مهرجان مسرح الهواة : مسرح الهواة بالجزائر وليد المجتمع

الجزائر – أجمع مسرحيون وجامعيون، اليوم الجمعة بمستغانم، على أن مسرح الهواة بالجزائر هو وليد مجتمعه بكل ما يحمله من ميزات واستطاع ان يعكس متغيرات المجتمع وتمكن من نقل انشغالات عامة الناس من خلال مجموع أعماله وتجاربه الركحية التي جعلته مشتلة الحياة المسرحية الجزائرية.

وفي ندوة نظمت بالمسرح الجهوي لمستغانم جيلالي بن عبد الحليم، على هامش الطبعة ال 54 للمهرجان الوطني لمسرح الهواة بمستغانم، بعنوان “مسرح الهواة في الجزائر واقع وآفاق”، أكد الاستاذ لخضر منصوري من جامعة وهران، أن الحديث عن مسرح الهواة في الجزائر “يبدأ من مساهمة المؤسسين الذين كانوا في صفوف الكشافة الإسلامية الجزائرية بدءا بالعميد جيلالي بن عبد الحليم وصولا إلى أجيال الهواة الذين انبثقت تجربتهم من رحم المجتمع”.

واستعرض الكاتب والباحث في مجال المسرحي السيد بوزيان بن عاشور، تاريخ نشأة أقدم مهرجان مسرحي في إفريقيا والعالم العربي (1967)، على يد المسرحي جيلالي بن عبد الحليم الذي “أعجب بمهرجان أفينيون وسعى إلى تجسيد حلمه في مدينة مستغانم اعتمادا على دعم الساكنة المحلية وعشقهم للمسرح”.

وقال بوزيان “إن الأغلبية الساحقة التي انخرطت في العمل المسرحي الهاوي كانوا من الناس البسطاء عبر مختلف مناطق الوطن تميزت مساراتهم بالبحث وحب الاكتشاف و القراءات والمشاهدات الكثيرة للاعمال السينمائية والمسرحية كما هو الحال مع ولد عبد الرحمن كاكي”.

وأضاف في سياق ذي صلة، بأن المسرحيين الأوائل كانوا مهتمين بمواضيع متعلقة بالواقع العام للبلاد فترجموا ذلك في اعمال تتوافق والسياق السياسي والاجتماعي والاقتصادي، إلا ان هذه المقاربة -يضيف- تغيرت لاحقا حينما أصبح الفرد أكثر حضورا في الأعمال المسرحية.

وقد فرضت متغيرات عديدة نفسها على المسرحيين الهواة، يردف السيد بوزيان، ودفعت بهم إلى “إعادة النظر في مقاربتهم المسرحية إما بالتوجه إلى تعميق معارفهم العلمية والأكاديمية أو النشاط ضمن فرق و تعاونيات مسرحية”.

وقد عرفت سنوات الثمانينات والتسعينات، حسب السيد بن عاشور، “ميلاد الكثير من التعاونيات المسرحية فاق عددها 48 تعاونية في تلك الفترة”.

وبخصوص تقلص الفارق بين الهاوي والمحترف أكد المتحدث أنها خلقت أزمة اجتماعية في المجال، في المقابل يرى المسرحي المخضرم عبد الله حملاوي من قسنطينة أن المسرحيين الهواة “كانوا يمتلكون تكوينا ووعيا سياسيا ووطني وثقافة واسعة جعلتهم قادرين على انجاز أعمال كبيرة لا تقل أهمية عما كان ينتج في مسارح عالمية”.

واعتبر السيد غوثي عزري المدير الأسبق للمسرح الجهوي لقسنطينة، ان المسرح بشكل عام مرتبط بالمجتمع وبالتالي فهو يتأثر به، ودعا بالمناسبة إلى “ضرورة استرجاع الروح القوية التي كانت في مسرح الهواة وذلك بمساعدة الشباب على العمل والتمسك بعشقهم للخشبة”.

أما الاستاذ محمد شرقي من جامعة مستغانم، فأبرز ان الهاوي في المسرح مرتبط بالاساس بالممثل بصفته المادة الأساسية للعرض والمخرج كونه مدير العرض بينما التأليف والسينوغرافيا والكوريغرافية فهي متصلة بمهن العرض لا بد من اتقانها.

وبالعودة الى تاريخ المسرح، أكد السيد شرقي بأن المسرح كان دائما الوسيلة التي يحتفل بها الناس البسطاء بطقوسهم الحياتية الاجتماعية لهذا يمكن القول بأن المسرح ولد في حجر هاوي وليس محترف.

كما ركز السيد شرقي على ضرورة المحافظة على مسرح الهواة بصفته مشتلة الحياة المسرحية الجزائرية مؤكدا أن الهاوي يجب ان يسعى إلى الاحترافية في العمل وإجادة مهنة العرض قبل أن يفكر في الانتقال إلى مرحلة المحترف التي تعتمد أساسا على المال والربح المادي.

يذكر أن الطبعة 54 للمهرجان الوطني لمسرح الهواة بمستغانم افتتح سهرة الخميس الماضي بحضور وزيرة الثقافة و الفنون السيدة صوريا مولوجي ويستمر الى غاية 18 من نفس الشهر بمشاركة 15 فرقة مسرحية في الصنفين أ و ب ويعرف تنظيم ورشات تكوينية لفائدة تزيد من 200 متربص.

اقرأ المزيد