ما الجديد في مشروع “بلدنا” لإنتاج الحليب المجفف في أدرار؟

ما الجديد في مشروع “بلدنا” لإنتاج الحليب المجفف في أدرار؟ - الجزائر

في إطار تعزيز الشراكات الاقتصادية بين الجزائر وقطر، استقبل وزير الفلاحة والتنمية الريفية، يوسف شرفة، اليوم الأحد، مستشار مجلس إدارة الشركة القطرية “بلدنا”، علي العلي، لمناقشة التحضيرات النهائية لإطلاق المشروع المتكامل لإنتاج الحليب المجفف في ولاية أدرار. هذا المشروع الضخم يعكس توجه الجزائر نحو تعزيز الإنتاج الوطني للمواد الغذائية الحيوية والحد من الاعتماد على الواردات، مما يسهم في تحقيق الأمن الغذائي.

مناقشات حول التحضيرات اللوجستية لإطلاق المشروع

خلال اللقاء الذي جرى بمقر وزارة الفلاحة، أكد الوزير يوسف شرفة على أهمية التحضير الدقيق للمرحلة الأولى من المشروع، مشيراً إلى أن الاجتماعات مع ممثلي شركة “بلدنا” القطرية تركزت على وضع جدول زمني لاستقبال المعدات والتجهيزات اللازمة لبدء تنفيذ المشروع. تأتي هذه الخطوة في إطار الشراكة الجزائرية-القطرية التي تجمع “بلدنا” والصندوق الوطني للاستثمار، والتي تعد واحدة من أبرز المبادرات الاستثمارية في مجال الزراعة والصناعة الغذائية في الجزائر.

وأشار البيان الصادر عن وزارة الفلاحة إلى أن الاجتماع ناقش أيضاً سبل تسهيل عمليات الشحن والنقل اللوجستي للتجهيزات القادمة من قطر، بالإضافة إلى التنسيق مع السلطات المحلية في ولاية أدرار لضمان سير المشروع بسلاسة.

إطلاق أولى مراحل المشروع في أدرار

يجسد المشروع المتكامل لإنتاج الحليب المجفف في ولاية أدرار طموح الجزائر في تطوير القطاع الزراعي والصناعي. ويشمل المشروع تخصيص مساحة ضخمة تقدر بـ117 ألف هكتار، وقد تم البدء في تنفيذ أولى مراحله الأسبوع الماضي ببلدية تموقط، التابعة لدائرة أولف، حيث انطلقت الأشغال بوتيرة متسارعة. المشروع يهدف إلى استصلاح الأراضي الزراعية وزراعة الأعلاف الضرورية لتربية قطيع الأبقار الذي سيكون ركيزة أساسية في إنتاج الحليب المجفف.

المشروع الذي تبلغ قيمته الاستثمارية 3.5 مليار دولار، يعتبر واحداً من أهم المشاريع الاستراتيجية التي تم إطلاقها في جنوب البلاد، وهو يعكس الرؤية الاقتصادية الجديدة التي تتبناها الجزائر لتعزيز الإنتاج الوطني وتطوير الصناعات الزراعية، بما في ذلك تربية الأبقار وتصنيع الحليب المجفف، تماشياً مع سياسات الحكومة لتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي.

أهمية المشروع في تعزيز الأمن الغذائي

في إطار هذا المشروع، تهدف الجزائر إلى خفض وارداتها من الحليب المجفف ومشتقاته التي تشكل جزءاً كبيراً من فاتورة الاستيراد. إذ يُعد هذا المنتج من المواد الأساسية التي تشهد طلباً متزايداً في السوق المحلية. وبفضل التعاون مع “بلدنا” القطرية، سيصبح للجزائر القدرة على إنتاج الحليب المجفف محلياً بكميات تلبي احتياجات السوق الوطنية، مما يساهم في تقليل الاعتماد على الاستيراد وتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات المحلية.

كما سيوفر المشروع فرص عمل جديدة في ولاية أدرار والمناطق المحيطة بها، مما يدعم التنمية الاقتصادية المحلية ويساهم في تحسين ظروف العيش للسكان. إضافةً إلى ذلك، سيساهم في نقل التكنولوجيا وتطوير المهارات المحلية في مجال تربية الأبقار وتصنيع الألبان، مما يعزز من قدرات الجزائر الإنتاجية في هذا القطاع.

الشراكة بين الجزائر وقطر: نموذج ناجح للتعاون الاقتصادي

تُعد الشراكة بين الجزائر وقطر في هذا المشروع نموذجاً متميزاً للتعاون الاقتصادي الذي يخدم مصالح البلدين. فشركة “بلدنا” القطرية، التي تُعتبر واحدة من أكبر الشركات الرائدة في مجال إنتاج الألبان في المنطقة، تقدم خبرتها في إدارة مشاريع تربية الأبقار وتصنيع منتجات الألبان. في المقابل، توفر الجزائر بيئة استثمارية مشجعة ومساحات شاسعة من الأراضي الزراعية التي تمثل إمكانيات هائلة لتطوير مشاريع زراعية وصناعية.

وتأتي هذه الشراكة في إطار العلاقات المتينة بين الجزائر وقطر، والتي شهدت خلال السنوات الأخيرة تطوراً ملحوظاً في مختلف المجالات، خاصة في مجالات الطاقة والاستثمار والزراعة.

الآفاق المستقبلية للمشروع وتأثيره على الاقتصاد الوطني

يعتبر المشروع المتكامل لإنتاج الحليب المجفف جزءاً من الاستراتيجية الوطنية التي وضعتها الجزائر لتحقيق التنمية المستدامة. ومن المتوقع أن يسهم المشروع في تعزيز الاكتفاء الذاتي للبلاد من الحليب المجفف، ما سينعكس إيجاباً على الاقتصاد الوطني، سواء من خلال خفض فاتورة الاستيراد أو من خلال زيادة فرص التصدير على المدى البعيد.

علاوة على ذلك، يسهم المشروع في دعم الاستثمارات القطرية في الجزائر، مما يعزز العلاقات الاقتصادية بين البلدين ويفتح الباب أمام المزيد من المشاريع المشتركة في المستقبل.

يُعتبر هذا المشروع خطوة هامة نحو تحقيق رؤية الجزائر في تعزيز الإنتاج المحلي ودعم الاقتصاد الوطني. وبالتعاون مع قطر، تسعى الجزائر إلى تحقيق إنجازات ملموسة في مجال الزراعة والصناعات الغذائية، مما يعكس التزام البلدين بتطوير شراكات استراتيجية تسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.

اقرأ المزيد