مشتقات النخيل والتمور: من حرفة تقليدية الى شعبة اقتصادية قائمة بذاتها

مشتقات النخيل والتمور: من حرفة تقليدية الى شعبة اقتصادية قائمة بذاتها

الجزائر – يشهد نشاط انتاج مشتقات النخيل والتمور في الجزائر قفزة نوعية في السنوات الأخيرة, حيث انتقل من مجرد حرفة تقليدية بسيطة متوارثة عبر الأجيال, إلى شعبة اقتصادية قائمة بذاتها.

و أوضح مدير غرفة الصناعات التقليدية والحرف لبسكرة, يوسف سي العابدي, بأن شعبة مشتقات التمر كصناعة حرفية قائمة بحد ذاتها, بزرت بداية بهذه الولاية, نظرا للطابع الزراعي للمنطقة القائم بشكل أساسي على زراعة النخيل. ثم امتدت بعد ذلك إلى كافة مناطق الجنوب وبعض الولايات الاخرى مثل البليدة وسطيف وبومرداس, يضيف سي العابدي.

“لقد تمكن الحرفيون المتمرسون في تحويل التمور من تطوير خبراتهم المتوارثة عبر اسلافهم, من خلال التكيف مع احتياجات السوق, لاسيما بإدخال مجموعات جديدة من المنتجات المشتقة من التمور”, يقول السيد سي العابدي, لافتا إلى أن هذه الشعبة لم تعد تقتصر على تسويق المنتجات الغذائية المشتقة كالسكر والطحين والدبس, بل تتعداها الى مختلف أنواع منتجات النخيل.

وفي هذا الصدد, أشار الى أن “مخلفات هذه الشجرة قابلة لإعادة التدوير بنسبة 100 بالمائة”, معددا العناصر التي يمكن تثمينها مثل الجذع الذي يستخدم في إنتاج الخشب والخشب المضغوط, وكذا الأوراق الفتية لصنع أصناف من السلال, إضافة إلى ألياف النخيل التي تستخدم في صناعة الحبال.

كما أن الشعبة تضم أيضا نشاط تحويل نواة التمر بغرض إنتاج مجموعة متنوعة من منتجات الخاصة بالعناية والنظافة الجسدية وكذا الأسمدة الطبيعية وعلف الماشية, يضيف المسؤول.

وبهدف تطوير هذه الشعبة, نوه السيد سي العابدي بنظام الإنتاج المحلي لمشتقات التمور والنخيل التي تبنته الغرفة في 2009.

وأوضح أن هذا النظام الذي أطلقته وزارة السياحة والصناعات التقليدية شجع على دمج الحرفيين في القطاع النظامي من خلال تسجيلهم في سجل الحرف والصناعات التقليدية, مشيرا ان عدد الناشطين في مجال تحويل وانتاج مشتقات التمور ونفايات النخيل المسجلين بالغرفة يتجاوز بكثير 300 حرفي.

وحسب المسؤول ذاته, يستفيد الحرفيون في ظل هذا النظام من عدة امتيازات أهمها البرامج التدريبية التي تمكنهم من تحسين كفاءاتهم المقاولاتية.

وتتمحور برامج التدريب أساسا على الإدارة والتسويق والتصميم والتعبئة والتغليف ووضع العلامات وتغليف المنتجات, حسب شروح المسؤول الذي أكد بأن الغرفة تشجع كافة الحرفيين على تسجيل علاماتهم التجارية لدى المعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية “إينابي”, وهي “خطوة مهمة تسمح لهم بحماية منتجاتهم من القرصنة والتزوير”.

 

تكريس ثقافة إعادة التدوير وترقية الصادرات

 

من جانبه, أشاد عبد المجيد خبزي, وهو صناعي متخصص في إنتاج مشتقات التمور وعضو الجمعية الوطنية للمصدرين الجزائريين, بدور هذه الشعبة الناشئة في تنمية الاقتصاد الدائري, والتنمية المحلية, وتنويع صادرات البلاد خارج المحروقات.

وفي هذا الصدد, أبدى السيد خبزي طموح شركته في التموقع في السوق الدولية للمنتجات الطبيعية “بيو”, لاسيما من خلال تسويق سكر التمر, مضيفا أن شركته سبق لها وان صدرت كميات لا بأس بها من سكر التمر نحو السوق الكندية في 2017 إلى جانب أسواق الخليج وآسيا التي أبدت اهتمامها بالمنتوج.

ووفقا لشروحات السيد خبزي, يتم إنتاج سكر التمر من الأصناف غير القابلة للتسويق, وهي التمور من الدرجة الرابعة والخامسة.

وانطلق انتاج هذا المصنع الموجود ببسكرة عام 2017, وقد استأنف مؤخرا المصنع انتاج السكر بعد تعليقه مؤقتا خلال جائحة كورونا حيث تفرغت الشركة في تلك الفترة لإنتاج الإيثانول والكحول الطبي من أجل مواجهة الطلب في السوق على هذه المواد المطهرة في هذه الفترة.

ويتم استخراج الإيثانول الذي ينتجه المصنع من التمور المتحللة التي تشكل مادة خام عضوية لإنتاج المواد المطهرة والكحول الطبي, حسب المدير الذي أفاد بأن الطاقة الحالية لإنتاج الإيثانول تبلغ حوالي 3000 لتر يوميا.

وفي هذا السياق, أشار السيد خبزي إلى مشكلة تسويق الإيثانول كمادة خام في السوق المحلية لإنتاج الكحول الطبي والمواد المطهرة, حيث اعتبر أن بيعه كمادة خام يخضع لشروط “تعجيزية”, داعيا إلى اتخاذ تدابير أكثر مرونة من شأنها السماح للجزائر بتقليل فاتورة استيراد هذا النوع من المنتجات.

بالإضافة إلى سكر التمر والإيثانول والكحول الطبي, ينتج المصنع علف الماشية, والأسمدة العضوية, والفحم المنشط المصنوع من نفايات التمر, إلى جانب تشكيلة من منتجات العناية والنظافة البدنية باستعمال الزيوت المستخلصة من نواة التمر.

اقرأ المزيد