هذه هي آفاق الاقتصاد الجزائري في ظل الصراع العالمي على النفط - الجزائر

هذه هي آفاق الاقتصاد الجزائري في ظل الصراع العالمي على النفط

بات تحول الاقتصاد الجزائري من الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد التنوع أمرا ملحا وسريعا لما يشهده العالم من تحولات كبيرة مست الأمن الطاقوي بدرجة كبيرة ، حيث وبعد موقف السعودية من الرفض الروسي بتخفيض الانتاج بعد اتفاق دول منظمة اوبك على خفض الانتاج في اجتماعها بداية مارس ، إلا أن الرفض الروسي لم يكن مبررا تقنيا بل كان مبررا سياسيا بحتا وذلك بعدم منح فرصة لتوسع النفط الصخري للو م أ حيث ان تكلفة استخراج النفط الصخري تتجاوز 60 دولار وبذلك تريد روسيا عدم رفع الاسعار وبقائها في حدود 45 دولار من اجل تحطيم الشركات الأمريكية المنتجة للنفط الصخري ولأن الو م أ انتقلت من اكبر دولة مستوردة للنفط إلى أكبر دولة منتجة له بنوعيه الصخري بما يقارب 6 مليون برميل يوميا و 8 مليون برميل من النفط العادي إضافة إلى أن موازنة روسيا تعتمد على سعر مرجي للبرميل يقدر 40 دولار واعتماد على ثلث فقط من الجباية البترولية في موزانتها مع احتياط صرف من العملة الصعبة فاق 600 مليار دولار ، وبذلك تريد روسيا تحطيم الاقتصاد الأمريكي في شقه الطاقوي بعدم خفض الانتاج وتحسن الأسعار وردا على العقوبات المسلطة على روسيا من الو م أ بسبب تدخلاتها في القرم وروسيا والتحالف مع الصين التي تراها الو م أ انها تحطمها تجاريا .
إن المفاجئ في الأمر هو الرد السعودي على روسيا بعدم تخفيض الانتاج وكان ردا من اليمين إلى اليسار حيث قامت السعودية بزيادة إنتاج النفط منفردة بالقرار دون الرجوع إلى أوبك لتنتقل من 9,5 برميل يوميا إلى 12 مليون برميل يوميا مع خصومات لزبائنها تبدأ مطلع أفريل في محاولة لتركيع الروس و إغراق السوق مما ادى إلى انخفاض رهيب للاسعار وأضر بالاقتصاد الروسي كما حدث سنة 1986 , لكن المتتبع يرى أن الاقتصاد الروسي يملك من المقومات ما لا تمتلكه السعودية التي تعتمد على ثلثين من الجباية البترولية في موازنتها التي تشهد عجزا يقدر ب 50 مليار دولار ولن يضر الاقتصاد الأمريكي الاول عالميا بكل المقاييس في التجارة والانتاج والاحتياطات المالية والمادية وبأرقام كبيرة جداااا .
قامت الجزائر التي ترأس دورة منظمة أوبك باستدعاء لاعضاء المنظمة لاجتماع للنظر في أسعار النفط التي عرفت انخفاضا قياسيا جداا وصل لحد تكلفة الانتاج بسبب توقف مؤسسات الانتاج العالمي وحركات النقل البحري والجوي والشحن وزيادة الانتاج السعودي المنفرد إلا أن هاته الدعوة قوبلت بالرفض ورفضت السعودية الجلوس لطاولة الحوار معتبرة نفسها القائد الفعلي للمنظمة وباعتبارها أكبر منتج في المنظمة بحصة قارب 40 % من حصة أوبك التي تمثل 29 % من الانتاج العالمي للنفط إضافة للاتهام الروسي قبل يومين لدول عربية بأن انخفاض الاسعار بسببها موجهة الاتهام مباشرة للسعودية والامارات حليفتا الو م أ بزيادة الانتاج دون الرجوع للمنظمة وخدمة مصالح الو م أ وتوفير النفط لها بأسعار خيالية، هذا ما سيهدد وحدة منظمة أوبك وقوة ضغطها العالمي ويجعلها في محك صعب في ظل الانقسام الحاد بين أعضائها بين حلفاء الو م أ ممثلين في السعودية والإمارات وحلفاء الروس ممثلين في إيران وفنزويلا إضافة للانقسام العالمي الذي سببه الوباء والذي قد ينتج قطبين متصارعين حول التحكم الاقتصادي الطاقوي والتجاري والمالي ، يتمثل الأول بزعامة الو م أ بدعم من دول أوروبا والسعودية والامارات ومصر ويتمثل الثاني بزعامة الروس بدعم من ايران والصين وباكستان هذا الأخير الذي انتجه العداء الأمريكي للصين وروسيا ويعتبر متكاملا فيما بينه بين من يملك الأمن الطاقوي روسيا وايران بمخزون لطاقتين تفوق 250 مليار برميا نفط و 2800 ترليون قدم مكعب غاز تحت الأرض مقابل من يعد لهم الأمن الغذائي الصين الذي أصبح اليوم يعد 19 % من الغذاء العالمي إضافة لبعض المشاريع المهمة جدا كمشروع العبور الآمن للعرب عبر باكستان ومشروع العبور الآمن الافريقي لطريق الحرير الذي تعتبر الجزائر من بين رواده بعد العلاقات الوطيدة السياسية والتجارية بين البلدين وصلت لحد الهبات والتعاون والتآزر لتخطي الوباء .
