مأساة الناظور/مليلية: المغرب ارتكب “خروقات جسيمة” و “انتهاكات خطيرة “بحق طالبي اللجوء

مأساة الناظور/مليلية: المغرب ارتكب

الرباط – سجل التقرير الذي قدمته الجمعية المغربية لحقوق الانسان, “خروقات جسيمة” و “انتهاكات خطيرة” في “المحاكمات الجائرة” التي أقامها المخزن بحق طالبي اللجوء الأفارقة المعتقلين على خلفية الاحداث المأساوية على الحدود المغربية-الاسبانية في 24 يونيو الفارط, والتي اودت بحياة العشرات من المهاجرين.

و ابرز التقرير الذي عرض مساء امس السبت بالناظور خلال ندوة صحفية بحضور العشرات من الحقوقيين, مجموعة من الخروقات من قبل المغرب والتي وصلت الى حد “التزوير”, لإدانة هؤلاء المعتقلين الافارقة ب”تهم ملفقة وثقيلة”, ضاربا بذلك عرض الحائط كل الاتفاقيات الدولية التي وقع عليها في مجال توفير الحماية الدولية للاجئين.

ومن جملة الخروقات التي شابت هذه المحاكمات “الماراتونية” التي امتدت حتى ساعات متأخرة (ما بعد منتصف الليل), والتي وثقتها الجمعية من خلال حضور الجلسات, أن هؤلاء المعتقلين أكدوا “تعرضهم للضرب من قبل قوات الامن المغربية, وهو ما تظهره الجروح التي كانت بادية على الرأس والوجه”.

كما ابرز التقرير ان “هؤلاء المهاجرين وقعوا على محاضر الشرطة دون الاطلاع عليها او قراءتها, وقاموا بإنكار كل التهم الملفقة إليهم خلال مثولهم أمام القاضي”, مشيرا الى ان “البعض منهم وقع ضحية احتيال من قبل الضبطية القضائية  التي قامت بابتزازهم بالتوقيع على المحاضر مقابل اخلاء سبيلهم, ليجدوا انفسهم امام تهم ثقيلة و احكام جائرة”.

ونبه التقرير الحقوقي الى “التطابق المفضوح في محاضر الشرطة المغربية, باستعمال تقنية (نسخ ولصق), وكأن الامر يتعلق بمتهم واحد”, وهو ما يؤكد أن “هذه المحاضر مزورة, تم اعدادها على المقاس من اجل تسليط اقصى العقوبات على هؤلاء المهاجرين الفارين من الظروف المعيشية الصعبة ببلدانهم”.

كما نبه الى ان هذه المحاضر “لم تتضمن تهما مفصلة, ولم يتم عرض اي أدلة أو حجج او تسجيلات تدين هؤلاء المتهمين, حيث كانت فارغة و انشائية بتهم فضفاضة”.

و الاخطر, يضيف التقرير, أن عناصر الامن الذين يمثلون الحق العام, اكدوا أنهم “لم يتعرضوا للعنف من قبل المهاجرين”, وان الشهادات الطبية التي حصل عليها أعوان الامن ممن قيل أنهم تعرضوا للعنف من قبل المهاجرين الافارقة, “حصلوا عليها دون اجراء فحص طبي, وهو ما يعتبر تزويرا وتضليلا للقضاء”.

وخلص التقرير الى أن الاحكام التي ادين بها هؤلاء المهاجرون الافارقة المعتقلين على خلفية احداث 24 يونيو, “جد قاسية وجائرة”, تؤكد “مدى تسخير القضاء لخدمة سياسة الهجرة”, مشددا على أن المتابعات “تنتفي فيها شروط المحاكمة العادلة ووزعت فيها أحكام بأزيد من قرن من السجن في حق 88 مهاجرا تم اعتقالهم يوم الفاجعة وبعدها”.

ودعت الجمعية المغربية لحقوق الانسان الى تحقيق دولي في مأساة الناظور/مليلية, وحملت السلطات المخزنية مسؤولية الخروقات الجسيمة بحق المهاجرين الأفارقة.

 

150 جمعية حقوقية تصف اغلاق اسبانيا لملف المأساة ب”الخطير للغاية”

 

وفي السياق, وصفت أكثر من 150 منظمة مدنية وحقوقية اسبانية الحكم الصادر, أول أمس الجمعة عن النيابة العامة الإسبانية, والقاضي بغلق ملف مقتل ما لا يقل عن 37 مهاجرا من دول افريقيا جنوب الصحراء في سياج مليلية ب”الخطير للغاية”, محذرة من مرور هذه المأساة “دون عقاب وتحديد المسؤوليات”.

وشددت الجمعيات على أن الوفيات مرتبطة ب”الاستخدام غير اللائق للقوة من قبل السلطات”, فضلا عن اللجوء “غير السليم” لآليات مكافحة الشغب, وخاصة الخراطم المطاطية ومسحوق الفلفل من مسافة قريبة, و أيضا إغفال الإغاثة.

و أعربت عن أسفها “للإفلات من العقاب” في مواجهة الوضع الذي يبرز “عنصرية مؤسسات الدولة في عدم الاستجابة والتحقيق في مقتل العشرات من الأشخاص”.

من جهتها, انتقدت منظمة العفو الدولية “أمنيستي” قرار النيابة العامة الإسبانية حفظ التحقيق بشأن مأساة 24 يونيو, معتبرة أنه “يشجع على الإفلات من العقاب”.

وكانت النيابة العامة الإسبانية قد أعلنت الجمعة أنها أغلقت تحقيقها في مقتل 37 مهاجرا إفريقيا خلال محاولتهم دخول مليلية في الجيب الاسباني, لأنه لم يتم, وفقها,”العثور على مؤشرات ارتكاب جنح في سلوك عناصر قوات الأمن الإسبانية خلال هذه المأساة”.

ويأتي اغلاق هذا الملف, رغم المطالب الدولية بضرورة اجراء تحقيق حر وشفاف ونزيه للوقوف على حيثيات هذه الجريمة النكراء.

وكان ما يقرب من 2000 مهاجر افريقي من جنوب الصحراء حاولوا دخول مليلية من الناظور (شمال المغرب) يوم 24 يونيو الماضي. وقد أثارت مأساة هؤلاء في ما يعرف ب”الجمعة الاسود”, سخطا دوليا, حيث نددت الأمم المتحدة ب”الاستخدام المفرط للقوة من جانب السلطات المغربية والاسبانية”.

و أظهرت العديد من الصور والفيديوهات التي تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي, استخدام قوات الأمن المغربية للقوة المفرطة ضد المهاجرين, كما وثقت جثث المهاجرين المكدسة فوق بعضها البعض.

وكان تحقيق صحفي أجراه موقع إلكتروني مغربي أكد أن مقتل المهاجرين الأفارقة على يد قوات القمع المخزنية كان “أمرا مدروسا وبصمة المغرب فيه واضحة”, مضيفا أن نظام المخزن يسعى لدفن جثث القتلى دون تشريح “لطمس الحقيقة”.