ملتقى المقاومة الثقافية في الجزائر: صدى الثورة الجزائرية ألهم العديد من الفنانين الجزائريين والعرب والأجانب

 

الجزائر – أكد الفنان التشكيلي الجزائري طاهر ومان، يوم الإثنين بالجزائر العاصمة، أن صدى المقاومة الجزائرية ألهم العديد من الفنانين الجزائريين والعرب والأجانب الذين نقلوا من خلال لوحاتهم الواقع الأليم الذي زلزل الأمة العربية.

و خلال الجلسة العلمية الأولى في إطار الملتقى الدولي “المقاومة الثقافية في الجزائر خلال الثورة التحريرية” المنظم بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال, قال التشكيلي طاهر ومان  إنه على مر المقاومات والانتفاضات الشعبية العارمة التي شهدتها الجزائر, أظهر العديد من الفنانين الجزائريين والعرب والأجانب “إعجابهم ومساندتهم للقضية الجزائرية فكانوا صدى المقاومة ونقلوا من خلال لوحاتهم الواقع الأليم الذي زلزل الأمة العربية”.

و سجل المتحدث أنه بتعاقب المقاومات الشعبية التي ساندها أهل العلم والأدب والفن في مختلف أصنافها التعبيرية الأصيلة والمواكبة للعصر, “كانت لغة الإيصال والتوصيل سلاحا فعالا أضاء إشعاعه عبر أوساط الشعب وكذا المتلقي خارج بلادنا”, وذكر في هذا المقام النحات المزخرف على مادة الجبس عمر ?ا?ا, صاحب النقوش الخالدة بالزاوية التيجانية والذي أنجز نقوش البريد المركزي بالجزائر العاصمة وترك بصمته التي تنتصر للشعب الجزائري إلى جانب الإخوة عمر ومحمد راسم في بداية القرن العشرين, اللذان نمقا عبارات “نصر من الله وفتح قريب” و”الجنة تحت ظلال السيوف”, مجسدة على منمنمات راسخة في موسوعات الفن الحديث.

و مع بزوغ فجر ثورة التحرير سنة 1954, يضيف المحاضر, “التحقت جحافل من المبدعين في شتى التعابير الفنية والأدبية مرفوقين بأسلحتهم المعرفية ليستمر الجهاد باللون والخط والقلم والريشة والصورة والحركة (..) حيث أنشد الموسيقي الثورة ورسم التشكيلي نداء الشعب الثائر”.

و توقف السيد ومان, عند بعض الأسماء التي استطاعت بفنها التشكيلي أن تجسد يوميات المجاهدين واللاجئين الفارين من طغيان العدو الفرنسي, من أمثال الرسام المجاهد لحسن عبد المالك الذي استشهد سنة 1957 بجبال الأوراس والمرحوم النحات محمد دماغ وامحمد إسياخم ومحمد خدة وفارس بوخاتم الذي اتسمت جل رسوماته بوصف يوميات المناضلين واللاجئين ومآسي خط موريس المكهرب.

و بخصوص فارس بوخاتم دائما, قال المتحدث, إنه “رغم نجاته من الموت ظل الفنان بوخاتم يرسم وهو يعاني من ألم جراحه فيؤنسه فرانتز فانون المتأثر بوضعيته ومنبهرا من تعبيرية رسوماته التسجيلية لمعاناة اللاجئين المتشردين”.

من جهة أخرى, بلغ صدى الثورة الجزائرية بلدان قريبة وبعيدة, فألهمت العديد من التشكيليين العرب والأجانب, وفق المتحدث, ففاضت قريحتهم متأثرين بالواقع الأليم الذي زلزل الأمة العربية على غرار الرسام العراقي محمود صبري و لوحته “ملحمة الجزائر” وعلي عيسى بتونس ولوحته “الطفل المفقود” المشتقة من معايشته ميدانيا مجزرة ساقية سيدي يوسف سنة 1958, ناهيك عن فنانين عالميين نددوا بريشتهم المأساة مثل بيكاسو و وصولا إلى أوندري ما صون وإدوار بينيو وكيجنو لدسلاس وعبود شفيق وعصار ناصر وغيرهم من المبدعين عبر المعمورة.

كما ذكر السيد ومان, في هذا الشأن, الفنان المرحوم إسماعيل شموط الذي احتضن سنة 1961 الشاعر مفدي زكرياء وأصغى إلى ديوانه “اللهب المقدس” فرسم مجموعة كبيرة من الأعمال الصارخة متأثرا بالمضمون والواقع وحتى إيقاع حنجرة مفدي زكرياء وهو يلقي قصائده المؤثرة.

و مع افتكاك السيادة الوطنية سنة 1962, يشير المحاضر, ظهرت مواهب رسامين جزائريين ناشدوا بهجة الانتصار في لوحاتهم ومنمنماتهم ومنحوتاتهم ودونت عبر أعمالهم ملحمة قرن ونصف من النضال المستمر, “ولا تزال متاحفنا تثرى من يوم إلى آخر بالنتاج التشكيلي مخلدين روح الأرض الغالية كمثال قويم تقتدي به الإنسانية جمعاء”.

كما دعا المتحدث, إلى تجنيد باحثين ومتطوعين, للبحث عن اللوحات التي تطرقت إلى الثورة الجزائرية وخلدت جهاد الشعب الجزائري وهي كثيرة عبر المتاحف أو تابعة لبعض الرسامين بهدف المحافظة على الذاكرة الوطنية المرسومة.