كورونا “يدمر” السكوار !

كورونا “يدمر” السكوار ! - الجزائر

سجلت أسعار العملة الصعبة في السوق الموازية، خلال الأيام القليلة الماضية، تراجعا كبيرا جراء الإسقاطات التي خلّفها انتشار وباء فيروس كورونا، والتي لم تستثن هذا النوع من المعاملات المالية، وإن كانت تتم خارج الأطر الرسمية والقانونية، إذ أنها تحتكم إلى جملة من العوامل والظروف ترتبط بالمبدأ العام للعمل التجاري وهو قانون العرض والطلب.

تشير التقديرات إلى أنّ تراجع قيمة العملة الوطنية المتداولة في مختلف الساحات والفضاءات التي تمثل السوق الموازية للعملة الصعبة، على غرار ساحة بور سعيد “السكوار” في العاصمة، بلغ حدود 20% بالمقارنة مع المستويات المسجلة خلال نفس الفترة من السنة الماضية، لاسيما وأنّ الفترة الحالية من كل سنة عادة ما ترتبط بارتفاع الطلب على العملة الصعبة (الدولار والأورو بالمقام الأول)، لارتباطها مع قرب فترات العطل والاصطياف، فضلا عن التحضير لأداء مناسك العمرة خلال رمضان، وهي الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع أسعار العملة الصعبة في السوق الموازية.

ويزيد الطلب على “الدوفيز” في السوق السوداء باعتباره الملاذ الأخير والوحيد لكل راغب في الحصول على العملة الصعبة، بصرف النظر عن الغرض منها، كأن تكون السياحة أو الحج أو حتى الدراسة والعلاج في الخارج، كون المنحة السياحية السنوية المقدمة من قبل البنوك لا تتجاوز في أحسن الظروف 120 أورو، وهي القيمة المالية التي لا تغطي تكلفة قضاء ليلة واحدة في فندق محترم، ناهيك عن التكاليف والنفقات الأخرى، بينما تفوق قيمة المنحة السياحية في البلدان المغاربية المجاورة للجزائر 1500 أورو كحد أدنى، الأمر الذي يجعل هذه المنحة الأضعف في المستوى المغاربي فضلا عن العربي.

وبينما يتراجع الطلب على العملة الصعبة، وتوقف نشاط شركات الخطوط الجوية والوكالات السياحية بسبب التداعيات التي تسببها أزمة وباء كورونا، فإنّ قيمة العملات الصعبة على اختلافها لاسيما الدولار الأمريكي والعملة الأوروبية الموحدة “الأورو” يتراجع أيضا بشكل مضطرد، حيث نزل في الأيام القليلة الماضية في سوق السكوار إلى ما دون 180 دينار مقابل الأورو، وهو المستوى الذي لم يسجل في الثلاث سنوات الأخيرة الماضية إلاّ على فترات معينة بسبب ظروف استثنائية سرعان ما عاد بعدها إلى الارتفاع.

ورغم “التضامن” الموجود بين “تجار” العملة الصعبة لفرض منطقهم على “السوق” والتحكم في الأسعار من خلال عدم التعامل بمنطق المنافس بينهم لضمان بقاء سعر العملة الصعبة مرتفع، إلاّ أنّ منطق العرض والطلب فرض نفسه على هذا النوع من المعاملات بطريقة أقوى ودفع الأسعار إلى التراجع بهذه الطريقة، في حين يؤكد المتتبعون بأنّ الأسعار من المتوقع أن تعرف تراجعا أكبر وإن كان بشكل تدريجي، في ظل استمرار تداعيات وباء كورونا على الأنشطة ذات العلاقة باستعمال العملة الصعبة، وفي مقدمتها النشاط السياحي وعمل الوكالات وتوقف شركات النقل عن العمل، وبالتالي، فإنّ سعر وقيمة العملة الصعبة من المنتظر أن تنهار أكثر في السوق السوداء كون الطلب عليها يوشك أن يكون منعدما.

وتضاف إلى هذه المعطيات التوجهات التي تبنتها السلطات العمومية والحكومة في الآونة الأخيرة، من خلال التوجه إلى تفعيل الصيرفة الإسلامية وتمييزها بقانون وتنظيم خاص بنشاطها، وبالتالي فتح باب للمواطنين الراغبين في ادخار أموالهم على مستوى البنوك دون مخافة الوقوع في شبهة الربا.

اقرأ المزيد