مراكز التعذيب ببومرداس شاهدة على وحشية الاستعمار وانتهاكه لآدمية الإنسان الجزائري

مراكز التعذيب ببومرداس شاهدة على وحشية الاستعمار وانتهاكه لآدمية الإنسان الجزائري

بومرداس – لا تزال مستودعات ومراكز التعذيب والإستنطاق التي إشتهرت إبان الحقبة الإستعمارية بفظاعتها ووحشية ممارساتها وانتهاك المحتل الفرنسي بين أسوارها المظلمة لأدمية الإنسان الجزائري, شاهدة على ذلك إلى اليوم عبر ما يزيد عن 20 بلدية من إقليم ولاية بومرداس.

وتجاوز عدد مراكز وبنايات التعذيب المنتشرة بها -حسبما كشفت عنه لـ/وأج مديرة المجاهدين, بوطرفة حبيبة- ألـ40 حيث يعود تاريخ إنشاء غالبيتها إلى الفترة الممتدة ما بين 1955 و 1962 ويضاف إليها عدد غير محصي من المراكز والمعتقلات التي أنجزت قبيل إندلاع الثورة التحريرية.


اقرأ أيضا:      زيتوني: “برنامج ثري” لإحياء الذكرى الـ65 لاندلاع ثورة التحرير الوطني


واختار المحتل الفرنسي توطين هذه المعتقلات, التي تراوحت سعة إستيعابها ما بين 20 و 400 معتقل, حسب شهادة عدد من المجاهدين ذاقوا من ويلات التعذيب على مستواها, عبر 22 بلدية من الولاية دون غيرها بغرض مجابهة وبسط سطوته على هذه المناطق التي عرفت تمركز و نشاط في العمل الثوري.

 

— معتقل “حوش قوتي”, عنوان البشاعة والوحشية —

 

وذاع الصيت السيئ لمعتقل التعذيب والإستنطاق المشهور بإسم “حوش قوتي”, بلدية سوق الحد (شرق الولاية), بامتياز إبان الاحتلال الفرنسي حيث لا تزال البعض من حجراته (الزنزانات) الرهيبة وأسواره القديمة شاهدا على مدى فظاعة الانتهاكات التي كانت تمارس هناك. 

ولا تزال بعض معالم هذا المبني خاصة حجراته الإسمنتية المغلقة التي حولت من حفظ وإنتاج الخمور إلى زنزانات ناطقة بمآسيها إلى اليوم على وحشية ممارسات عساكر فرنسا اتجاه من رفعوا السلاح في وجهه من أرادوا استرجاع الحرية.

ويعود تاريخ إنشاء هذا المركز الذي يحاذي الطريق الوطني رقم 5 الرابط ما بين شرق ووسط البلاد- حسب شهادة عدد من المجاهدين- إلى سنة 1956 و يتسع إلى 200 معتقل.


اقرأ أيضا:     للأجيال الشابة حق وواجب معرفة تاريخ الفاتح من نوفمبر


ومورست بداخل هذا المعتقل المتميز بموقعه المعزول سواء ضد المجاهدين المنتسبين إلى جبهة التحرير الوطني أو من المدنيين المشتبه فيهم, أقصى أنواع التعذيب المحرمة دوليا والتي تمثلت على وجه الخصوص في الحرق بالنار وماء الصابون والكهرباء والصوت واللوحة أو الطاولة المسمارية.

ومن أشد ما كان يتعرض إليه السجناء من تعذيب في هذا المكان – حسب شهادات أخرى لمجاهدين من المنطقة- التقييد من الأيدي والأرجل وتعليق المعتقلين بالحبل وممارسة عليهم عملية الصعد والنزول لإرغامهم على الإدلاء بشهادات أو الاعتراف وكشف أسرار الثورة التحريرية.

 

— معتقل “حوش جيرمان” السري واحترافية فرنسا في التعذيب —

 

وعلى بعد 3 كلم شمال شرق بلدية لقاطة (شرق بومرداس) يقع معتقل مشهور بإسم “حوش جيرمان” والمسمى حاليا بمزرعة صايفي حيث يبقى معلما شاهدا عن مدى لا أدمية ممارسة المحتل الفرنسي.

