هكذا تكوّن “الحقد” الشعبي على العصابة - الجزائر

هكذا تكوّن “الحقد” الشعبي على العصابة

من “مكاش الخامسة يا بوتفليقة” إلى سقوط العصابة وزعماء الدولة العميقة

أنهى الجزائريون من خلال 11 جمعة للحراك الشعبي، حكم عصب استولت على مكونات الأمة وفتت مؤسساتها، على مدار أكثر من عشرين سنة، فميّعت الساحة السياسية وكسرت الأحزاب القوية بالتصحيحيات وحولت المسار الاجتماعي للنقابات فجعلتها زبائنية تشتري زعاماتها أو تقسمها، ولم يسلم منها حتى الموتى الذين كانت لا تفوت فرصة إلا وتظهر فيها تتبادل القهقهات فوق أرواح موجهة إلى السؤال عند ربها.

لم يكن الجزائريون، الذين خرجوا ذات 22 فبراير، رافعين شعار “ماكاش الخامسة يا بوتفليقة”، يدركون أن شرارة حراك الجزائر، انطلقت لتكون شعلة لاحتراق نظام سياسي متعفن تغلغل في جسد الدولة حتى أنهكها، ولم يعد بمقداره الصمود أكثر ليبلغ مرحلة سقوط العصابة وزعماء الدولة العميقة.

تمييع الساحة السياسية، “التخلاط” في النقابات وتزوير الانتخابات

تسجل السنوات الأخيرة، توسع دائرة الكتلة الصامتة في الانتخابات، وهي الكتلة التي يقاطع أصحابها كل اقتراع، تعبيرا عن رفضهم للسلطة التي تنظم الانتخابات، والسبب التزوير المفضوح الذي جعل الخارطة السياسية تثبت في تشكيلات سياسية مبدأها الولاء والطاعة تغلغل فيها المال الفاسد وبيع الذمم.

وشملت سياسة التصحير أيضا، التنظيمات النقابية، التي نخرها الفساد والتململ والانقسام وباع زعمائها ذممهم، جعل العمل النقابي مشبوها وغير موثوق فيه.

وقد يستغرب غير الجزائريين، من الرفض المطلق للشعب الجزائري للإدارة الحالية بحكومة يقودها نور الدين بدوي، على أن تقود الانتخابات، لكن يكفي العلم أن بدوي هو وزير الداخلية السابق الذي أشرف على تشريعيات ومحليات 2017، التي أعيد فيها توزيع الخارطة السياسية بناء على ولاءات جديدة، مما يثبّت فيها تهمة التزوير تجعل انعدام الثقة مبررا.

سعيد بوتفليقة واستفزاز الجزائريين بالضحك في الجنائز

منذ وصول الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، إلى سدة الحكم في 99، التزم بذهنية في التسيير فأحاط نفسه برجال أعمال يسيرهم شقيقه الأصغر، سعيد بوتفليقة، حيث كان غالبية الجزائريين على علم أن سعيد استحوذ على الكثير من العقارات والمصانع، إلى أن أصيب بجلطة دماغية أفريل 2013، فتحول سعيد من رجل الظل إلى المسير الفعلي للدولة، فلا يخجل من الظهور في الاجتماعات الرسمية والجنائز. هذه الأخيرة، التي يبدو أنه وقع فيها نهايته دون أن يدري، حيث كان يظهر في كل مراسم دفن شخصية معروفة في صور استفزازية يتبادل القهقهات مع حلفائه من رئيس “أفسيو” السابق علي حداد، والأمين العام للمركزية النقابية عبد المجيد سيدي السعيد. رسخت هذه الصورة النمطية اللاإنسانية في أذهان الجزائريين، فسهلت عليهم تصنيف أفراد العصابة وتكونت كتلة حقد سرعان ما انفجرت في الشارع بلغت حد المطالبة بـ “الشعب يريد إعدام سعيد بوتفليقة من الوريد إلى الوريد”.

العصابة تُنهي العمر السياسي لكل رجل يتجرّأ على المساس بمصالحها 

ظلت حرب العصب في الجزائر، صراعا داخليا تحسم أدوار معاركه في سرايا الحكم، غالبية الجزائريين لا يعرفون خباياه، ولعل أكثر المرات التي شعروا بهزاتها، يوم إقالة عبد المجيد تبون، من منصبه كوزير أول، بعد خطابه أمام البرلمان وإعلانه الحرب على تغلغل المال الفاسد في السياسة، الرجل كان يتحدث وكأنه يوقع نهايته

 

 

 

اقرأ المزيد