في ظل بروز هذا الصراع الحاد بين الدول العظمى حول التحكم في الأمن الطاقوي بعد الصراع في التحكم التجاري بين الصين والو م أ ، وبعدما شهد الاقتصاد الجزائري ركودا حاد بسبب هذا الوباء الذي استوجب على الدولة النهوض منه بأقل الأضرار بالاجراءات المهمة التي اتخذها مجلس الوزراء للحد من اللاتوازن المالي في الاقتصاد الوطني كما أنه من الضروري على الدولة تقديم المساعادات السريعة للشركات والمؤسسات الاقتصادية العمومية والخاصة التيى تعطلت عمليات انتاجها للسلع والخدمات بسبب الوباء وهذا الأمر قامت به كل دول العالم وذلك بتقديم قروض ومساعدات مالية لتخطي الأزمة والحد من نسبة انكماش اقتصادي.
إن الجزائر محتمة على الخروج من التبعية في اقتصادها من النفط الذي لا يمكنها التحكم فيه لا في الاسعار ولا في الانتاج ، إلى اقتصاد متنوع يهتم بالفلاحة والصناعة والسياحة بالاعتماد على مقاربة إنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة في هاته المجالات خاصة فيما تعلق بالاحتياجات الغذائية التي يمكن ان يوفرها القطاع الفلاحي الذي يعتمد على القدرات الطبيعية والبشرية التي لا ترتبط نسبيا بالتغيرات العالمية.
إن القطاع الفلاحي أحد أهم القطاعات البديلة للنفط نظرا لما يوفره من أنتاج نباتي وحيواني مهما جدا ويسهم في القيمة المضافة للناتج الداخلي الخام والرفع من نسبة النمو الاقتصادي لما تتوفر عليه الجزائر من مقومات طبيعية هائلة أراضي زراعية متنوعه وموارد مائية وموارد نباتية وحيوانية يمكن للعنصر البشري استغلالها وتوفير الحاجات الغذائية والموارد المالية من العملة الصعبة في حالة التصدير وترقية ومساهمة تطوير الصناعات الصغيرة والمتوسطة بتوفير المواد الاولية كالصناعات النسيجية والغذائية والمساهمة في خلق فرص للتشغيل وقوة شغيلة بنسب معتبرة لارتباط الانسان بالارض فهي المصدر الأساس والرئيس لربع احتياج الانسان المتمثل في الغذاء واشباع الرغبات الاستهلاكية ، هذا ما دفع بالدول إلى اسهامه في التمويل وتوجيه الدعم له فمنذ الاستقلال والجزائر تسعى جاهدة للنهوض به وتنميته من خلال السياسات والاصلاحات المتعاقبة من التسيير الذاتي ، الثروة الزراعية، إعادة الهيكلة، المستثمرات الفلاحية إلى المخطط الوطني للتنمية الفلاحية سنة 2000 فيجانب الهيكلة والتنظيم أما فيما يخص جانب التمويل فقد تزايد الاهتمام بالقطاع الفلاحي وسخرت لاجله أموال معتبرة وأجهزة متخصصة لتمويله كبنك الفلاحة والتنمية الريفية الذي واكب الاصلاحات المذكورة لتحقيق اهداف مخططات التنمية وأخرها سنة 2000 لكن تفعيل هاته الموارد لم يلق النتيجة المرجوة بفعل معوقات استغلال الاموال وتوجيهها لغير مستحقيها فنشهد اليوم الجزائر تواصل استيراد القمح وافتقر القروض والدعم للاولوية والرقابة ولم يكن في وسع الدولة التخلي عن توجيه عمليات التمويل في ظل التوجه نحو اقتصاد السوق وبرزت مشاكل القروض الفلاحية غير المسددة وتم مسح أغلبها سنة 2009 حيث بلغت 41 مليار دج مما انتج اختلالات وآثار اقتصادية على الخزينة العمومية .
ان استحداث آليات جديدة كالوكالة الوطنية للاستثمار الفلاحي جد إيجابي حيث سيختص هذا الهيكل بتنشيط الفلاحة وتعزيز مكانة الفلاحة بكل اصنافها وتغطية الاستهلاك السكاني من الاحتياجات الغذائية وتحسين مستوى الأمن الغذائي بتوفير الاحتياطات اللازمة لذلك وترقية الانتاج الموجه للتصديرات ودعم الواردات من العملة الصعبة كما سيعزز ترقية الشغل بتوفير مناصب شغل دائمة ويجد الآليات القانونية بتسوية وضعية الفلاح و انشائه مؤسسات صغيرة ومتوسطة ومساعدة ومرافقة هاته المؤسسات الفلاحية وتوفير الدعم المهم واللازم وخاصة التي تنجح في المساهمة الاقتصادية .