم أنها ستفتح الباب أمام توترات جديدة في المشهد التجاري العالمي.
الاتحاد الأوروبي يعلق رسومه الجمركية الجوابية على الواردات الأمريكية