ويرجع تاريخ إنشاء هده المزرعة إلى سنة 1930 بغرض صناعة الخمور وتم تحويلها إلى مركز التعذيب والإستنطاق في يناير من عام 1957 حيث كانت تتمركز على مستواها كتيبة من الجيش الإستعماري تسمى “لي دراغون”.

ويعد هذا المركز من أخطر مراكز التعذيب بالمنطقة – حسب شهادة عدد من مجاهدي هذه المنطقة- كون موقعه سري وغير معلن عليه لدى الصليب الأحمر الدولي فيما كان عدد المعتقلين من المجاهدين والمدنيين المشتبه فيهم بهذا المركز يصل إلى 300 شخص.


اقرأ أيضا:     منطقة المتيجة تساهم بـ17 هجوما في غرة نوفمبر 1954 إيذانا باندلاع الكفاح المسلح


وكانت تمارس جميع أنواع التعذيب على المعتقلين من الجزائريين بشهادة عدد من الناجين من الموت على مستواه على غرار المجاهدين قوري امحمد و زموري محمد و كصراوي لخضر بن رمضان و حفيظ السعيد.

ومن أفظع نماذج وأساليب التعذيب التي كان يمارسها المحتل بهذا المركز حشر المعتقلين في حجرة أو زنزانة لا يتعد ارتفاعها المتر الواحد وعرضها وطولها متر ونصف وبها فتحة بسعة حوالي 40 سم يدفع من خلالها المعتقلين إلي داخلها ثم يغلق عليهم.

ويعد هذا النوع من العذاب النفسي كمرحلة أولى ثم تليها أنواع أخرى كالحرق بالنار (الشاليمو) ووضع الصابون والماء والكهرباء والخصي ويدوم ذلك احيانا لأشهر متعددة وهناك من يستشهد تحت التعذيب, حسب نفس الشهادات.

 

— نماذج أخرى لمعتقلات لا تقل ممارساتها بشاعة ووحشية —

 

ولا يقل معتقل التعذيب “حوش البوشي” شمال بلدية الخروبة هو الأخر وحشية ولا إنسانية حيث يعود تاريخ إنشائه إلى سنة 1957 إبان إشتداد وطيس الثورة التحريرية وتصل سعة إستيعابه إلى زهاء 400 معتقل و كان مختصا في إعتقال المجاهدين و المناضلين السياسيين بما فيهم النساء حيث كانت تمارس ضدهم جميع أنواع التعذيب من كهرباء وماء صابون والزجاجات.

وتحصي في هذا الإطار ولاية بومرداس أيضا معتقلات أخرى على غرار “أورياشة” الذي يقع بجنوب شرق بلدية الناصرية (شرقا) الذي أنشأ سنة 1956 و يتسع ل 50 معتقل و “باصطوص” المتواجد بشمال بلدية برج منايل (شرقا) الذي أنشأ سنة 1955 و سعته غير محددة و كان مختصا في إستنطاق المعتقلين و مركز التعذيب “كورطيس” الذي يعود تاريخ إنشائه إلى سنة 1956 و تتراوح سعته ما بين 600 و 700 معتقل و كان مختصا في إعتقال جميع فئات و طبقات المجتمع.

ويضاف إلى ذلك مركز التعذيب “حوش الرول” ببلدية تيجلابين (شرقا) الذي أنشأ سنة 1956 و سعة إستيعابه تصل إلى 50 معتقل و مراكز التعذيب “سطورة” ببلدية الخروبة الذي أنشأ سنة 1955 و يتسع إلى 70 معتقل و مركز “قالوطة” ببلدية دلس الذي أنشأ سنة 1956 و يسع إلى 60 معتقل و هي مراكز لا تزال شاهدة على وحشية الاستعمار و بسالة صانعي الثورة التحريرية.

اقرأ المزيد