دعت المركزية النقابية في برقيات مستعجلة، وُجهت أمس إلى الأمناء العامين للاتحادات الولائية عبر كامل ولايات الوطن، إلى عقد اجتماع طارئ يوم الأحد المقبل بمقر الاتحاد العام للعمال الجزائريين في العاصمة، يتعلق في شكله باجتماع لجنة تحضير المؤتمر التي يُفترض أن تلتئم يوم 27 أفريل الجاري، أما ما خفي فهو دراسة الوضع المتأجج للاتحاد تحت ضغط الاحتجاجات العمالية المتصاعدة المطالِبة بالرحيل الفوري للأمين العام لأكبر منظمة نقابية في الجزائر عبد المجيد سيدي سعيد، باعتباره واحدا من أهم رموز النظام المغضوب عليهم من طرف الشعب الجزائري.
وتأتي دعوة المركزية لعقد هذا الاجتماع الطارئ يوما واحدا بعد احتجاج آلاف النقابيين والعمال يوم الأربعاء أمام مقر اتحاد العمال الجزائريين، للمطالبة برحيل سيدي سعيد بعد تربعه على عرش المركزية النقابية لمدة 22 سنة كاملة. فهل سيرمي الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين سيدي سعيد المنشفة خلال هذا الاجتماع مثلما فعلها حليفه في مساندة العهدة الخامسة لعبد العزيز بوتفليقة، رئيس منتدى رؤساء المؤسسات سابقا علي حداد؟ أم سيستمر في تعنته ويدير بذلك ظهره لمطالب الحراك ويتحدى إرادة الشعب المنتفض منذ 22 فيفري، بالبقاء والمناورة لربح الوقت والاكتفاء بإعطاء توجيهات للإسراع في تنظيم المؤتمر الاستثنائي الذي تقررت برمجته مباشرة بعد انتهاء شهر رمضان، وهو المخرج الذي يحبّذه سيدي سعيد للانسحاب بشرف من على رأس المركزية النقابية، سيما بعد أن أعلن عدم نيته في الترشح ثانية.
وكشف مصدر نقابي لـ “الخبر” أن الدعوة لهذا الاجتماع جاءت بطلب من سيدي سعيد شخصيا، وإن كان جدول أعماله المعلن عنه هو اجتماع لجنة تحضير المؤتمر، إلا أن غير المعلن عنه، على الأقل في تصريح سيدي سعيد أمس لموقع “كل شيء عن الجزائر”، هو مناقشة تطورات حالة الغليان التي توجد عليها القاعدة العمالية، والتي ترجمتها الوقفات الاحتجاجية المتتالية أمام مبنى دار الشعب عبد الحق بن حمودة بشارع عيسات إيدير بالعاصمة. واعترف مصدرنا بالوضعية الحرجة والصعبة التي يمر بها الاتحاد منذ اندلاع الحراك الشعبي، وذلك في ظل التمسك غير المعلن عنه للأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين بمنصبه على رأس المركزية النقابية.
ورفع المتظاهرون في احتجاجات الأربعاء الماضي، التي سجلت تظاهر عدد كبير من العمال جاؤوا من جميع الولايات، شعارات تتهم سيدي سعيد والموالين له من النقابيين بالفساد بعنوان “العمال يريدون رحيل سيدي السعيد وعصابته”، و “سيدي سعيد لا يمثلنا”.
وعن قضايا الفساد التي تورط فيها نقابيون من المركزية، كان للأمين العام للاتحاد الولائي للعاصمة عمار تاكجوت قد فجر مؤخرا، في تصريحات تداولتها مختلف وسائل الإعلام، قنبلة من العيار الثقيل بعد أن كشف عن اختفاء الحسابات الخاصة بتسيير أموال اشتراكات العمال وممتلكات الاتحاد الولائي للعاصمة طيلة 20 سنة السابقة، والتي لم يترك لها أثرا لا في أدراج الاتحاد ولا المركزية النقابية، ما دفع هذه الأخيرة إلى استدعاء المسؤولين عن تسيير أموال في هذه الفترة ليمثلوا قريبا أمام المجلس التأديبي.
وبعملية بسيطة لحساب الأموال الضائعة في الاتحاد الولائي للعاصمة وحده، والذي يقدر معدل المنخرطين فيه بحوالي 200 ألف عامل يدفعون سنويا اشتراكا بـ200 دينار، فإن الاتحاد الولائي يكون قد ضيع سنويا ما قيمته 4 ملايير سنتيم، أي ما يمثل 80 مليار سنتيم من اشتراكات العمال فقط طيلة أكثر من 20 سنة تقلد فيها سيدي سعيد منصب الأمين العام للمركزية النقابية، وذلك دون حساب الأموال المعتبرة التي تجنيها الاتحادات الولائية من مداخيل كراء ممتلكات النقابة من عقارات.
للتذكير كان عبد المجيد سيدي سعيد قد أعلن عن مساندته لتطبيق المادة 102 من الدستور معتبرا أنها تشكل الإطار القانوني للتغلب على الأزمة السياسية للجزائر.
وتم مساء أمس تناقل خبر تقديم سيدي سعيد استقالته إلى الأمانة العامة للمركزية النقابية، وهو الخبر الذي تم تداوله في الفضاء الأزرق على نطاق واسع، غير أن مصادرنا من دار الشعب كانت نفت أن يكون خليفة بن حمودة (المغتال في 28 جانفي 1997 بمقر المركزية النقابية) قد فعل ذلك، وهو الذي بقي متواجدا بالمقر إلى غاية عصر أمس، قبل أن يدلي بتصريح لموقع “تي أس أ” ينفي فيه خبر استقالته ويؤكد أنه سيسرّع في عقد مؤتمر اتحاد العمال الجزائرين، وأنه لن يترشح لأمانته العامة.
هل الجزائري سعيد في عمله؟