فند وزير المالية محمّد لوكال تحليلات خبراء الاقتصاد حول توجه الحكومة نحو تخفيض قيمة الدينار الجزائري، مؤكدا أن الأخير يخضع إلى تغيرات السوق المالية لكل من الأورو والدولار، معترفا بالصعوبات المالية التي تمر بها الجزائر خلال الفترة الأخيرة، والتي انعكست بشكل سلبي على الاقتصاد الوطني.
أوضح لوكال أن الأوضاع الاقتصادية في العالم زادت من هشاشة الدول التي تعتمد على النفط، مضيفا خلال جلسة مناقشة أمام اللجنة الاقتصادية لمجلس الأمة خصصت لدراسة «مشروع قانون المالية للعام 2020»، أن زيادة التوتر في التجارة الدولية بين الولايات المتحدة الأمريكية و الصين، زاد من تفاقم اختلال التوازنات الاقتصادية للدول المصدرة للنفط، مما يحتم عليها تطوير مواردها المالية الدائمة خارج صادراتها من المواد الأولية، مضيفا أن السياق غير الملائم الذي يطبع النشاط الاقتصادي العالمي في 2019، يقوي من قناعة المؤسسات الدولية، بأن السنوات المقبلة ستؤثر بشكل أكبر على التوازنات الاقتصادية الكلية و المالية للدول المصدرة للنفط ، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن استمرار هذه الوضعية يشكل بالنسبة للجزائر ضرورة حتمية لتسريع وتيرة تنويع الاقتصاد والتحكم في التحديات الطاقوية .
وتوقع لوكال بلوغ قيمة الدينار الجزائر في سنة 2020 حدود 23 دينارا مقابل واحد دولار، مفندا بذلك تحليلات الخبراء التي أشارت فيها إلى توجه الحكومة نحو خفض قيمة الدينار، قائلا «إن قيمة الدينار تخضع إلى التغييرات المالية التي تعرفها العملة الصعبة في السوق الدولية.».
وعاد لوكال في تقريره إلى الضغوطات الكبيرة التي كانت على خزينة الدولة منذ السداسي الثاني لسنة 2014 ودفعت السلطات العمومية ابتداء من الثلاثي الأخير لـ 2017 إلى اللجوء إلى التمويل غير التقليدي لمواجهة العبء المتزايد للحاجة في تمويل الخزينة العمومية، أمام العجز الكبير المسجل خلال سنتي 2017 و 2018 وبصفة جد جزئية في ميزانية سنة 2019، قائلا إن الاحتياطي الداخلي للخزينة قد تآكل بشكل كلي في فيفري 2017.
و أفاد لوكال بأن هذه الوضعية ساهمت إلى غاية جانفي 2019 في استعمال أزيد من 6 آلاف و956 مليار دينار من التمويل غير التقليدي، مما خفض مستوى الدين العمومي الداخلي بنسبة 37.4 بالمائة من الناتج الداخلي الخام في نهاية 2018 إلى 41.4 بالمائة في 2019، كما تم ضخ 5 آلاف و 945 مليار دينار في الاقتصاد الوطني.
في سياق ذي صلة، أكد المسؤول الأول عن قطاع المالية أن رهان الحكومة الحالي يتمثل في عدم الرجوع إلى التمويل غير التقليدي، وترشيد نفقات الإدارات و واردات السلع و الخدمات، مع تحسين جاذبية الاقتصاد الوطني وتحسن مناخ الأعمال على حد قوله. واعترف المسؤول بالصعوبة المالية التي تمر بها الجزائر خلال الفترة الأخيرة، والتي انعكست بشكل سلبي على الاقتصاد الوطني، جراء تذبذب عائدات البلاد من المحروقات مقابل تسجيل ضغوطات مالية معتبرة، ناجمة أساسا عن ارتفاع مستوى الإنفاق العمومي، قائلا إنه «رغم تسجيل ضغوطات مالية كبيرة على الخزينة، مقابل تذبذب في إجمالي العائدات المتأتية من المحروقات، والتي خلقت ضعفا في مستويات النمو بالنسبة للاقتصاد الوطني، إلا أن ميزانية الدولة ستبقى دون تغيير أو تقليص في حجم التحويلات الاجتماعية الموجهة للجزائريين بهدف الحفاظ على استقرار الوضع الاجتماعي، والمقدرة في خضم مشروع القانون المالية للعام 2020 بـ1.798.3 مليار دج، أي 8.4 في المائة من الناتج الداخلي الخام، مع العمل كذلك على الحفاظ على مختلف التوازنات المالية الداخلية و الخارجية للجزائر، عن طريق سن إصلاحات هيكلية في المنظومة المالية والمصرفية»، مبرزا في السياق أن «تراجع صادرات المحروقات بـ12 في المائة نهاية شهر جويلية المنصرم مقابل 7.3 في المائة سنة 2018، يجعل استعادة التوازنات الميزانية الكبرى وكذا التوازنات الخارجية حتمية تفرض نفسها.».
انخفاض قيمة الدينار يربك سوق العقار في الجزائر !