في ضربة موجعة لشبكات التهريب والتزوير، أعلنت نيابة الجمهورية لدى القطب الجزائي الوطني الاقتصادي والمالي، اليوم الخميس، عن إيداع عشرة أشخاص الحبس المؤقت في إطار تحقيقات معمّقة حول قضية اكتشاف 19 حاوية محمّلة بسلع مدخلة إلى التراب الوطني بطريقة غير شرعية، باستعمال وثائق مزورة وتصريحات جمركية كاذبة، وبمشاركة موظفين عموميين يُشتبه في تواطئهم.
وأوضح بيان رسمي صادر عن النيابة، أنه وعملاً بأحكام المادة 11 من قانون الإجراءات الجزائية، تم فتح تحقيق ابتدائي عقب تلقي مصالح وزارة التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية معلومات دقيقة بشأن تسويق ساعات إلكترونية موجهة للأطفال، مصنفة ضمن السلع الممنوعة في السوق الجزائرية. هذه المعطيات استوجبت تحرّكاً عاجلاً من قبل الجهات المختصة، لينكشف حجم فضيحة منظمة وراء عمليات الاستيراد الاحتيالي.
تفاصيل التحقيقات وكشف الحاويات
وخلال عمليات التدقيق والمتابعة، تم اكتشاف 19 حاوية تحتوي على سلع مستوردة تم إدخالها إلى البلاد دون التصريح الحقيقي بمحتواها، أو عبر تصريحات جمركية مزورة. وتبيّن لاحقاً أن العملية تمّت بتواطؤ مع موظفين عموميين استغلوا مناصبهم لتسهيل دخول هذه الشحنات المشبوهة، وهو ما يفتح الباب أمام فرضيات بتورط شبكة منظمة تعمل على خرق القوانين الناظمة للاستيراد والتصدير، وكذا تشريعات الصرف وحركة الأموال.
تهم ثقيلة تطال المتورطين
بيان النيابة أشار إلى أنه وبعد استكمال التحقيقات الابتدائية، تم تقديم المشتبه فيهم أمام قاضي التحقيق، حيث تم فتح تحقيق قضائي رسمي ضدهم بتهم ثقيلة شملت:
-
التزوير واستعمال المزور في وثائق إدارية
-
الحصول على وثائق إدارية عن طريق التزوير
-
إساءة استغلال الوظيفة في خرق صارخ للقوانين
-
التبديد العمدي للأموال العمومية
-
استغلال النفوذ
-
مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج
-
تبييض الأموال والعائدات الإجرامية
-
الانتماء إلى جماعة إجرامية منظمة باستعمال التسهيلات التي يمنحها نشاط مهني
أوامر بالإيداع واستمرار التحقيقات
وأضاف البيان أن قاضي التحقيق المكلف بالقضية استمع إلى 11 متهماً، ليقرر إيداع 10 منهم رهن الحبس المؤقت، في انتظار استكمال التحقيقات التي ما تزال جارية، مما يشير إلى احتمالية توسيع قائمة المتورطين، سواء من داخل الإدارة أو من المتعاملين الاقتصاديين.
خطر على الاقتصاد وتهديد مباشر لصحة المستهلك
تكمن خطورة هذه القضية ليس فقط في الجانب المالي والإداري، بل أيضاً في البعد الاجتماعي والصحي، بالنظر إلى أن السلع المعنية تضم ساعات إلكترونية موجهة للأطفال، وهي منتجات محظورة التسويق داخل الجزائر، مما يثير تساؤلات عميقة حول سلامتها ومصدر تصنيعها، ومدى احترامها للمعايير المعتمدة محلياً ودولياً.
مكافحة التهريب والتزوير.. التحدي المستمر
تشكل هذه القضية نموذجاً صارخاً على التحديات الكبيرة التي تواجهها الدولة الجزائرية في مجال محاربة التهريب والتزوير واستغلال النفوذ داخل المؤسسات العمومية. وتؤكد في الوقت نفسه على أهمية تعزيز الرقابة على عمليات الاستيراد والتوزيع الداخلي، وتفعيل آليات الردع القانونية لمحاربة الجرائم الاقتصادية، التي باتت تهدد استقرار الأسواق وشفافية التجارة.
5 سنوات سجنا لعامل بميناء الجزائر هرّب “حراقة” في حاويات فارغة